الإشراف التربوي المعاصر
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
مايو 18, 2023
5 دقائق
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
مايو 18, 2023
5 دقائق
في الفكر التربوي الحديث يعدّ الإشراف التربوي مرحلة من مراحل الإدارة، مع التركيز بشكل خاص على مخرجات التعليم وأنشطة العمل الجماعي، وتعدّ الإدارة التربوية والإشراف بمنزلة العمليات الكلية، التي تشمل جميع المسؤوليات والوظائف اللازمة لإدارة المدرسة؛ مثل العلاقات الشخصية الجيدة بين المدير والمشرف، وبين المشرف والمعلمين، وبين المعلمين والتلاميذ، وكذلك العلاقات بين المدرسة والمؤسسات، وبين المدرسة والدولة، وبين المدرسة والمجتمع، …إلخ
والإشراف التربوي هو الجهد المبذول لتحفيز المعلمين وتنسيق وتوجيه نموهم المهني، على المستوى الفردي والجماعي، في فهم أفضل وأداء أكثر فاعلية لجميع وظائف التدريس، حتى يكونوا أكثر قدرة على تحفيز وتوجيه النمو المستمر لكل طالب نحو مشاركة غنية وفعالة في المجتمع.
الإشراف هو جانب من جوانب الإدارة التربوية، التي لها علاقة بتقديم المساعدة لتطوير وضع تعليمي وتعلمي أفضل، فهو يقدم إرشادات للمعلمين حتى يصبحوا مؤهلين في التحليل والنقد الذاتي والتطوير المستمر. (Iyejare,2023)
تتمثل إحدى وظائف الإشراف في ضمان تطبيق السياسات والقوانين التعليمية بشكل صحيح، من أجل تحسين أداء الطلاب وتطوير التعليم للشباب، ومن ثم فإن الإشراف التربوي أمر لا بد منه للحفاظ على مستوى أكاديمي مُرضٍ في المدارس.
الغرض من الإشراف التربوي هو:
صرح Neagley وآخرون أن الإشراف في مفهومه الحديث ديناميكي وديمقراطي ويعكس حيوية القيادة المعاصرة والمستنيرة؛ جميع البشر في العملية التعليمية، الطلاب والمعلمون والإداريون والمشرفون، هم أفراد ذوو قيمة ولديهم مواهب وقدرات فريدة، ويجب أن تكون الأهداف الأساسية للإشراف هي التعرف على القيمة المتأصلة لكل شخص، حتى يتم تحقيق الإمكانات الكاملة لكل فرد في نهاية الأمر.
يستخدم الإشراف الحديث فلسفة الديمقراطية وعلم نفس ديناميكيات المجموعة والعلاقات الشخصية والقيادة المهنية… إلخ، مما يدعم طبيعتها الديناميكية. (“EDUCATIONAL SUPERVISION”. 2022)
يعتمد الإشراف الحديث على افتراض أن التعليم هو مشروع إبداعي وتعاوني يشارك فيه جميع المعلمين والتلاميذ وأولياء الأمور والإداريين، والمشرفون هم قادتهم الأكاديميون الذين يحفزونهم ويوجهونهم وينصحونهم لتطوير التدريس.
تعزز المجموعة ذات القيادة الديمقراطية المواقف الأكثر موضوعية، وتدفع إلى المزيد من الجهود التعاونية ومن الاقتراحات البناءة ومزيد من الشعور بالأهداف المشتركة.
تتأثر إنتاجية المجموعة بجودة علاقاتها الإنسانية، ومن ثم يجب على المشرف التركيز على تطوير شعور المجموعة ومعنويات المجموعة وتماسك المجموعة.
تشير الأبحاث إلى أن التواصل الجيد يرتبط بالروح المعنوية للمدرسين وأن التبادل الحر للمعلومات يساعد على التخطيط الجيد.
الإشراف اليوم موجه لتحسين جميع العوامل التي تدخل في تعلم التلاميذ، فقد ولت أيام محاولة تحسين المعلم وإغفال مجمل حالة التدريس والتعلم في المدرسة، وبمعنى آخر فإن دور المشرف المعاصر يتجاوز الوضع التقليدي في الفصل الدراسي.
الغرض من الإشراف هو استخلاص أفضل ما لدى المعلمين لإثارة مواهبهم الكامنة ولتحفيز المبادرة ولتشجيع إبداعهم والتعبير عن أنفسهم؛ إنه يعزز نجاحهم وقوتهم، ويجب أن يكون المشرف مبدعاً وواسع الاطلاع.
يستخدم المشرف الأساليب العلمية مثل الاستطلاعات والبحوث الإجرائية والتجريب وما إلى ذلك من أجل لتحسين أدائه ولجعل التدريس أكثر فعالية، ولتحفيز المعلمين على التفكير النقدي والبنّاء.
“اكتشاف الخطأ” هو اسم آخر لهذا النوع من الإشراف، حيث يقوم المشرف بزيارة المدارس بقصد تحديد الأخطاء في طرق التدريس وتقدم الطلاب والحفاظ على السجلات وما إلى ذلك، ويهتم المشرف أكثر باكتشاف أوجه القصور بدلاً من تقديم التوجيه الفعال، ويقوم بتدوين جميع الأخطاء والإبلاغ عنها قائلاً إنه يجب تصحيحها دون أن يقدم اقتراحات حول كيفية القيام بذلك.
وهنا يتوقع المشرف الأخطاء التي قد يرتكبها المعلمون ويساعدهم في تجنبها، ويعرفُ المشرف المتمرس عادةً نوع الأخطاء التي يرتكبها المعلمون ويتخذ تدابير لتثقيف وتوجيه المعلمين حول طرق تجنبها.
في هذا النوع من الإشراف يجب على المعلمين تنفيذ أوامر وتعليمات المشرفين دون نقاش، إذ يعتقد هؤلاء المشرفون أن أكثر الوسائل فعالية لجعل المعلمين يعملون بجد هو إجبارهم على التدريس بطرق يحددونها هم مسبقاً.
يشجع الإشراف الإبداعي المعلمين على عدم التردد في التفكير في الأمور المتعلقة بالأهداف والمناهج والتنظيم والمحتوى وطرق التدريس والتقييم، ويقوم المعلمون بتطوير تقنياتهم الخاصة ويتم تشجيعهم على تبادل الآراء مع المشرف وزملاء العمل، وهذا يوفر فرصة للمعلمين للنمو المهني من خلال ممارسة مواهبهم وجهودهم في ظل التوجيه والتشجيع من الخبراء والمهنيين.
يتضمن الإشراف السريري في التعليم معلماً يتلقى معلومات من زميل له، يراقب أداءه ويعمل كمرآة له، لتمكينه من إجراء فحص نقدي وربما تغيير ممارساته المهنية الخاصة.
هناك العديد من تقنيات الإشراف التي يمكن استخدامها لإحداث تأثير مرغوب فيه في سلوك المعلم لتحقيق فعالية التدريس، ويمكن تصنيف هذه التقنيات إلى: أساليب المجموعة والأساليب الفردية
يجب أن يتم توفير هذا للمعلمين من قبل المشرف بطريقة مخططة بعناية على أساس احتياجاتهم ومتطلباتهم، وهذا سيمكّن المعلمين من تحديث معارفهم فيما يتعلق بالمحتوى وطرق التدريس والأمور الأخرى، ولابد من نقل المعرفة والمهارات المطلوبة بناءً على مجال تخصصهم.
ستساعد أهمية إشراك أولياء الأمور، بشكل هادف في جميع جوانب التدريس والتعلم، في تطوير وتنفيذ الاستراتيجيات التي تخلق وتعزز الشراكات بين المعلمين وأولياء الأمور والطلاب.
يتضمن ذلك زيارة معلم واحد وملاحظة معلم آخر أثناء عمله، في فصل دراسي آخر داخل المدرسة أو في فصل دراسي في مدرسة أخرى، وهي تسمى الزيارات المتبادلة، وهذا الأسلوب هو أسلوب إشرافي جيد ينتج عنه غالباً نتائج قيّمة، وهو مفيد بشكل خاص إذا كان المعلمون من قليلي الخبرة يشاهدون ذوي الخبرة.
وهنا يقوم المشرف بتقديم دروس توضيحية وإعداد هذه الدروس بنفسه ومن قبل معلمين وخبراء مهرة، بعدها يتم إجراء الاجتماعات، حيث يتم تقديم دروس نموذجية وإجراء التجارب تليها المناقشة.
يجتمع المشرف بعد الإشراف مع الكادر المدرسي، لمناقشة المشاكل والقضايا التي حددها خلال فترة الزيارة، كما أنه يسأل ويجيب عن استفسارات المعلمين والمدير، وبالتالي تستفيد المدرسة من معرفة المشرفين ومهاراتهم وخبراتهم.
المشاهدة في حجرة الدراسة هي الأسلوب الأكثر استخداماً للإشراف التعليمي، إنها حالة يعمل فيها المعلم مباشرة مع المتعلمين، ويكون المشرف حاضراً كشاهد لمراقبة أحداث الدرس وتسجيلها بشكل منهجي.
أثناء الملاحظة يراقب المشرف أيضاً التخطيط والإعداد وعرض الدرس وشخصية المعلم والتفاعل بين الطالب والمعلم، وتقدمُ الملاحظات للمشرفين الممارسات المتبعة إضافة إلى المشكلات التي يواجهها المعلمون، ويتم تقديم التغذية الراجعة حول طرق جعل التدريس أكثر فعالية، فيتحاور المشرف مع المعلم حول الطرق التي يمكن من خلالها تحسين التدريس في الفصل الدراسي، ويساعد هذا أيضاً في تحديد المجالات المحتملة لتعزيز النمو المهني للمعلم.
لا يمكن للمشرف أن يكون متاحاً في كل وقت لجميع المعلمين الذين يحتاجون إلى مشورة أكاديمية، ومن ثم فإن تحديد المعلمين الأكفاء وتشجيعهم على التقدم مهنياً سيمكّن المشرفين من تفويض بعض الوظائف الإشرافية.
البحث هو جمع وتحليل منهجي وموضوعي للبيانات من أجل إيجاد حلول للمشاكل التعليمية المحددة، ويمكن استخدامه لتقنية الإشراف التعليمي؛ حيث يتعين على المشرف العمل مع المعلم لإيجاد حلول لمشاكل التدريس والتعلم التي تواجههم بدلاً من إملاء الحلول لحل المشكلات التربوية المتعلقة بالتعليم والمعلمين.
كي يكون المشرف فعالاً يجب أن يكيّف سلوكه دائماً ليأخذ في الاعتبار التوقعات والقيم والمهارات الشخصية لأولئك الذين يتفاعل معهم، وهذا ينطبق على العلاقات مع الرؤساء والأقران والمرؤوسين والطلاب وما إلى ذلك، ولا يمكن أن تكون هناك قواعد إشراف محددة تطبق بشكل جيد في جميع المواقف، ولكي يكون أي نهج فعالاً يجب تطبيقه مع مراعاة خصائص الموقف والأشخاص المعنيين؛ إذ تعدّ الحساسية لقيم الآخرين وتصوراتهم وتوقعاتهم بعداً مهماً للإشراف الفعال، ومعرفة هذا سيساعد المشرف على تكييف سلوكه لتحقيق المنفعة المثلى.
ومن أجل تهيئة الظروف للإشراف الفعال، يجب على المؤسسات أن تهيئ الأجواء والظروف التي تمكن وتشجع كل مشرف على التعامل مع الأشخاص الذين يقابلهم، بطرق تتناسب مع قيم المؤسسة وتوقعاتها.