القراءة الحوارية طريقة فعالة للقراءة مع الأطفال الصغار

كثير من الأطفال حول العالم يدخلون المدرسة غير مستعدين للتعلم، فهم يفتقرون إلى المفردات وبنية الجملة والمهارات الأساسية الأخرى المطلوبة لأداء جيد في المدرسة، وهؤلاء الأطفال يتخلفون عن الركب عموماً، وربما ينقطعون عن الدراسة فيما بعد.

لماذا يعاني الكثير من الأطفال من نقص في المهارات الضرورية للاستعداد للمدرسة؟

تلعب تجربة الأطفال مع الكتب دوراً مهماً في الإجابة عن هذا السؤال؛ فالعديد من الأطفال يدخلون المدرسة ولديهم الخبرة الوافية في التعامل مع الكتب؛ فمنازلهم تحتوي على مئات الكتب المصورة، ويرون والديهم وإخوانهم وأخواتهم وهم يقرؤون.

 في المقابل يدخل أطفال آخرون المدرسة وليس ليهم معرفة بالكتب؛ ويوجد القليل من كتب الأطفال في منازلهم، إن وجدت، وآباؤهم وإخوتهم ليسوا قراء.

تزود قراءة الكتب المصورة الأطفال بالعديد من المهارات الضرورية للاستعداد للمدرسة كالمفردات والتركيب الصوتي وبنية القصص واللغة والشغف المستمر ومتعة التعلم وما إلى ذلك، ويحتاج الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة إلى تغذية بالكتب بقدر حاجتهم إلى الطعام والمأوى والحب.

من المهم أن تقرأ بشكل متكرر مع طفلك في سن ما قبل المدرسة، فالأطفال الذين يقرؤون ثلاث مرات في الأسبوع أو أكثر يكون أداؤهم أفضل بكثير في مراحل النمو اللاحقة من الأطفال الذين يقرؤون أقل من ثلاث مرات في الأسبوع.

ويحتاج الأطفال إلى مهارات قوية في المفردات الشفوية لكي يصبحوا قراء بارعين، وذلك لأن المفردات الشفوية تساعد الطفل على اكتساب المفردات المكتوبة؛ فعلى سبيل المثال تساعد المفردات الشفوية القارئ الصغير الذي يرى كلمة لأول مرة على فهم ما يقرؤه، وبمرور الوقت يجب أن تزداد مفردات الطفل المكتوبة بحيث تصبح قراءته أكثر تلقائية. وبالتالي فإن مهارات المفردات الشفوية الجيدة هي شرط أساسي ليصبح قارئاً ماهراً، حيث إن مهارات المفردات الشفوية الجيدة ضرورية للطفل لفهم ما يقرأ.

ما هي القراءة الحوارية؟

الكيفية والأسلوب الذي نقرأ به للأطفال ما قبل المدرسة لا يقل أهمية عن عدد المرات التي نقرؤها لهم.

في العادة عندما يشارك معظم الكبار كتاباً مع طفل ما قبل المدرسة، فإنهم يقرؤون ويأخذ الطفل دور المستمع، أما في القراءة الحوارية فيساعد الكبار الطفل على أن يصبح راوي القصة، ويصبح الكبير (الولد أو المعلم) هو المستمع والسائل للطفل. لا يستطيع أحد تعلم لعبة كرة القدم بمجرد مشاهدته لشخص آخر وهو يلعب، وبالمثل لا يمكن لأحد أن يتعلم القراءة فقط من خلال الاستماع إلى شخص آخر وهو يقرأ، لذا يتعلم الأطفال أكثر من الكتب عندما يشاركون الآخرين بفعالية.

أسلوب القراءة الأساسي في القراءة الحوارية هو تسلسل PEER وهو اختصار للكلمات؛

  • Prompt: التحفيز، اسأل الطفل سؤالاً عن النص.
  • Evaluate: التقييم، هل الإجابة صحيحة أم لا؟
  • Expand: التوسّع، أضف على إجابة الطفل باستخدام مفردات مناسبة.
  • Repeat: التكرار، يكرر الطفل الإجابة الصحيحة.

تخيل أن الوالد والطفل ينظران إلى صفحة من كتاب عليها صورة لسيارة إطفاء.

  • (التحفيز): يقول الوالد: ما هذا؟ مشيراً إلى شاحنة الإطفاء، فيجيب الطفل: إنها شاحنة.
  • (التقييم): يتبع الوالد؛ هذا صحيح؛
  • (التوسّع): إنها شاحنة إطفاء حمراء،
  • (التكرار): هل يمكنك قول شاحنة إطفاء حمراء؟ (Whitehurst,2002)

أنشطة القراءة الحوارية

هناك خمسة أنواع من الأنشطة التي يتم استخدامها في القراءة الحوارية لبدء تسلسلات نظام PEER. يمكنك تذكر هذه الأنشطة بكلمة CROWD.

  • التكملة Completion؛ اطلب من الطفل تكملة جملة أو عبارة من الكتاب الذي يقرأه.
    • التذكرRecall؛ اطلب من الطفل تذكر تفاصيل لحدث ما في القصة.
    • النهاية المفتوحةOpen-ended؛ اطلب من الطفل إخبارك بما يحدث في إحدى الصور.
    • الأسئلة Wh؛ اطرح الأسئلة على الطفل؛ أين، ماذا، متى، لماذا؟
    • التوسع Distancing؛ اطلب من الطفل أن يربط بين القصة وبين حياته.

عند الانخراط في القراءة الحوارية مع أحد الطلاب، يمكن للمعلمين استخدام استراتيجيات أو أنشطة مختلفة لدعم جلسة القراءة. على سبيل المثال، يعد أسلوب الاستذكار (Recall)نشاطاً مفيداً لدعم جلسة القراءة. يمكن للمعلم أن يسأل الطفل؛ هل تخبرني بما حدث في القصة عن الأرانب الثلاثة؟ يعتبر فعل الاستذكار جانباً مهماً من عملية فهم القراءة.

ويعد استخدام أسلوب البحث عن السبب وطرح الأسئلة (Wh) طريقة أخرى لتشجيع الطفل على تذكر ما قرأه، فعلى سبيل المثال قد يسأل المعلم؛ لماذا تعتقد أن الأرانب قفزت عبر البوابة إلى حديقة المزارع؟ أو لماذا غضب المزارع لرؤية الأرانب تقفز في حديقته؟

عندما يقدم الطفل إجابات يمكنك التوسع فيها، فعلى سبيل المثال عندما يجيب الطفل بأن المزارع كان غاضباً لأن الأرانب كانت تأكل خضرواته، يمكنك التوسع بالقول إن المزارع يريد بيع الخضار في السوق أو صنع إناء لذيذ من حساء الخضار.

أسلوب آخر بسيط ولكنه فعال وهو طرح سؤال مفتوح (Open-ended) على الطفل، يمكن للمعلم أن يطلب منه التوضيح؛

    ماذا يحدث في هذه الصورة؟

    يمكنه أيضاً أن يسأل، برأيك كيف يشعر المزارع في هذه الصورة؟ أو ما رأيك في شعور الأرانب في هذه الصورة؟

تجبر هذه الأسئلة الطفل برفق على التفكير في النص والصور التي يتفاعل معها.

أخيراً جرب أسلوب التوسع (Distancing) مع القراء الصغار. اطلب منهم التفكير في صورة أو جزء من القصة وربطها بحياتهم. على سبيل المثال إليك بعض الأسئلة لطرحها عليهم:

    هل رأيت أرانباً في حديقتك من قبل؟

    ما أنواع الخضروات التي تنمو في حديقتك؟

    تذكر عندما ذهبنا في رحلة صفية إلى المزرعة لقطف الخيار؟ ما الحيوانات التي تتذكر رؤيتها؟

كيف يمكن أن يساعد استخدام إجراءات PEER وCROWD في بناء مفردات الطفل الشفوية؟

لاحظ الفرق بين هذين المُعلّمَين؛

يشير المعلم الأول إلى صفحة في كتاب ويسأل الطفل؛ ما هذه الصورة؟ يجيب الطفل؛ إنها شاحنة! يقول المعلم: هذا صحيح، ويستمر في القراءة.

يشير المعلم الثاني أيضاً إلى نفس الصفحة ويسأل، ما هذه الصورة؟ ومرة أخرى يقول الطفل: إنها شاحنة! وعلى عكس المعلم الأول، يتوسع المعلم الثاني في استجابة الطفل ويقول: إنها صورة شاحنة إطفاء حمراء كبيرة، أعلم أنها صورة لسيارة إطفاء لأنها تحتوي على أضواء وامضة وخراطيم وسلم، قل لي مرة أخرى ما هذه الصورة؟  ثم يقول الطفل: إنها شاحنة إطفاء حمراء كبيرة!

لقد استخدم المعلم الثاني المزيد من الكلمات والعبارات (على سبيل المثال، كبيرة، حمراء، شاحنة إطفاء، أضواء وامضة، خراطيم، وسلم). ومن ثم فإن المعلم الثاني قد عرّض الطفل لمزيد من المفردات، وعلاوة على ذلك طلب المعلم الثاني أيضاً من الطفل تكرار المفردات (أي شاحنة إطفاء حمراء كبيرة) كإشارة إلى أنه يستطيع نطق الكلمات بشكل صحيح. باستخدام إجراءات PEER و CROWD طوال قراءة الكتاب، يجب على المعلم توسيع مفردات الطفل الشفوية (وفهم الاستماع) من خلال:

  1. طرح الأسئلة،
  2. تقديم مفردات جديدة،
  3. ممارسة هذه المفردات الجديدة لفترة وجيزة مع الطفل أثناء وقت قراءة القصص القصيرة. بعد القراءات المتكررة لنفس القصة، يجب على المعلم أن يوفر للطلاب فرصا لرواية القصة بكلماتهم الخاصة، وفي الوقت نفسه يتولى المعلم (أو الوالد) دور المستمع ويستمر في استخدام إجراءات PEER وCROWD.

أخيراً؛ تشير اختبارات تطور اللغة إلى أن الأطفال الذين قرؤوا قراءة حوارية يتقدمون بشكل كبير على الأطفال الذين قرؤوا تقليدياً. يمكن للأطفال القفز إلى الأمام بعدة أشهر في غضون أسابيع قليلة من القراءة الحوارية. (Morgan et al., 2008)

المراجع:

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية