التسهيلات الصفية للطلاب الذين يعانون من عسر القراءة

ما هو عسر القراءة Dyslexia؟

القراءة مهارة معقدة؛ إذ يتطلب الأمر من عقولنا ربط الحروف بالأصوات، وترتيب هذه الأصوات ترتيباً صحيحاً، وجمع الكلمات معاً في جمل وفقرات يمكننا قراءتها وفهمها.

ووفقاً لمركز The Yale Center for Dyslexia and Creativityيعاني الأشخاص المصابون بعُسر القراءة من صعوبة في مطابقة الحروف التي يرونها على الصفحة مع الأصوات التي تصنعها تلك الحروف ومجموعات الحروف، وعندما يواجهون مشكلة في هذه الخطوة فإن جميع الخطوات الأخرى تكون أصعب.

ويعاني الأطفال والكبار المصابون بعسر القراءة من صعوبة في القراءة بطلاقة وتهجئة الكلمات بشكل صحيح ومن تعلم لغة ثانية من بين صعوبات أخرى، ولكن هذه الصعوبات لا علاقة لها بذكائهم العام؛ والأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة هم قراء بطيؤون إلا أنهم غالباً، وللمفارقة، مفكرون مبدعون ويتمتعون بقدرات تفكير قوية.

ويعتبر عسر القراءة أيضاً شائعاً جداً، حيث يؤثر على 20 بالمائة من السكان ويمثل 80-90 بالمائة من جميع الأشخاص الذين يعانون من صعوبات التعلم.

لا يمكن علاج عسر القراءة فهو يدوم مدى الحياة، ولكن مع الدعم المناسب يمكن للأفراد الذين يعانون من عسر القراءة أن يصبحوا طلاباً وبالغين ناجحين.

ما هي التسهيلات الصفية؟

يستفيد الطلاب المصابون بعُسر القراءة وصعوبات التعلم الأخرى من وجود وسائل توفر وصولاً عادلاً إلى محتوى الدرس وتسمح لهم بمواصلة إظهار معارفهم ومهاراتهم، والتسهيلات عبارة عن تعديلات تعليمية تم إجراؤها لتمكين الطلاب من إظهار المعرفة والمهارات والقدرات دون تقليل توقعات التعلم أو الأداء ودون تغيير ما يتم قياسه.

يمكن توفير هذه التسهيلات في طريقة الوصول إلى المحتوى الدراسي مثل استخدام العرض التقديمي، وفي كيفية إظهار المعرفة والمهارات مثل الإجابة على الأسئلة، وفي كيفية تقييم الطالب، وفي توقيت التعلم.

أنواع التسهيلات لطلاب عسر القراءة

قد يعاني الطلاب المصابون بعُسر القراءة من حالات مرضية مصاحبة، وهي وجود إعاقة تعلم متزامنة مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، لذلك غالباً ما نحتاج إلى التفكير ليس فقط في التسهيلات التي ستساعد الطلاب على التعلم في سياق درس القراءة أو الكتابة، ولكن أيضاً في إنشاء بيئة تعليمية تراعي احتياجات الطفل كلها.

بالإضافة إلى ذلك فإن معظم التسهيلات تعتبر ممارسات تعليمية مناسبة لجميع الطلاب، إلا أنه يجب تنفيذ العديد من التسهيلات بشكل مباشر ومتعمد مع الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة والذي يتطلب أيضاً ممارسة كافية وتعليمات متكررة ومتابعة دائمة لتحقيق نتائج ناجحة.

أولاً: إعداد الفصول الدراسية

عرض الجدول الزمني والإجراءات الروتينية علناً: يستفيد الطلاب من معرفة الجداول الزمنية الواضحة ومن وجود إجراءات الفصل الدراسي مذكورة صراحة ومرئية في الفصل الدراسي.

المقاعد الخاصة: يمكن وضع الطلاب في مقدمة الغرفة الصفية أو بالقرب من طاولة المعلم بحيث يكون هناك قدر أقل من الإلهاء عند تقديم الدرس، ويستفيد الطلاب أيضاً من الجلوس بجانب طالب يتمتع بقدرة أعلى على القراءة أو طالب يمكنه المساعدة في إجراءات الدرس.

سماعات إلغاء الضوضاء: إذا كانت ضوضاء الفصل مصدر إلهاء فإن توفير سماعات إلغاء الضوضاء، إذا كانت متوفرة، تساعد بعض الطلاب على التركيز على المهام بشكل أفضل.

غرفة اختبار منفصلة: يمكن توفير بيئة اختبار للطلاب في غرفة منفصلة تقلل من قلق الطلاب أو تسمح بوقت طويل دون إلهاء عن بقية المجموعة.

ثانياً: الوقت والجدول الزمني

الوقت الإضافي: يستفيد الطلاب من الوقت الإضافي عند إجراء التقييمات أو إكمال الواجبات، خاصة وأن الطلاب قد يكون لديهم سرعات استيعاب مختلفة.

