تقنية الواقع المعزز وأهميتها للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة
مالك عبد الحافظ
مايو 19, 2023
4 دقائق
مالك عبد الحافظ
مايو 19, 2023
4 دقائق
تمهيد:
ظهرت على الساحة تقنية حديثة تُعرف بتكنولوجيا الواقع المعزز، التي تستخدم في مجالات عديدة في التجارة والصناعة والرياضة وغيرها، ودخلت هذه التكنولوجيا مجال التعليم بشكل واسع في السنوات الأخيرة الماضية، وهي تُسهم في إيصال المادة العلمية للمتعلمين ذوي الاحتياجات الخاصة بصورتها الحقيقية، لتساعدهم على فهم العمليات الحيوية في أجسامهم وحولهم، وتفسر لهم الظواهر الطبيعية وتسهل لهم تصور المفاهيم اللغوية بصورتها الحقيقية، وتسهل عليهم فهم المعلومات المقدمة بما يتناسب مع عقولهم.
وقد برزت تطبيقات الواقع المعزز بصورة فعالة في السنوات الأخيرة، إذ أسهمت في خلق بيئة تعليمية تفاعلية محفزة للمتعلمين ذوي الاحتياجات الخاصة بتقديم المواد التعليمية بطريقة مشوقة وممتعة، وتمكنهم من الانخراط والتفاعل الحقيقي.
تعرف تقنية الواقع المعزز بأنها تقنية ثلاثية الأبعاد تجعل العملية التعليمية أكثر متعة وتشويقاً من خلال إضافة صور أو أشكال أو فيديوهات للصورة التي يشاهدها المتعلم، بشكل يسمح بتقديم تغذية راجعة فورية للمعلومات والبيانات التي قد لا تتضمنها الصورة، مما يحفز المتعلمين على اكتشاف المزيد من المحتوى التعليمي (الحلو، 2017، ص .(97
الواقع المعزز هو مشاهدة العالم الحقيقي بشكل مباشر من خلال الوجود عن بعد، حيث يتم مطابقة الصور التي تم إعدادها بطرق صناعية بالصور الحقيقية لتزويدنا بعناصر حقيقية ومعلومات إضافية ربما تكون خفية عند رؤيتها من خلال العين البشرية (جمال الشرهان، 2003، ص.85).
وتعرفه أمل سليمان (2017) بأنها إحدى تقنيات وتطبيقات تكنولوجيا التعليم ونوع من أنواع الواقع الافتراضي الذي يهدف إلى تكرار البيئة الحقيقية في الحاسوب وتعزيزها بمعطيات افتراضية لم تكن جزءاً منها؛ وبعبارة أخرى، فإن نظام الواقع المعزز يولد عرضاً مركباً للمستخدم يمزج بين المشهد الحقيقي الذي ينظر إليه المستخدم والمشهد الظاهري الذي تم إنشاؤه بواسطة الحاسوب والذي يعزز المشهد الحقيقي بمعلومات إضافية (ص.17).
ويعرفها الكاتب بأنها: هو عرض مجموعة من الأنشطة اللغوية تدمج بين المشهد الحقيقي الذي ينظر إليه الطفل المعاق عقلياً والقابل للتعلم والمشهد الظاهري الذي تم إنشاؤه بواسطة الهاتف النقال أو اللوحي، مما يعمل على تعزيز المشهد الحقيقي بمعلومات إضافية تهدف إلى تحسين الإدراك الحسي للعالم الحقيقي الذي يراه الطفل المعاق عقلياً القابل للتعلم، ومن ثم تنمية مهارات اللغة لديهم.
إن إثراء المحتوى المعرفي التعليمي الرقمي مطلب يحفز على استحداث الفرص المعززة للنمو التحصيلي والمعرفي للطلبة، ويرفع من جودة التعليم إلى المستوى الذي يواكب متطلبات العصر ويجاريه. ونظراً لما حققته تقنيات التعليم المتقدمة من نجاحات في مختلف المؤسسات التعليمية حول العالم، فإنه من البديهي أن ننظر جميعاً إلى إمكانية جلب هذه النجاحات وموائمتها لتتناسب مع منظومتنا التعليمية وتتلاءم مع مناهجنا الدراسية، ولنحقق إمكانية إنشاء أجيال من الطلبة المعتمدين على أنفسهم والقادرين على الوقوف كنماذج مشرفة.
وفي الأوقات التي نجد تقنيات الواقع المعزز لها القدرة على تحفيز المتعلمين نحو البحث والاستقصاء، واستثارة الدافعية للتعلم، نجدها أيضاً تراعي الفروقات الفردية بين المتعلمين بنفس الحد المتساوي من المتعة وإقصاء الرتابة والملل من العمليات التعليمية التقليدية. وتعتبر تقنيات الواقع المعزز خطوة مهمة وقفزة ناجحة لتطوير التعليم، إذ أنها تمكننا من توظيف البيئتين الرقمية والحقيقية في البيئة المناسبة لإيصال المعلومات (الزين، 2020، ص.55).
