تعليم الأطفال المتأخرين دراسياً

تعدّ التربية والتعليم من أهم الركائز التي تنهض بها الأمم، ولا عجب أنّ تقدم الأمم أصبح يُقاس ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بدرجة التقدم العلمي الذي توفره لطلبتها في المراحل الدّراسية المختلفة، والتي من شأنها رفع سوية الطلبة في جميع النواحي، ولم يقتصر موضوع التربية والتعليم على التربية العامة للأطفال العاديين، بل أصبح لزاماً على العاملين في الحقل التربوي إيجاد المناهج والطرائق المناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة فئة المتأخرين دراسياً، ولا بد من توفير الظروف المساعدة على تعلمهم، لا سيما أن التعليم حق مشروع لكل أفراد المجتمع على اختلاف قدراتهم التحصيلية، فهم بناة المستقبل.

تعريف التأخر الدراسي:

يعرفه التربويون بأنه الانخفاض في مستوى التحصيل الدراسي عن المستوى المتوقع في اختبارات التحصيل، أو الانخفاض عن مستوى سابق من التحصيل، أو أن هؤلاء الأطفال يكون مستوى تحصيلهم الدراسي أقل من مستوى أقرانهم العاديين الذين هم في مثل أعمارهم ومستوى فرقهم الدراسية، وقد يكون التأخر الدراسي تأخراً عاماً في جميع المواد الدراسية أو تأخراً في مادة دراسية معينة، وقد يكون تأخراً دائماً أو مؤقتاً مرتبطاً بموقف معين أو تأخراً حقيقياً يعود لأسباب عقلية أو غير ظاهري يعود إلى أسباب غير عقلية. (عبد السلام، 2009، ص11).

مظاهر التأخر الدراسي:

 أولاً: جانب التحصيل الدراسي منخفض في جميع المواد مع إهمال واضح، أو مشكلة صحية.

ثانياً: جانب سبب التدني في التحصيل الدراسي لا توجد دافعية للتعلم.

 ثالثاً: جانب معامل الذكاء (القدرة العقلية) عادي غالباً من 90 درجة فما فوق.

رابعاً: جانب المظاهر السّلوكية مرتبط غالباً بسلوكيات غير مرغوبة أو إحباط دائم من تكرار تجارب فاشلة.

خامساً: جانب الخدمة المقدمة لكل فئة دراسة حالته من قبل المرشد الطلابي في المدرسة. (كامل، د.ت، ص. 109-110).

خصائص الأطفال المتأخرين دراسياً:

الخصائص الجسمية: نموهم المتوسط أقل من أقرانهم العاديين، فهم أقل طولاً وأقل وزناً، يشيع بينهم الضعف في السمع وانتشار عيوب النطق وسوء التغذية وضعف الحواس بشك عام. (جمال الدين، د.ت، ص. 9).

 الخصائص العقلية: ويشير خضر (2005) إلى أنه يوجد اختلاف بين الأطفال العاديين والمتأخرين دراسياً من حيث الخصائص العقلية، وذلك لا يعني تشابه المتأخرين دراسياً من حيث الخصائص العملية، حيث انه يوجد بينهم مستويات قد تصل إلى سبع سنوات من العمر العقلي، ومن السمات العقلية التي يتميز بها المتأخرون دراسياً قصر الذاكرة وضعف الانتباه وضعف القدرة على حل المشاكل التي تحتاج إلى مكونات أو المعاني العقلية العامة، وبطء زمن الرجع، وضعف القدرة على التركيز وانخفاض مستواه، وفشل الانتقال من فكرة إلى فكرة، وانخفاض مستوى التعرف على الأسباب ومستوى التحليل والتميز، وعدم القدرة على التفكير المنطقي، وسطحية الإدراك وسوء تقدير العواقب وإدراك نتائج الأعمال. (براح، مولى.2017، ص.56).

 الخصائص الانفعالية: فقدان أو ضعف ثقته بنفسه، وشرود الذهن أثناء الدرس، وعدم قابليته للاستقرار، وعدم قدرته على التحمل، وشعوره بالدونية أو شعوره بالعداء، ونزوعه للكسل والخمول، وسوء توافقه النفسي.  (الشايقي، د.ت، ص.7).

الخصائص الدفاعية: تعدّ الدّافعية بمنزلة القوى الكامنة والمحركة لسلوك الفرد كي يحقق هدفاً معيناً في حياته، ومن ثم فإنها تؤثر بدرجة كبيرة في عملية التعليم، فالطفل يحتاج إلى قوة كبيرة تحركه كي يستيقظ مبكراً، ويترك فراشه الدافئ، ويذهب إلى المدرسة، حيث القيود والسيطرة وتقييد الحرية، وحيث التفاعل والمشاركة وتلقي الدروس، ثم يعود بعد تعب وعناء ومشقة إلى المنزل، فلا يكاد يستريح حتى يذهب إلى استذكار دروسه، وإنهاء ما أُسند إليه من واجبات مدرسية وتحضير دروسه لليوم التالي، وهكذا لا بد من أن تتوافر لدى الطفل دوافع معينة تساعده على ذلك، ولذلك فقد أتت نتائج الدّراسات الخاصة بهذا الجانب متسقة مع التصور النظري السابق حيث أوضحت دراسة (كار)، وآخرين ارتباط التأخر الدراسي بانخفاض مستوى الدافعية للتعلم، وعدم الميل للقراءة، وعدم احترام الذات، وانخفاض الدافع للإنجاز، وعـدم الميل إلى بذل الجهد في الدراسة. (الشخص، د.ت، ص.32-34).

 الخصائص الاجتماعية: إن الخصائص الانفعالية تنعكس آثارها واضحة على العلاقات الاجتماعية للأطفال المتأخرين دراسياً، حيث يتسمون بسوء التوافق الاجتماعي، الذي قد يعبرون عنه إما بالعدوان على الآخرين وممتلكاتهم، أو بالانطواء والانسحاب من المواقف الاجتماعية، وعدم الرغبة في تكوين صداقات، وقد يتسم هؤلاء الأطفال بسـهـولة الانقياد للآخرين، الذين يجدون فيهم مصـدراً لإشباع حاجاتهم التي لا يشبعها المنزل والمدرسة، وقد يميلون إلى الخروج على القانون نتيجة لمشاعر النبذ والحرمان التي يحسون بها، سواءً في المنزل أو المدرسة. (الشخص، د.ت، 34- 38).

مواصفات منهج المتأخرين دراسياً:

  1. سهوله المنهج واشتماله على موضوعات منخفضة في مستواها العقلي عن موضوعات المناهج العادية، تتلاءم مع مستوى التلميذ المتأخر، ويسهل عليه فهمها.
  2. استغلال معظم الوقت للدراسات العملية والمحسوسة، والأقل للمواد النظرية، مع استبعاد الاصطلاحات العلمية والنّظرية الجافة قدر المستطاع.
  3. استغلال قدرات الطفل الخاصة وتدريبها عملياً، أو تكييف موضوعات المنهج، بحيث تتلاءم مع الحرف والصناعات التي تتميز بها البيئة المحلية.
  4. الربط بين المواد واختبار نواحي النشاط التي تلائم الطفل.
  5. ولأن أهم سبب في التأخر الدراسي هو الضعف العقلي، يجب استغلال الحواس. (عبد الفادي، د.ت، ص.69)

استراتيجيات التعامل مع المتأخرين دراسياً حسب المجال الأكاديمي:

الاستراتيجية الوقائية: وتضم توفير البيئة المناسبة للتلميذ من حيث الهدوء وإدارة الصف وإثارة التشويق لدى التلاميذ، وضبط المحفزات التي تجذب انتباه التلاميذ، وتنويع الأنشطة المدرسية، تنويع طرائق التدريس.

الاستراتيجية العلاجية: وتشمل متابعة المعلم لحالة التلميذ مع الأسرة والمرشد التربوي والمدرسين الآخرين، واللجوء إلى تدريس المواد الصعبة بداية اليوم، وتعليم الأقران، وتكوين صفوف تقوية، وتوجيه التّلميذ إلى زيادة عدد ساعاته الدراسية، تزويد التلميذ بمهارات المذاكرة وتنظيم الوقت. (استراتيجيات الوصول إلى الطلاب المتأخرين دراسياً، د.ت، [محرر]).

طرق وأساليب التعليم المكيف للمتأخرين دراسياً:

أولاً: التعليم الفردي: يرى رشدي فتحي، زينب، أمين أن التعلم الفردي نشاط تعليمي يقوم به المتعلم مستقلاً و يعتمد على الخصوصية لتحقيق هدف معين، وقد نال اهتماماً كبيراً من المربين والمهتمين بالتخطيط للعملية التعليمية ليكون على نحو أفضل عندما يحققه المتعلمون أنفسهم، وعندما يتعلم كل منهم وفقاً لمعدل التعليم الخاص به وعندما يُقبل بدافعية وإيجابية على عملية التعليم، وقد يتضمن هذا النشاط القراءة أو الاستماع إلى تسجيل صوتي أو مشاهدة بعض الصور أو الأفلام التعليمية أو إجراء تجربة معملية أو زيارة متحف أو مؤسسة اجتماعية أو تناول ومعالجة المعلومات باستخدام الكمبيوتر. (لوصيف، بن قاوقاو، 2021، ص. 61).

ثالثاً: التعليم التشاركي: يعتمد على العمل التشاركي والنشاط الجماعي للتلاميذ لإنجاز نشاط معين، مثل بناء شكل مكون من عناصر يجب تنظيمها، يسمح هذا الأسلوب من التعليم بتنمية علاقات المشاركة والمساعدة بين التلاميذ، وكذا يسمح بالإحساس بالانتماء إلى الجماعة، فضلاً عن ذلك فإن الأعمال الجماعية تحفز المراقبة لدى التلاميذ الذين يسخرون كفاءاتهم لمساعدة بعضهم البعض، وفيه يعي كل فرد مسؤوليته وطبيعة تقسيم العمل. (لوصيف، بن قاوقاو، 2021، ص. 62).

طرق تعليم المتأخرين دراسيا

الطريقة النمائية: وهي طريقة ترتكز على الخبرات التي لها تأثير فعال في الحياة العملية.

طريقة التعديل: وهي طريقة ترتكز على التغيير في محتوى المنهج المدرسي العادي لملائمة التلاميذ المتأخرين دراسياً.

الطريقة المبسطة: وهي تهدف إلى تبسيط محتوى المنهج لملائمة التلاميذ المتأخرين دراسياً.

طريقة الأساسيات الضرورية: وهي طريقة تهتم بالأساسيات الثقافية ومهارات الاتصال التي تمكن الفرد من التكيف مع متطلبات الحياة.

طريقة التفريد: وتؤكد هذه الطريقة على قيمة الفرد وأهميته وقدراته واستعداداته ومراعاة الفروق الفردية.

استخدام الألعاب التعليمية: حيث أكدت الدراسات التربوية فعالية استخدامها في التغلب على مشكلات التأخر الدراسي الناتجة عن الإعاقة العقلية. (التلاميذ المتأخرين دراسياً،27يونيو،2010، فقرة).

الخاتمة:

 وعطفاً على ما سبق نجد أن نسبة التلاميذ الذين يعانون من التأخر الدراسي ليست بالقليلة، بل أن نسبتهم تزداد في ظل انعدام الظروف المناسبة لهم، من انعدام المناهج المناسبة والمعلمين المؤهلين للتعامل معهم، ولا بد للعاملين ضمن المجال التربوي من العمل على رسم الاستراتيجيات التي تراعي احتياجات هؤلاء التلاميذ.

المراجع:

وسوم

عن الكاتب

عمار مطر

اقرأ لـ عمار مطر

اقرأ ايضاً عن صعوبات التعلم