التعرف على الطفل الموهوب
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
سبتمبر 6, 2023
4 دقائق
تعرّف جمعية علم النفس الأمريكية (APA) الموهبة بأنها:
“امتلاك قدر كبير من القدرة الطبيعية أو الموهبة أو الذكاء والتي تظهر عادة في سن مبكرة جداً، وغالباً ما يتم تصنيف الموهبة في الذكاء على أنها معدل ذكاء 130 أو أكثر. وتستخدم العديد من المدارس والمؤسسات الخدمية الآن مجموعة من السمات كأساس لتقييم الموهبة بما في ذلك واحد أو أكثر من السمات الآتية: القدرة الفكرية العالية والإنجاز الأكاديمي والإنجازات العملية التي يمكن إثباتها والإبداع والالتزام بالمهام والموهبة المثبتة والمهارات القيادية والبراعة البدنية أو الرياضية، ويمكن اعتبار الجمع بين عدة سمات أو بروز سمة أساسية واحدة عتبة لتحديد الموهبة.”
في بعض حالات الموهبة قد يكون من المناسب للطفل أن يحضر برنامجاً خاصاً أو مدرسة خاصة للأطفال الموهوبين، ولذلك لضمان فرص كبيرة للتقدم في بيئة الفصل الدراسي التي تراعي احتياجات الطفل وتوفر التحفيز الكافي؛ فمن خلال الوصول إلى الموارد المناسبة والدعم العاطفي والأكاديمي، يمكن لكل طفل موهوب تحقيق إمكاناته الكاملة في المدرسة.
مثل معظم الناس فإن الطلاب ذوي القدرات العالية هم أفراد فريدون يتمتعون بمواهب واهتمامات متنوعة ومتعددة الأوجه؛ يُظهر بعضهم إتقاناً في مجالات متعددة بينما يتفوق بعضهم الآخر في موضوع واحد. غالباً ما يعتمد تحديد الموهوبين على مزيج من اختبار الموهوبين والمزيد من الملاحظات النوعية للخصائص والسلوكيات الموهوبة. (Exploring Mental Health Gifted Traits and Characteristics)
التعرّف على الموهبة
هناك عدد من الطرق للتعرّف على الموهبة، وغالباً ما يتم استخدام مزيج من اختبارات القدرة والإنجاز بما في ذلك الملاحظة ومراجعة حقيبة عمل الطالب، ويمكن أيضاً النظر في أنشطة الطفل داخل المدرسة وخارجها، إلى جانب القدرات المعرفية والإبداع والعادات العاطفية والسلوكية. (Cicerchia, 2022)
من المهم أن تكون أي اختبارات تُستخدم لتقييم الموهبة هي اختبارات لا تحد من مقدار المعرفة التي يمكن أن يظهرها الطالب، وفي بعض المجالات مثل الرياضيات تم تطوير اختبارات معينة لتقييم الموهبة.
كلما تم تحديد الموهبة بشكل أبكر يمكن رعاية المواهب الاستثنائية بشكل أسرع، كما يُوصى غالباً أن ينتظر الآباء حتى يبلغ الأطفال 5 أو 6 سنوات قبل أن يخضعوا للتقييم الرسمي ويدخلوا في برنامج تعليم الموهوبين.
ضع في حسبانك أيضاً، أنه حتى عندما يتم التعرف على الموهبة، فلا تمتلك جميع المدارس الموارد اللازمة لتوفير التحفيز للأطفال الموهوبين، وهذا يمكن أن يؤدي بهم إلى الملل وضعف الأداء، وهنا قد يكون من المناسب للأهل النظر في تعيين مدرس خاص يمكنه مساعدة الطفل إذا كانت مدرسته غير قادرة على ذلك.
ما هي علامات الطفل الموهوب؟
الموهبة تتبع الطفل إلى مرحلة البلوغ، وكل فرد لديه موهبة فريدة من نوعها. وصحيح أنه لن يتفوق اثنان من الطلاب بالطريقة نفسها تماماً، إلا أن هناك بعض السمات والسلوكيات التي يلاحظها الآباء والمعلمون عادةً عندما يكون الطفل موهوباً ومنها:
- إنهم فضوليون ويطرحون الكثير من الأسئلة؛ غالباً ما يكون الأطفال الموهوبون فضوليين بشأن العالم من حولهم وقد يسألون أسئلة مفصلة لإشباع تعطشهم للمعرفة، يتجاوز هذا الفضول الاهتمام البسيط بموضوع ما ويمكن أن يمتد إلى الجوانب التي تبدو خارج نطاق الدرس؛ ففي بيئة مدرسية قد لا يكون الطفل راضياً عن تعلم ما هو ضروري فقط من أجل أداء جيد في الامتحان أو إكمال مهمة ما، وفي المنزل قد لا يكون هناك دائماً وقت أو معرفة لتقديم إجابات لتساؤلاته، وبالطبع فهذا يسبب الإحباط للمعلمين وأولياء الأمور والأطفال على حد سواء، لكن من المهم عدم ثني الطفل عن طرح الأسئلة لأن هذا يمكن أن يؤدي إلى إحباطه والتوقف عن محاولاته في النقاش لاحقاً.
- للموهوبين أسلوبهم الخاص في أداء المهام؛ في حين أن الطلاب الأذكياء يتطلعون إلى إرضاء المعلم وإنهاء المهام، فإن الأطفال الموهوبين غالباً ما يكون لديهم طريقتهم الخاصة في القيام بالأشياء؛ وهذا بسبب الرغبة في التركيز على جانب واحد فقط من موضوع ما أو نقص ملحوظ في التحدي في المهمة نفسها؛ على سبيل المثال في الرياضيات قد يتخذ الطفل لحل المسائل طريقاً بديلاً عن ذلك الذي يتطلبه السؤال. لذا من المهم للمدرسين أن يكونوا متسامحين وأن يتجنبوا توبيخ أو معاقبة الطفل لعدم اتباع التوجيهات، لأن هذا يضر بالروح المعنوية واحترام الذات ويؤدي إلى بذل جهد أقل في المهام المستقبلية.
- لديهم مفردات كثيرة ويفضلون محادثة الكبار؛ من أولى الأشياء التي يلاحظها الناس عن الأطفال الموهوبين هي مفرداتهم، فهم غالباً ما يفهمون ويستخدمون كلمات أكثر من أقرانهم، بما في ذلك اللغة المجردة والرمزية. قد يكون هذا بسبب عادات القراءة والتعرض لنصوص أكثر تقدماً من مستواهم، ويمكن أن يكون ذلك أيضاً بفضل قدراتهم العالية على بناء الجملة والقدرة على تخمين معنى الكلمات الجديدة التي يصادفونها في السياق.
يشعر بعض الأطفال الموهوبين براحة أكبر في التواصل مع الكبار بسبب مهاراتهم اللغوية المتقدمة، لكن من المهم تشجيع الطفل على التعامل مع أقرانه لتجنيبه العزلة والانسحاب بسبب الاختلافات المتصورة في القدرة الفكرية.
- لديهم أفكار إبداعية؛ الطفل الموهوب هو مفكر أصيل، وقادر على الوصول إلى التفكير المجرد وتجميع الأفكار من أماكن مختلفة، ولديه خيال جامح ويطور قصصه وأغانيه أو مسرحياته.
- إنهم متقدمون معرفياً وقادرون على تعلم مهارات جديدة ذاتياً؛ قد يعلّم الأطفال الموهوبون أنفسهم كيفية القراءة والكتابة قبل أن يتعلموا في المدرسة، وغالباً ما يكون لديهم مهارات التفكير المعرفي المتقدمة وذاكرة جيدة.
تشير بعض التقديرات إلى أن الطالب العادي يحتاج إلى سماع شيء ما من 8 إلى 15 مرة من أجل حفظه وفهمه، في حين أن الطفل الموهوب يحتاج لمرة أو مرتين فقط، وفي درس الرياضيات يستخدم هؤلاء الأطفال المنطق والاستدلال لحل المسائل قبل أن يتعرفوا على المفهوم المستهدف، وهم يتعلمون بسرعة ولا يحتاجون قدراً كبيراً من الممارسة مثل الأطفال الآخرين لتطوير مهارات جديدة.
يشعر الموهوبون بالملل بسهولة عندما يكون الدرس متكرراً، ويمكنهم الاستفادة من المناهج الدراسية المكثفة التي تغطي المزيد من المواد في وقت أقل.
- الموهوبون عاطفيون للغاية؛ لدى هؤلاء الأطفال إصرار قوي ومشاعر كبيرة حول الموضوعات التي تهمهم، وهم أيضاً أكثر وعياً بآراء ومشاعر الآخرين، ونظراً لأن بعض الأطفال الموهوبين يتمتعون بوعي كبير بأنفسهم، فقد يتسبب ذلك في جعلهم انطوائيين ويشعرون بعدم تقبل المجتمع لهم، وهذا أحد الأسباب التي قد تجعل الآباء يختارون نقل طفلهم إلى برنامج موهوب حيث سيكون لديهم أصدقاء من نفس مستواهم. (Cicerchia, 2022)
- يميلون نحو التعمّق؛ الموهوبون بحاجة إلى فهم الصورة الكبيرة لما يتعلمونه؛ وقد يطرحون أسئلة لا نهاية لها أو يفضلون التعلم من الكل إلى الجزء.
- دقيقون للغاية؛ يميل الموهوبون إلى تقدير الفروق الدقيقة والحاجة إلى الدقة في التفكير والتعبير، وقد يجيبون غالباً على الأسئلة بعبارة هذا يعتمد على، وقد يواجهون صعوبة في اختبارات الاختيار من متعدد التي تطلب منهم اتخاذ قرارات نهائية دون خلفية سياقية واسعة للأسئلة.
- لديهم توقعات عالية؛ يفضّل الموهوبون إخضاع أنفسهم والآخرين لمعايير عالية، والتي قد تبدو على أنها مثالية، وهذا يؤدي إلى تحديات في فهم القواعد التي وضعها الآخرون أو التفاعل مع أقران من نفس العمر لا يتبعون نفس المعايير. (Exploring Mental Health Gifted Traits and Characteristics)
الأطفال الموهوبون وصعوبات التعلم
في حالات معينة يعاني الطفل الموهوب من ضعف التحصيل الدراسي، وغالباً ما يكون هذا مفاجئاً للآباء؛ إذ يفترض كثير من الناس أن الموهبة ترتبط دائماً بالأداء العالي.
من الممكن أن تطغى إعاقة التعلم على الموهبة، وهذا ما يحدث بشكل خاص عندما يكون الطفل مصاباً باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو عسر القراءة.
يمكن أن يكون هناك موهبة في مادة واحدة، مثل الرياضيات، ولكن هناك إعاقة في التعلم تؤثر على الأداء في مجالات أخرى من المناهج الدراسية.
كذلك قد يكون الأمر أن الأطفال الموهوبين يشعرون بالملل عندما لا يجدون العمل المدرسي صعباً ويُشخّصون خطأً على أنهم مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
ختاماً
من المهم أن نتذكر أن الموهبة غالباً ما تُلاحظ لأول مرة عندما يدخل الأطفال المدرسة، قد يتقدم الطفل بسهولة بدرجة أو درجتين أعلى من مستواه، لا سيما في موضوع معين، لكنه يظل في نفس المستوى الاجتماعي والنمو العاطفي مثل أقرانه.
وصحيح أن الطفل الموهوب يمكن أن يكون واثقاً ومتحفزاً بشكل ذاتي، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى الكثير من التشجيع والتفهم من المعلمين ومن الأقران.
وإذا لم يرسل الآباء أطفالهم الموهوبين إلى مدرسة للأطفال الموهوبين، فيمكنهم العثور على مجموعات دعم عبر الإنترنت، بما في ذلك المنتديات التي تسمح لكل من الأطفال والآباء بتكوين صداقات وتبادل الأفكار.
المراجع:
- Cicerchia, Meredith. (2022). 7 Signs of a gifted child. https://www.readandspell.com/us/signs-of-a-gifted-child
- Exploring Mental Health Gifted Traits and Characteristics. https://www.davidsongifted.org/prospective-families/gifted-traits-and-characteristics/
- Gifted Education and Support Options. https://www.davidsongifted.org/prospective-families/gifted-education-and-support-options/
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
سبتمبر 6, 2023
3 دقائق
وسوم
عن الكاتب
