التوجه نحو الحياة
هشام الشيخ
سبتمبر 4, 2021
5 دقائق
هشام الشيخ
سبتمبر 4, 2021
5 دقائق
يحتاج الإنسان إلى وجود معنى لحياته حتى يتجه نحوها اتجاه إيجابي يجعل منه إنسان فعال في مجتمعه، ويختلف الافراد في توجهاتهم باختلاف معتقداتهم وبيئاتهم والتحديات التي يواجهونها ولا سيما المهجرين قسراً الذين تركوا أرضهم ومنازلهم ليقطنوا أرضاً وبيئةً جديدة تختلف عن بيئتهم في عاداتها وتقاليدها وتضاريسها، حيث إنّ هذه العوامل تؤثر على توجه هؤلاء نحو الحياة والذي بدوره يعكس صورة سلبية عن الحياة. فأن (كارفر وشاير) يشيران إلى إنّ أصحاب النظرة الإيجابية والتفاؤلية للحياة هم غالباً يملكون وسائل التعامل مع المواقف الضاغطة مقارنة بغيرهم من أصحاب النظرة السلبية للحياة (عبد صحبه، 2016).
وإن توقع الانسان لإحداث الحياة بإيجابية ينعكس على الصحة النفسية ويولد نضج والذي بدوره يرتبط بالفرد ويمتد عبر مراحل النمو كافة.
يعتبر موضوع التوجه نحو الحياة من المواضيع المهمة في علم النفس لما لهما من تأثير في سلوك الافراد وفي حالتهم النفسية، فعندما تلبي جميع حاجات الفرد سيشعر بالتوجه الإيجابي نحو الحياة ويستطيع أن يحقق أهدافه مما يجعله يشعر بالسعادة والرضا، ويحفزه على أن يقبل نحو الحياة بهمة ومثابرة ورغبة ويضع في اعتباره احتمالات النجاح، أما إذا فشل الفرد في اشباع حاجاته فإنّه يشعر بالتوجه السلبي نحو الحياة وأنّه لا يستطيع أن يحقق أهدافه مما يشعر باليأس وفقدان الامل، ويقبل نحو الحياة بتردد وتوقع الفشل، وهو دائماً متشكك في النجاح مما يؤدي إلى اضطرابه احياناً.
تجب الإشارة إلى أن هناك مصطلحات ومفاهيم قريبة ومرتبطة بمفهوم التوجه نحو الحياة، وهي: التفاؤل، التشاؤم، الرضا عن الحياة.
التفاؤل optimism يعرفه مارشال وزملاؤه (Marshall& Lang, 1990) أنّه استعداد شخصي للتوقع الايجابي للأحداث، ويرجع التفاؤل إلى الاعتقاد بأن المستقبل عبارة عن مخزن الرغبات أو الطموحات المطلوبة بغض النظر عن قدرة الفرد على السيطرة عليها، أو تحقيقها، أما شاير وكارفر (2003 Sheier &Carver) عرفا التفاؤل أنه الإقبال على الحياة بإيجابية، والاعتقاد بإمكانية تحقيق الرغبات مستقبلا، وبأنه استعداد لتوقع حدوث الأشياء الجيدة والإيجابية.
التشاؤم pessimism أنه استعداد شخصي أو سمة كامنة داخل الفرد تؤدي إلى التوقع السلبي للأحداث، ويعرف تايلور التشاؤم بأنه نزعة تشاؤمية تشير إلى توقع عام لحدوث نتائج سلبية أكثر من الإيجابية على أن تكون سمة ثابتة نسبية.
الرضا عن الحياة Life Satisfactio يعني حسب (الدسوقي، 1999)، تحمس الفرد للحياة والإقبال عليها والرغبة الحقيقية في أن يعيشها، ويتضمن ذلك عددا من الصفات أهمها، الاستبشار، التفاؤل وتوقع الخير، والرضا عن النفس وتقبلها واحترامها (علي، 2016).
التوجه نحو الحياة: يعرفه تايجر tiger,1979)) إنّه دافع بيولوجي يحافظ على بقاء الإنسان ويعد الأساس الذي يمكن الافراد من وضع الأهداف والالتزامات (هادي، 2008).
وعرفه (شاير وكارفر 1985) التوجه نحو الحياة بأنّه: النزع أو الميل للتفاؤل أي التوقع العام بحدوث أشياء أو أحداث حسنة بدرجة أكبر من حدوث أشياء أو أحداث سيئة وهي سمة مرتبطة غالباً بالصحة النفسية الجيدة (علي، 2016).
ويعرفه (السيد علي، 2010) بأنّه: سمة في الشخصية توسم بأنها رؤية ذاتية إيجابية واستعداد كامن لدى الفرد – غير محدودة بشروط معينة – يمكنه من توقع البشر، وإدراك كل ما هو إيجابي من أمور الحياة الجيدة وغير الجيدة وذلك بالنسبة للحاضر الحالي والمستقبل القادم (المطيري،2008).
يرى (أبو حلوة، 2006) أنّه يمكن تحديد ثمانية أبعاد عامة تؤدي إلى إمكانية تقييم التوجه نحو الحياة لكل إنسان، ويرى أن دورة الحياة والخبرات المتباينة التي نتعرض لها في كل مرحلة من مراحل حياتنا تلعباً دوراً شديد الأهمية في واقع الأمر ثباتاً أو تغييراً لرؤيتنا حول توجهنا نحو الحياة، وأنه لا يوجد لهذه الأبعاد تنظيم هرمي محدد ثابت، بل ينظم كل فرد هذه الأبعاد في بناء هرمي خاص وفق أولوياته ورؤيته الذاتية لأهمية كل قيمة بالنسبة لتوجههم نحو الحياة، ومع ذلك يمكن القول بأن ترتيب هذه الأبعاد حسب أولوياتها يعتمد على الثقافة التي يعيش في إطارها هذا الفرد وهذه الأبعاد هي:
إذا كنا نعقد أن نجاحنا يرجع إلى جهودنا فأننا نعتز بإنجازاتنا ونميل إلى العمل بجد أكبر لتحقيق اهدافنا، وهناك كثير من العوامل المحددة التي يفترض أن تحدد سمات الافراد في التوجه نحو الحياة.
1_العوامل البيولوجية: تتضمن المحددات الوراثية أو الاستعدادات الموروثة وقد يفترض بعض العلماء أن لهذه المحددات دوراً هاماً في التوجه نحو الحياة.
2_ العوامل الاجتماعية: تتمثل العوامل الاجتماعية في التنشئة الاجتماعية التي تطبع الشخص وتساعده على اكتساب اللغة والعادات والقيم والاتجاهات السائدة في مجتمعه، ومن المتوقع ان يكون للعوامل الاجتماعية دور كبير في التوجه الإيجابي او التوجه السلبي نحو الحياة.
حيث تلعب أساليب التنشئة الاجتماعية التي تتبعها الاسرة في تربية أبنائها دوراً هاماً في نمو أبنائها، فكلما كانت عملية التنشئة الاجتماعية إيجابية وتشعر الطفل بأهميته وقيمته واحترامه وتقديره وبانه مرغوب فيه كلما كان الطفل أكثر توافقاً، ويكون توجهه للحياة إيجابي فالأسرة التي يسودها السلام والاستقرار تعكس جواً يسوده الحب والتفاؤل، بينما الاسرة التي يسودها جواً من التوتر وعدم الاستقرار والمشاحنات والخلافات والتفكك قد ينعكس سلباً على شخصية الطفل ونظرته للحياة التي قد تتسم بالتوجه السلبي نحو الحياة.
3_ مواقف اجتماعية مفاجئة: إن الفرد الذي يصادف في حياته سلسلة من المواقف المحبطة او العصبية المفاجئة يميل في اغلب الأحيان إلى التوجه السلبي والعكس الصحيح (صالح، 2013).
يشير (على، 2010) إلى أن التوجه نحو الحياة يتحقق من خلل المصادر التالية وهي على النحو التالي:
يرى فرويد أن التوجه الإيجابي هو قاعدة عامة للحياة ويعتقد أن الشخص يكون ذا توجه إيجابي ما لم يقع حدث يسبب له عقدة نفسية، والفرد قد يكون لديه توجهاً إيجابياً نحو الحياة أو متفائلا ًجداً إزاء أحد المواضيع أو المواقف، فتقع له حادثة مفاجئة وتجعله ذو توجه سلبي نحو الحياة متشائماً جداً من الموضوع ذاته، ويرى فرويد أن منشأ التوجه نحو الحياة يرجع إلى المرحلة الفمية من الحياة بوصفه سمة أو نمط شخصي، الذي يكون ناتج عن عملية التثبيت فيه نتيجة التدليل في الاشباع الفموي أثناء رضاعته (عبد صحبه، 2016).
يشير كارفر من شاير وكارفر أن الأساس النظري في نظريتهما حول التوجه نحو الحياة هو الضبط السلوكي للذات أو التنظيم في ربطها بالتوقعات المستقبلية لدى الفرد في الاحداث أو عواقب الأمور، ويرى شاير وكارفر أيضاً أن النظرة الإيجابية ترتبط بمدى التوجه الإيجابي نحو تحقيق الأهداف، فالانفعالات الإيجابية لا ترتبط بالخبرة الخاصة بمدى التوجه نحو تحقيق الأهداف بل بتوقع النتائج الإيجابية للأحداث (النظرة الإيجابية)، أما النظرة السلبية ترتبط بمدى الابتعاد عن الأهداف التي ترتبط بتوقع النتائج السلبية للأحداث (النظرة السلبية) (محبس، 2016).
من خلال ما تم عرضه أن تعرض الفرد للضغوط النفسية والمواقف الصادمة والامراض الجسمية قد يكون له أثر بالغ على حالة الفرد النفسية وتوقعاته ونظرته للحياة، والتي قد يشوبها التوجه السلبي نحو الحياة، ويعد الفرد ذو التوجه الإيجابي صاحب تفكير منطقي فهو لا يخلط بين ما يتمناه وبين ما هو حقيقي، فهو شخص يساير الواقع ويعمل على أساسه ويعمل من خلال هذا الواقع على تطوير ذاته، فالفرد الذي ينظر للحياة نظرة للحياة نظرة إيجابية لديه رغبة بتطوير ذاته والانتقال إلى ذات افضل بحيث يشكل الصورة التي يرغب بها، فهو يحاول دائماً الظهور بصورة جميلة مرضية وهذا ما يدفعهم للكفاح والنجاح بإصرار للتغلب على الصعوبات في نهاية الأمر.
– المطيري، أمل (2008). قلق المستقبل وعلاقته بالتوجه نحو الحياة لدى عينة من السجينات بمدينة جدة. السعودية. (23)
– صالح، عايدة (2013). الشعور بالسعادة وعلاقتها بالتوجه نحو الحياة لدى عينة من المعاقين حركياً المتضررين من العدوان الإسرائيلي على غزة. مجلة جامعة الأقصى، المجلد (17)، العدد (1). (89-90)
– علي، بشرى (2016). التوجه نحو الحياة وفق بعض المتغيرات دراسة ميدانية على عينة من المدرسات والاداريات والمستخدمات في بعض المدارس الحكومية. مجلة جامعة دمشق، المجلد (32)، العدد (2). (228-229)
– النجار، جودت (2020). إستراتيجيات المواجهة واليقظة الذهنية كمنبئات بالتوجه نحو الحياة لدى الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية. كلية التربية، قسم علم النفس، جامعة الأقصى: فلسطين. (52-54)
– عبد صحبه، زينة (2016). المرونة النفسية وعلاقتها بالتوجه نحو الحياة لدى طلبة كلية الآداب. جامعة القادسية: بغداد، العراق. (210-43-44)
– هادي، نورس (2008). تعريب مقياس التوجه نحو الحياة واشتقاق المعايير له، جامعة بابل: العراق. (2)
– محبس، نداء (2016)، التوجه نحو الحياة وعلاقته بالرفاه الذاتي لدى طلبة الجامعة. الجامعة المستنصرية: بغداد، العراق. (56)