تفنيد أسطورة أنماط التعلم
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
مايو 18, 2023
3 دقائق
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
مايو 18, 2023
3 دقائق
هل قال لك أحد من قبل “أنا متعلم بصري؟” إنها عبارة شائعة تستند إلى الإيمان بأنماط التعلم؛ والأنماط الأكثر شيوعاً هي الأنماط المرئية والسمعية والحسية، والتي تفترض أن بعض الأفراد يتعلمون بشكل أفضل من خلال النظر إلى الصور، بينما يتعلم بعضهم الآخر بشكل أفضل من خلال الاستماع، ويتعلم الآخرون بشكل أفضل من خلال الأنشطة العملية. لقد أثر الافتراض القائل بأن الطلاب لديهم أنماط تعلم مفضلة وأنهم يتعلمون بشكل أفضل من خلال هذه الأساليب على ممارسات المعلم لعقود، على الرغم من عدم توفر أدلة على وجود هذه الأنماط.
وفقاً للدكتورة Rachel L. Schechter أظهرت الدراسات أن 90٪ على الأقل من المعلمين يؤمنون بأسطورة أنماط التعلم؛ وهي فكرة أن الطلاب لديهم أنماط تعلم مختلفة، وأن أداء الطلاب يكون أفضل عندما يصمم المعلمون التعليمات وفق أسلوبهم السائد؛ على سبيل المثال من خلال تقديم التعليمات شفهياً للمتعلمين السمعيين، أو بصرياً للمتعلمين المرئيين، أو التدريب العملي للمتعلمين الحسيين. (L. Schechter,2019)
لدى أستاذ العلوم المعرفية في جامعة فيرجينيا Daniel Willingham عدد من التفسيرات المفيدة حول سبب استمرار أسطورة أنماط التعلم في التعامل مع الناس؛ إذ يوضح Willingham أن لدينا أنظمة للذاكرة السمعية والذاكرة البصرية والذاكرة العضلية في الدماغ، وقد يكون أحدها أقوى أو أضعف من الآخر، ويميل الناس إلى تفسير قوة الذاكرة هذه على أنها أسلوب تعليمي سائد، وهذا هو المكان الذي نقع فيه في المشاكل، ولا تصمد نقاط القوة هذه عندما نضع معنى للصوت أو الصورة أو الحركة التي تعتمد على أجزاء أخرى من الدماغ للاحتفاظ والتذكر والتطبيق على المواقف الجديدة.
ربما بسبب جاذبية النظرية كان هناك كثير من الدراسات التي تركز على أنماط التعلم، وقد وجد Harold Pashler وزملاؤه أن عدداً قليلاً جداً من الدراسات قد استخدمت منهجية تجريبية قادرة على اختبار صحة أنماط التعلم كما هي مطبقة في مجال التعليم، ومن بين أولئك الذين استخدموا أسلوباً علمياً مناسباً أسفر العديد منهم عن نتائج تناقض ببساطة النظرية الشائعة! (Pashler et al., 2008)
إذا كنت أعتقد أنني أتعلم بشكل أفضل باستخدام نمط تعليمي واحد فقط، فقد أرفض الأنماط أو الاستراتيجيات التي تتعارض مع هذا النمط على الرغم من أنها قد تساعدني في التعلم، وبالمثل قد لا يقدم المعلمون للطلاب معلومات بطرق كان من الممكن أن تكون مفيدة بسبب الافتراضات حول كيفية تعلمهم بشكل أفضل، وهذه العقلية الثابتة والتي هي التفكير “لا أستطيع تعلم هذا” يمكن أن يكون لها تأثير سلبي متصاعد، وعوضاً عن ذلك قد يستفيد التدريس سريع الاستجابة من أنماط متعددة؛ مثل النصوص والصور والفيديو والصوت والأنشطة العملية، ويدعم بالوقت نفسه الفروق الفردية للطلاب لدعم عقلية النمو. (L. Schechter,2019)
من المهم أن نكون واضحين بشأن ما ينتقده الباحثون بالضبط عندما يتحدثون عن أسطورة أنماط التعلم؛ إنهم لا يقولون إنه لا توجد فروق بين الطلاب، أو أن مناهج التدريس المخصصة لا يمكن أن تكون مفيدة أبداً، فهناك كثير من الاختلافات الفردية بين الطلاب؛ مثل الموهبة والمعارف السابقة والاهتمامات، ويتفق الباحثون على أن التدريس مع مراعاة هذه الاختلافات يمكن أن يكون له تأثير إيجابي.
سيوفر التدريس والتقييم بطرق متعددة مجموعة متنوعة من أنواع العرض لجميع الطلاب ودعم التعلم الأعمق، يجب أيضاً اختيار الطرائق التي تتناسب بشكل أفضل مع المحتوى الذي تحاول تقديمه، وعلى الرغم من أن جميع الدروس قد لا تفضي إلى تجربة عملية إلا أننا نريد أن تكون الدروس تفاعلية وجذابة باستخدام الأسئلة والعروض التوضيحية، ويمكن لمشاركة تبادل الأدوار والمحادثات أو التفكير الثنائي أن تنعش انتباه المتعلمين وتدعم تفاعلهم مع تدفق المعلومات.
يمكن أن تكون العناصر المرئية قوية ولكن إذا لم تتسق مع أهداف الدرس فقد تشتت الانتباه، وبالمثل يمكن للفكاهة أو رواية القصص أن تضعف التعلم إذا لم تتسق جيداً مع أهداف التعلم.
ضع في حسابك كيف ستقيم فهم الطلاب وبعد ذلك انظر إلى خطط دروسك وتحقق من أن النصوص والصور والأنشطة كلها تدعم الطلاب بدقة في الوصول إلى أهدافك التعليمية.
من خلال تقديم فرص التعلم التي تستفيد من طرائق وسياقات متعددة من المرجح أن تمتزج مع اهتمامات الطلاب وثقافتهم، وبالنظر إلى عدد الطلاب لديك في فصلك فإن تقديم أربع طرق مختلفة لاستكشاف أحد المفاهيم سيزيد من احتمالية أن واحدة على الأقل من هذه الطرق ستظل ثابتة مع كل من طلابك، كما أن توفير عدة خيارات للطلاب للاختيار من بينها سوف يدعم أيضاً دوافعهم الذاتية.
كلما عرفت طلابك بشكل أفضل سترى نتائج أقوى.
تُظهر الأبحاث أن الطلاب يستفيدون عند منحهم فرصاً للتفكير في المهام والاختبارات والأنشطة، وأن نتائج التعلم تتحسن عندما يساعد المدرسون الطلاب في التفكير في كيفية رسم الروابط أو استيعاب المحتوى أو التوصل إلى استنتاجات، وتساعد عملية ما وراء المعرفة الطلاب على التفكير في تفكيرهم، وتساعد الطلاب على تحديد طرق لتحسين تعلمهم وتجنب عادات التفكير أو الدراسة الضعيفة. (Learning Styles as a Myth”,2020″)
لكي نكون واضحين هذا لا يعني أنه يجب على المعلمين تدريس كل شيء بالطريقة نفسها تماماً، فإن بعض الموضوعات تكون أكثر ملاءمة لأنماط معينة من غيرها؛ على سبيل المثال من المحتمل أن يستخدم المعلم الجيد الكثير من الصور والنماذج عند تعليم الطلاب الصغار حول الأشكال والأنماط، وبالنسبة لموضوعات أخرى؛ مثل تعلم كيفية نطق كلمات معينة، سيوفر المعلم كثيراً من التعليمات والتمارين اللفظية.
ويكون تدريس بعض الموضوعات بشكل أفضل من خلال مزيج من الأنماط البصرية والسمعية واللمسية الحركية؛ فعند التدريس عن النظام الشمسي، على سبيل المثال، من المنطقي إعطاء الطلاب صوراً للكواكب، وتقديم وصف شفهي مفصل، والسماح لهم بالعمل باستخدام نموذج فيزيائي دقيق للنظام الشمسي، وهذا منطقي أكثر بكثير من تصنيف الطلاب في مجموعات أنماط التعلم الفردية.
ببساطة، يجب أن يكون المعلمون أحراراً في تقديم دروس في الفصل بالكامل إلى أقصى حد ممكن، وستحدد طبيعة المحتوى الذي يُدرّس إلى حد كبير الطريقة الأنسب لكل درس، ولن يكون هذا استخداماً أكثر كفاءة لوقت المعلم فحسب، بل سيساعد الطلاب أيضاً على التعلم بشكل أكثر فعالية.
في الختام هناك بالتأكيد العديد من الطرق لتعلم مفاهيم ومهارات جديدة، إلا أن هذا لا يعني أن يمتلك الطلاب طريقة أو طريقتين فقط يمكنهم التعلم من خلالها، وصحيح أن للطلاب تفضيلات في كيفية تعلمهم، لكن هذا التفضيل لا يؤدي بالضرورة إلى تعلم أفضل، ولعل من الأفضل أن تتحدث مع طلابك عن نقاط القوة والضعف في أسلوب تعلمهم، وتشجعهم في النهاية على تقوية نقاط الضعف لديهم، لأن التكيف مع طرائق التعلم المتنوعة سيؤدي في النهاية إلى متعلمين أفضل.
https://poorvucenter.yale.edu/LearningStylesMyth