يشير كل من (McKenzie & Darnell, Shelton, 2003) إلى أن تقنية الواقع المعزز لها أهمية تتمثل في:
ومن هذا يرى الكاتب أن تقنية الواقع المعزز تحفز التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة على التعلم، وأن لها القدرة على خلق بيئة جاذبة تستطيع استرعاء انتباههم وتوفير المتطلبات والنقاط الأساسية التي تدعم سير الطلبة في خططهم العلاجية، وتمنع عنهم ضجر الجلسات التدريبية التقليدية عبر استبدال الأجزاء المحسوسة الجامدة والمحدودة بعوالم لا متناهية من الاحتمالات التي تناسب كل فرد وفق ميوله.
يمكن ذكر خصائص الواقع المعزز حسب رأي الكاتب في عدة نقاط، أبرزها هو توفيرها للمعلومات الواضحة والمحددة والمختصرة، وسهولة استخدامها، وارتفاع نسبة فاعليتها، التي
تمكن المستخدم من إدخال بياناته بسهولة مع إتاحة التفاعل المرن والفعال بين المعلم والمتعلم. كما تتميز بفعاليتها من حيث التكلفة وتتسم بالتكيف والمرونة مع احتياجات المتعلمين المختلفة. ويذكر السيد El Sayed (2017) أن هناك عدداً من الخصائص التي تميز الواقع المعزز، منها:
ومن هنا يرى الكاتب إمكانية تقديم الواقع المعزز باستخدام وسائل تقنية بسيطة ومنخفضة التكلفة، مثل أجهزة الجوال أو الأجهزة اللوحية؛ إذ أنها تقنية تعمل على دمج الواقع والافتراضات في بيئة حقيقية، وتثري بذلك الموقف التعليمي عبر إضفاء نوع من الديناميكية، وتقوم على ربط المجالات ببعضها مثل دمج التعليم بالمتعة والترفيه. (ص.28)
ذكر حسن (2018) بعض هذه الأدوات اللازمة لتطبيق الواقع المعزز منها:
يرى الكاتب في ظل التحول الرقمي للعملية التعليمية الحاصل حول العالم، أن هناك فرصة مجدية لتطوير الأدوات العلاجية في الجلسات التدريبية لذوي الاحتياجات الخاصة. ففي الحين الذي تذكر فيه الدراسات نجاح التجارب العملية مع التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة في استخدام تقنيات الواقع المعزز، يجد الكاتب أن نقل هذه التجربة إلى الأدوات العلاجية عبر إضافة الأبعاد الرقمية للمجسمات ومسمياتها والحروف وأصواتها والإيماءات الرقمية وكل ما يمكن تقديمه في الجلسة التدريبية، له تحول إيجابي في صالح المعلم والمتعلم؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، يستطيع المعلم استبدال البطاقات المستخدمة في الجلسة التدريبية بضغطة زر دون الحاجة إلى امتلاك هذا العدد الهائل من البطاقات بشكلها الفيزيائي، أو إضافة الحركة على صورة ثابتة. فالسيارة التي تسير ليست كالسيارة الواقفة وهو الشيء الذي مما لمسه الكاتب لواقع عملهما يصعب شرحه في الصور المطبوعة، أو في بعض الحالات التي لا يستطيع فيها المعلم والمتعلم الالتقاء، فإن تقنيات الواقع المعزز ستسهل من عملية التدريب الإلكتروني عن بعد، والتطبيقات على هذا النمط تكاد لا تنتهي.
إن دمج تقنية الواقع المعزز في التعليم أمر يمكن تحقيقه بسهولة عبر أجهزة الهواتف الذكية والآيباد، فالطلاب أصبحوا على دراية كاملة بالتعامل مع أجهزة الهاتف المحمول، فهي تحتوي على مجموعة من تطبيقات الواقع المعزز التي أصبحت أكثر انتشاراً؛ لأنها تضع المعلومات على أي بيئة دون التقيد ببيئة ومكان محددين، فهي تسهل المحتوى التعليمي وتوصل المعلومات بشكل أسرع من خلال تخيل الأشياء التي يصعب تخيلها وربطها بالواقع الحقيقي بترسيخ المفاهيم لدى ذوي الاحتياجات الخاصة، وتساعد على مراقبة الأحداث وتشجع على الانتباه وزيادة دافعية المتعلم من ذوي الاحتياجات الخاصة نحو التعلم، وتجعله على درجة كبيرة من الثقة والرضا والاستمتاع خلال أنشطة التعلم، وتسهم في ترسيخ المفاهيم، مما يساعده على الاحتفاظ بتلك المفاهيم في ذاكرته لمدة طويلة، وبذلك تخلق جواً تعليمياً مميزاً وثرياً من خلال تزويد المتعلم بالخبرة الحسية وهو ما يضمن استمرار التعلم طوال الحياة.
المراجع: