التدخينُ عند المراهقين
حسين الكنش
يناير 7, 2024
7 دقائق
حسين الكنش
يناير 7, 2024
7 دقائق
تمهيد:
مع تدهور الأوضاع الصحية في الشمال السوري، وانشغال مديرية الصحة بمتابعة الحالات الصحية الحرجة والمستعجلة، تتفاقم مشكلة التدخين بين الشباب مع غياب الدور التوعوي للجهات المعنية، ووسط المشاهد المتكررة في الشوارع العامة والاستراحات والأسواق لظاهرة التدخين بأشكاله المتنوعة بين المراهقين، هناك غياب تام للإحصائيات المحلية حول الأعداد الحقيقية للمدخنين من الفئات العمرية المختلفة خلال سنوات الحرب، وتشير إحصائية لمنظمة الصحة العالمية تم إجراؤها في العام 2021 إلى أن 24.5.% من الشباب السوري يستهلك التبغ ومن ضمنهم أطفال دون عمر 13 سنة.
التدخين ودوافعه:
يُعرف التدخين (بالإنجليزية: Smoking) بأنّه استنشاق الأبخرة الناتجة عن حرق المواد النباتية، ومن الأمثلة على تلك المواد النباتية الماريغوانا، والحشيش، والتبغ الذي يُعد أكثر تلك المواد شيوعًا، إذ يُستخدم في لفائف السجائر، ويُشار إلى أنّ التبغ يحتوي على مادة النيكوتين التي تتسبب في آثار نفسية محفزة ومهدئة تؤدي إلى إدمانها في حال تدخينها على المدى الطويل، ومن الجدير بالذكر أيضًا أنّ التبغ عُرف قديمًا عند الهنود الحمر وشاع تدخينه، ونَشر المستكشفون بما فيهم كريستوفر كولومبوس تدخين التبغ في القارة الأوروبية، لينتشر لاحقًا في جميع أنحاء العالم.
وعلى الرغم من أضرار التدخين، إلا أن هناك العديد من المراهقين الذي يستمرون بالتدخين ولا يقلعون عنه، ويُعزى ذلك إلى العديد من الأسباب والدوافع، ومنها ما يأتي:
تُعد المراهقة أكثر فترة يتأثر بها الشخص في محيطه، فيعتمد بعض المراهقين إلى التدخين في محاولة لتقليد أقرانهم والانسجام معهم، ووجدت الإحصائيات أنّه من بين كل (10) مراهقين، هناك (9) يكبرون ليصبحوا مدخنين بالغين، ويُذكر أنّ احتمال إدمان النيكوتين يزيد لدى الأشخاص الذين يبدؤون التدخين قبل عمر (18) عامًا وفقاً لرأي الخبراء، كما أنّ هناك من يميل للتدخين في أماكن العمل بغرض تكوين الصداقات.
في حال نشوء المراهق في عائلة يُدخن أحد الوالدين فيها، فهذا يزيد من احتمال أن يكبر هذا المراهق ليصبح مدخنًا.
تؤدي وسائل الإعلام دورًا سلبيًا عند عرض الإعلانات الخاصة بالتبغ، أو عرض الأفلام والمسلسلات التي يكثر التدخين فيها، مما يؤدي إلى تأثر المراهقين وجذب انتباههم لها، حيث إنّ مشاهدة الأفلام التي تصور التدخين على أنّه أمر جيد يزيد احتمالية تدخين المراهقين.
تُشير بعض الدراسات إلى أنّ إدمان بعض المواد المخدرة قد يُعزى إلى عوامل وراثية، وكان النيكوتين ضمن هذه الدراسات، ولكن يجدر الإشارة إلى أنّ دور الوراثة في التدخين لا يعني انتقال جين الإدمان بين أفراد العائلة، وإنّما يدل على قابلية الشخص للإدمان.
يلجأ بعض المراهقين للتدخين بغرض تخفيف أعراض الضغط والإجهاد التي يمرون بها، إذ تمتلك مادة النيكوتين تأثيرًا مهدئًا يمنح شعورًا بالراحة، إلا أنّ هذا التأثير يستمر لفترة وجيزة فحسب، ما سيدفع المراهق إلى التدخين باستمرار بهدف تخفيف الضغط كلما شعروا به، وذلك سيؤدي إلى الإدمان على المدى الطويل.
سيكولوجية المدخن:
لفهم ظاهرة التدخين بشكل أعمق قام عالم النفس إيزنك بدراسة لشخصية المدخن التقليدي، ولاحظ أن الانبساط هو السمة الأكثر ارتباطاً بالتدخين، حيث يميل المدخنون إلى أن يكونوا أشخاصاً اجتماعيين مندفعين يميلون للمخاطرة ويسعون إلى المرح. وعلى الرغم من أن الشخصية والعوامل الاجتماعية من الممكن أن تجعل إقبال بعض الأشخاص على التدخين أمراً محتملاً، فإن العادة نفسها هي عبارة عن اشتراط إجرائي، فخلال المراحل الأولى يمنح التدخين للمراهق إحساساً بالمتعة نتيجةً لتأثيره على نظام عمل هرمون الدوبامين والذي يشكل مصدراً للتعزيز الإيجابي لدى المراهقين، فالنيكوتين الموجود في التبغ يجعل الإقلاع عن التدخين صعباً، حيث يصل النيكوتين إلى الدماغ في غضون ثوانٍ من استنشاقه وفي الدماغ يزيد النيكوتين من إفراز مواد كيميائية في الدماغ تسمى الناقلات العصبية، والتي تساعد في تنظيم المزاج والسلوك، ومن ثم يتم إطلاق الدوبامين، وهو أحد هذه الناقلات العصبية، في مركز المكافأة في الدماغ ويسبب الشعور بالسعادة وتحسين المزاج، وكلما دخن المراهق أكثر ازدادت كمية النيكوتين التي يحتاجها للشعور بالراحة، وسرعان ما يصبح النيكوتين جزءاً من روتينه اليومي ويرتبط بعاداته ومشاعره، وبعد مرور عدة أعوام على سلوك التدخين، يظهر الخوف من ظهور أعراض الانسحاب لدى المراهق المدخن والذي يدفعه إلى الاستمرار في التدخين.
وأرجع (أدلير) التعود على السجائر إلى الإحساس بالدونية، مع الرغبة في التهرب من المسؤولية، وافترض أن الرعاية الزائدة من قبل الوالدين خلال مرحلة الطفولة من شأنها أن تنتج راشداً لا يستطيع أن يواجه أي إحباط في الواقع بدون اعتماده على مادة كيميائية. ويشير كثير من الباحثين إلى التدخين باعتباره أحد أنواع السلوك المدمر للذات، أو نوعاً من الانتحار البطيء، الذي يعبر بواسطته الفرد عن رغبته اللاشعورية في تحطيم الذات، وأن المدخن يلتهم الدخان مندمجاً مع الرغبات العدوانية اللاشعورية، ويذكر أن من المواقف التي تزيد الرغبة في التدخين ما يأتي:
يصرح المراهقون أن عدة أسباب تدفعهم إلى التدخين، أكثرها وروداً هي:
وهذه الأسباب عند الذكور وعند الإناث، وتوجد فوارق قليلة على حسب الجنس، وأكثر الأسباب وروداً هو أن الإناث يصرحون بأن تدخين السجائر يجعلهن يواجهن الأحاسيس السلبية (اكتئاب، قلق، مزاج سيء)، بينما يبحث الذكور على تعزيز أحاسيس لمناسبات سعيدة (حفلة، أوقات مميزة).
وحسب موقع الجمعية السويسرية للوقاية من التدخين، هناك اختلاف واضح جدًا بين مجموعات أعمار (13 – 16) سنة و(17 – 19) سنة كالآتي:
المجموعة الأولى: الأقل عمراً، تتأثر بالمظاهر، تأثير الأصدقاء، فهي تدخن لأن التدخين رائع وهذا يٌعلم الشطر الأول من المراهقة حيث قبل أن تثبت أنفسهم كأفراد تحاول الانتماء إلى مجموعة تسايرها تفعل ما يفعله الآخرين في مثل سنهم.
المجموعة الثانية: يدخنون بالعادة أو أن التدخين يساعدهم على الاسترخاء، وتدفعهم الخبرة والنضج إلى الوعي بإدمانهم على النيكوتين، ولكن لدى معظمهم يكون الوقت قد فات ويصبح الإقلاع صعب التحقيق.
أعراض التدخين:
على الرغم من اعتبار الكثير من المُدخنين السجائر طريقة لتخفيف التوتر النفسي، والمساعدة على الاسترخاء، وتهدئة الغضب، إلا أنّ الدراسات العلمية الموثوقة أثبتت بالدليل القاطع أنّ المُدخّنين يُعانون من ضغوطات نفسية أكثر من أقرانهم. ومن أهم الاعراض النفسية القلق والاكتئاب وصعوبة التركيز والغضب.
التدخين يتسبّب بارتفاع هرمون الأدرينالين وتثبيط إفراز هرمون الإنسولين الذي يُسبب ارتفاع مستوى سكر الجلوكوز في الدم، وإنّ ارتفاع سكر الدم يعمل كمُثبّط للشهية، الأمر الذي يُشعر المُدخّن بالشبع وضعف الشهية، بالإضافة إلى شعور الشخص الذي أقلع عن التدخين في رغبة شديدة في العودة إلى التدخين بعد ثلاثة أيام من تركه، وقد يُعاني بعض الأشخاص من السعال عند إقلاعهم عن التدخين، ولكن هذا الأمر ليس شائعاً عند الجميع، ويجدر ذكره أنّ هذه المشكلة عادة ما تكون مؤقتة الحدوث وسرعان ما تختفي، وقد وجدت بعض الدراسات أنّ كثيراً من الأشخاص الذين أقلعوا عن التدخين عانوا من قروح في الفم، وأعراض تُشبه أعراض نزلات البرد من سعال، وعطاس، وألم في الحلق، وقد كان ذلك خلال الأسبوعين الأول والثاني من وقت الإقلاع عن التدخين، ولكن بشكل عام إنّ أغلب هذه الأعراض لا يطول ظهورها، كما تجدر الإشارة إلى أنّ مشكلة الصداع غالباً ما تختفي خلال الأسابيع القليلة الأولى من الإقلاع عن التدخين، كما أنّ النيكوتين يُسبب تضيقاً في الأوعية الدموية، وهذا ما يُقلل كمية الدم الواصلة إلى الدماغ، وقد يُحفّز حدوث نوبات الصداع النصفي، أما بالنسبة لاضطرابات النوم فإنّ هذه الأعراض سرعان ما تختفي مع مرور الوقت، كما أنّ التوقف عن التدخين بشكل مفاجئ قد يُسبب بعض الاضطرابات على مستوى الجهاز الهضمي، والتي عادة ما تتمثل بحدوث اضطراب في حركة الأمعاء وانقباضها، وهذا ما يُبطّئ حركة الطعام خلالها، والذي قد يؤدي إلى الإمساك، ويمكن الحد من هذه المشكلة بالحرص على الإكثار من شرب الماء، مع ضرورة تناول الأطعمة الغنية بالألياف.
التغيرات التي تحدث عند المدخن بحسب المدة الزمنية لآخر سيجارة تم تدخينها:
النتائج المتوقعة | ملاحظات | |
20 دقيقة | انخفاض ضغط الدم ومعدل نبض القلب | غالباً ما يشعر الشخص المدخن ببرودة الأيدي والأقدام ستبدأ باستعادة الحرارة |
6-4 ساعات | أنفاس أكثر انتعاشاً / انخفاض نسبة النيكوتين مما يؤدي لظهور أعراض انسحاب النيكوتين مثل التهيج والأرق | ذكِّر نفسك أن جسمك سيكون أكثر صحة بدون التدخين |
6 ساعات | يتباطأ معدل ضربات القلب إلى طبيعته ويصبح ضغط الدم أكثر استقراراً | ستلاحظ أنك أقل تعباً |
24 ساعة | يبدأ خطر الإصابة بنوبة قلبية في الانخفاض | السبب انخفاض مستوى أول أكسيد الكربون في الدم بينما يرتفع مستوى الأوكسجين |
3 أيام | تشتد الرغبة للنيكوتين وتظهر الأعراض الانسحابية بقوة | ستشعر بالتحسن في الأيام القادمة |
12-4 أسبوع | يزيد مستوى فيتامين C وتنمو النهايات العصبية المتضررة وتتلاشى أعراض الانسحاب ويقل التوتر | توتر أقل وقدرة أكبر على التذوق والشم ، وللنساء فرصة أكبر للحمل وللرجال قد يمنحك ذلك قدرة أكبر على الانتصاب |
سنة | تكون قد خفضت مخاطر تضيق الأوعية الدموية والإصابة بالنوبة القلبية إلى النصف وتجنبت آلاف المواد السامة العديد منها مسبب للسرطان | لم تعد مدمن على النيكوتين |
نصائح للمساعدة على الإقلاع عن التدخين:
المراجع: