تأثير الإعاقة السمعية على النمو

مقدمة:

تؤثر الإعاقة السمعية على الخصائص النمائية المختلفة للشخص المعاق سمعياً وبطرق مختلفة، لأن مظاهر النمو مترابطة ومتداخلة، ولكن الإعاقة السمعية ليس لها التأثير ذاته على جميع الأشخاص المعوقين سمعياً بسبب الفروق الفردية فيما بينهم.

وقد صنفت الجمعية الأمريكية للكلام واللغة والسمع (ASHA, 2016, 1) أربعة أبعاد تتأثر بوجود الإعاقة السمعية: تأخر في نمو اللغة الاستقبالية والتعبيرية ومهارات الاتصال، وعجز اللغة تسبب مشاكل في التعلم مما يؤدي إلى مشاكل أكاديمية، وصعوبة في الاتصال مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية وسوء التقدير الذاتي، قد يكون لها تأثير على الخيارات المهنية.

ويذهب (بات هفس Pat Hughes) بأن الإعاقة السمعية تؤدي إلى عدم الاستجابة الكافية للمحفزات الاجتماعية واللغوية والسمعية، مما يعوق نمو الطفل الاجتماعي والعاطفي ويعرقل قدرته للتكيف العائلي. وتتباين تأثير الإعاقة من طفل إلى آخر فالفروق الفردية فيما بينها كبيرة مما يجعل من الصعوبة تحديد خصائصهم بدقة والتعامل معهم بأسلوب واحد، فقدراتهم متباينة، ومهاراتهم مختلفة، وخبراتهم متفاوتة، ومشكلاتهم ليست واحدة دائماً، وحياتهم مختلفة.

نقلاً عن نيسان ،2009،ص.77) Pat Hughes,1998)

فما هي العوامل المؤثرة في نمو الطفل ذوي الإعاقة السمعية وما هي خصائصه؟

العوامل المؤثرة على نمو الطفل المعاق سمعياً:

العمر عند الإصابة بالإعاقة.

درجة الإعاقة السمعية.

الوعي الذاتي لدى الأطفال المعاقين سمعياً.

انفعالات الآباء والأسر والاستجابات السلوكية للأسرة.

الوضع الاقتصادي والتربوي للأسرة.

مدى الإثارة السمعية وتوفير بيئة لغوية غنية للشخص المعاق سمعياً.

مستوى المدخلات اللغوية والتعرض للغة الإشارة في عمر مبكر ونموذج التواصل المستخدم في الأسرة والمدرسة.

الخصائص الصوتية والقدرة على الكلام:

يمتاز كلام المعاقين سمعياً بالخصائص التالية:

طبقة صوت عالية.

صوت رتيب أو ذو نغمة مفردة وتيرية.

كلام ذو مستوى بطيء نسبياً.

إيقاع ضعيف وسوء توقيت في الكلام.

الكلام مجهد ويحتاج إلى نفسٍ أكثر.

الكلام يمتاز بضعف ضبط التنفس.

الأطفال الصم لديهم صعوبة في إنتاج ونطق الحروف المتحركة أكثر من الساكنة.

بعض الحروف الساكنة تحذف وبعضها الآخر مشوه.

الطلبة المعاقون سمعياً لا يستطيعون التمييز بين السواكن المجهورة والمهموسة.

الطلبة المصابون بإعاقة سمعية شديدة إلى شديدة جداً لديهم كلام غير واضح.

الأشخاص الصم وذوو الفقدان السمعي الشديد يظهرون الخصائص الكلامية التالية:

في الأصوات المتحركة: إبدال، حيادية، إطالة -ازدواجية، أخطاء في الأصوات المركبة (إطالة أو حيادية).

في الأصوات الساكنة:

حذف، إبدال، تشويه

التأثيرات ما فوق المقطعية: أخطاء في (التنغيم، طريقة التعبير، التوقف، المعدل أو النسبة، ضبط التنفس، نبرة الصوت، ضبط علو الصوت، ضبط طبقة الصوت).

إن وضوح الكلام لدى الأشخاص المعاقين سمعياً يتأثر بالعوامل التالية:

درجة الإعاقة السمعية.

طرق التواصل معهم.

الدمج الأكاديمي مع أقرانهم السامعين.

الخلفية الثقافية واللغوية.

وجود إعاقات أخرى.

العمر عند الإصابة بالإعاقة السمعية. (الزريقات،2003، ص.183-184)

الخصائص اللغوية:

النمو اللغوي هو أكثر مظاهر النمو تأثراً بالإعاقة السمعية، فالإعاقة تؤثر سلباً على جميع جوانب النمو اللغوي، وبدون تدريب منظم ومكثف وتعليم هادف لن تتطور لدى الشخص المعوق سمعياً مظاهر النمو اللغوي الطبيعية. ويعزى ذلك لغياب التغذية الراجعة السمعية عند صدور الأصوات، وعدم الحصول على تعزيز لغوي كاف من الآخرين. وفي حالة اكتسابهم للمهارات اللغوية فإن لغتهم تتصف بكونها غير غنية كلغة الآخرين، وذخيرتهم محدودة، وألفاظهم تتصف بالتمركز حول الملموس، وجملهم أقصر وأقل تعقيداً، وكلامهم بطيء، ونبرته غير عادية.

معظم الصم لديهم درجة معينة من السمع المتبقي وخاصة في مجال الترددات المنخفضة، وهذا السمع الوظيفي يمكن بالتدريب أن يقوى، ويمكن للصم استخدامه لفهم الأصوات في البيئة المحيطة بهم لفهم الكلام واستخدامه، لذا فالتدريب السمعي والسماعات الطبية ضرورية لمعظم الأفراد المعوقين سمعياً.

الخصائص المعرفية:

مستوى ذكاء الأشخاص المعوقين سمعياً كمجموعة لا يختلف عن مستوى ذكاء الأشخاص العاديين، لأن اختبارات الذكاء تعتمد على المهارات اللغوية، وإذا استخدمت دون تكييف فقد يصنف المعوق سمعياً بالخطأ على أنه متخلف عقلياً، ولذا يجب الاعتماد على اختبارات ذكاء غير لفظية لتقييم أداء الأشخاص المعوقين سمعياً، بالإضافة لتوفير طرق تعليم فعالة وتزويدهم بالإثارة المناسبة من قبل الآباء.

المعوقون سمعياً لديهم القابلية للتعلم والتفكير التجريدي (مالم يكن لديهم تلف دماغي مرافق للإعاقة).

المفاهيم المتصلة باللغة هي وحدها الضعيفة لدى المعوقين سمعياً.

إن لغة الإشارة التي يستخدمها المعوقون سمعياً لغة حقيقية، ولتطوير مظاهر النمو المعرفي للأطفال المعوقين سمعياً يقترح استخدام مثيرات حسية متعددة في المواقف التعليمية (أصوات – حركة – ألوان – روائح – أنماط مختلفة – ألعاب – أنشطة متنوعة)، أي استخدام خبرات لمسية وحركية وبصرية وسمعية متنوعة وخاصة في المراحل العمرية المبكرة.

الخصائص الجسمية والحركية:

إن الفقدان السمعي ينطوي على حرمان الشخص من الحصول على التغذية الراجعة السمعية المناسبة (مشكلات التواصل)، مما يؤثر سلباً على وضعه في الفراغ، وعلى حركات جسمية محدودة، ويضع حواجز وعوائق أمامه لاكتشاف البيئة والتفاعل معها. وقد تتطور لديهم أوضاع جسمية خاطئة، أما النمو الحركي للمعوقين سمعياً فهو متأخر عن العاديين، (بعضهم يمشي بطريقة مميزة فلا يرفع قدميه عن الأرض لعدم مقدرتهم على سمع الحركة، وربما بسبب الشعور بالأمن عندما تبقى القدمان على اتصال دائم بالأرض).

التحصيل الأكاديمي:

التحصيل العلمي للمعوقين سمعياً عموماً والصم خصوصاً منخفض عن تحصيل الطلاب العاديين، وخاصة التحصيل القرائي، وبتأثر ذلك بعدة عوامل أهمها:

  • تأثير الإعاقة السمعية على النمو اللغوي.
  • فعالية طرق التدريس المستخدمة معهم.
  • المتطلبات اللغوية ومستوى تعقدها.
  • شدة الإعاقة السمعية.
  • العمر عند حدوث الإعاقة السمعية.
  • الدعم الذي يقدمه الوالدان.
  • الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة.
  • الوضع السمعي للوالدين.
  • القدرات العقلية والشخصية للمعوقين سمعياً.

الخصائص الاجتماعية -الانفعالية:

قد يعاني المعوقون سمعياً من عدم النضج الاجتماعي والاعتمادية، بسبب افتقارهم للقدرة على التواصل الاجتماعي وأنماط التنشئة الأسرية.

المعوقون سمعياً يظهرون درجة عالية من التمركز حول الذات، وصعوبات في التكيف الاجتماعي، لأنهم كثيراً ما يتجاهلون مشاعر الآخرين ويسيئون فهم تصرفاتهم، كما يشعرون أن الأشخاص السامعين يواجهون صعوبات في فهم أفكارهم بسبب مشكلات التواصل معهم. ويميل المعوقون سمعياً وبخاصة الصم للتفاعل فيما بينهم أكثر من أي فئة من فئات الإعاقة الأخرى، بسبب حاجتهم إلى التفاعل الاجتماعي والشعور بالقبول من الآخرين، مما ينمي مفهوم الذات لديهم.

إن الظروف البيئية غير الجيدة وشعور المعاق سمعياً بالرفض من قبل الآخرين يؤثر سلباً على تكيفه الاجتماعي، كما يتأثر التكيف النفسي بأسباب الإعاقة السمعية (الحصبة وعدم توافق دم الأم والجنين والتهاب السحايا).

المعاقون سمعياً، وخصوصاً المراهقون، منهم لديهم صعوبة في الوصول إلى استقلالية جيدة. (الخطيب ،1998، ص.85-98) بتصرف

الخاتمة:

ونستخلص مما سبق بأنه لا يمكن فهم آثار الفقدان السمعي تماماً، أو التنبؤ بها، فآثارها مدمرة، ليس فيما يمكن أن يسمع الطفل من اللغة الصوتية فحسب ولكن كذلك الجوانب الاجتماعية والنفسية والانفعالية والتعليمية، فالصمم يحد ما يمكن أن يسمعه الطفل، والأثر الأكبر هو أنه يدمر بعض عمليات التفاعل الاجتماعي التي تتم بين الطفل ووالديه والتي هي من الأهمية في نمو اللغة قبل بدء الطفل بتعلم الكلام.

المراجع:

  • الخطيب، جمال. (1998). مقدمة في الإعاقة السمعية، عمان-دار الفكر للنشر.
  • الزريقات، إبراهيم. (2003). الإعاقة السمعية، عمان -دار وائل للطباعة والنشر.
  • نيسان، خالدة. (2009). الإعاقة السمعية من مفهوم تأهيلي. دار أسامة للنشر والتوزيع.

ASHA. (2016).Convention of the American Speech-Language Hearing Association. Philadelphia, Pennsylvania, USA.

وسوم

عن الكاتب

مصطفى البكور العيسى

اقرأ ايضاً عن صعوبات التعلم