فترات للراحة: السماح للطلاب بالحصول على فترات راحة دورية حتى يتمكنوا من تحسين تركيزهم أثناء التعلم.

ثالثاً: تنظيم

مخطط دراسي: تشجيع الطلاب على الاحتفاظ بمخطط دراسي لتتبع المهام اليومية والأسبوعية يحسن وتيرة تعلمهم عند إدارة المشاريع ذات المواعيد النهائية المختلفة.

قائمة مراجعة المراقبة الذاتية: إن الاحتفاظ بقائمة مرجعية لما يجب إكماله يسمح للطلاب بمراقبة تقدمهم والحفاظ على طريقة منهجية للمساءلة عن مهامهم.

رابعاً: دعامات تعليمية عامة

  • المفاهيم والمفردات الجديدة قبل التدريس: قم بشرح المفردات والمفاهيم الجديدة بشكل صريح والتي تتطلب معرفة أساسية قبل أن يقوم الطلاب بقراءة النصوص.
  • شجع على استخدام المخططات الرسومية. يتضمن المخطط الرسومي تنظيم المواد في تنسيق مرئي، ولتطوير مخطط رسومي يمكن للطالب استخدام الخطوات التالية:
    • كتابة الموضوع في السطر الأول
    • جمع المعلومات وتقسيمها إلى عناوين رئيسية
    • تنظيم المعلومات في المجالات الرئيسية،
    • وضع المعلومات تحت عناوين فرعية مناسبة،
    • وضع المعلومات في شكل مخطط
  • الجمع بين المعلومات اللفظية والمرئية: يمكن توفير المعلومات الشفهية من خلال العروض المرئية كعرضها في صورة أو نشرة مصورة.
  • كتابة النقاط أو الكلمات الرئيسية على السبورة: قبل بدء الدرس يمكن للمعلم كتابة المفردات الجديدة ونقاط رئيسية على السبورة.
  • مراجعة التوجيهات: تأكد من أن الطلاب يفهمون ما يُطلب منهم فقد يعانون لفهم المهمة المطروحة بسبب التوجيهات الطويلة أو المتعددة الخطوات، لذا فإن توضيح ما يحتاج الطلاب إلى القيام به يضمن أنهم قادرون على إكمال بقية المهمة بشكل مستقل؛ فعلى سبيل المثال قد تقول إحدى التوجيهات ما يلي: سيوضح هذا التمرين إلى أي مدى يمكنك تحديد مواقع الاقتران، اقرأ كل جملة وابحث عن أدوات الربط المناسبة، عند تحديد موقع أداة العطف ابحث عنها في قائمة أدوات العطف تحت كل جملة، ثم ضع دائرة حول رقم إجابتك في عمود الإجابة. قد تقول التوجيهات المبسطة: اقرأ كل جملة وضع دائرة حول جميع حروف العطف.
  • حافظ على الروتين اليومي: يحتاج كثير من الطلاب الذين يعانون من مشاكل في التعلم إلى الروتين اليومي لمعرفة وفعل ما هو متوقع منهم.
  • تقسيم المهام إلى خطوات أصغر: يؤدي تقسيم المهمة إلى خطوات أو أجزاء أصغر إلى تسهيل إدارتها للطلاب من أجل إكمالها.
  • ممارسة إضافية: قد يتطلب التمكن من مهارة ما ممارسة إضافية للطلاب الذين يعانون من عسر القراءة، لذا فإن توفير تدريب إضافي على نفس المهارات التي يتم تناولها في الدرس، سواء أكانت داخل المدرسة أو في المنزل، أمر مفيد للغاية.

خامساً: دعم القراءة

  • الكتب المسموعة: توفير خيارات للقراءة المستقلة التي تحتوي على كتب صوتية أو كتب إلكترونية حتى يتمكن الطلاب من الوصول إلى نفس المحتوى بطرق مختلفة.
  • برنامج تحويل النص إلى كلام: يسمح لأجهزة الطلاب بأن يكون لديها قارئ نص أو برنامج تحويل النص إلى كلام بحيث يمكن قراءة كل المحتوى الرقمي بصوت عالٍ.
  • القاموس الإلكتروني: تشجيع الطلاب على الحصول على قاموس إلكتروني بحيث يمكن نطق الكلمات الصعبة بشكل صحيح وفهم المعنى أثناء القراءة.
  • زميل القراءة: في أثناء تعليم القراءة قم بإقران الطلاب ذوي القدرة العالية على القراءة مع الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة حتى يتمكن الطلاب من سماع القراءة النموذجية.
  • مسطرة القراءة: هذه المساطر تحتوي على شريط شفاف يسمح للطلاب بالتركيز على سطر واحد فقط من النص وبذلك تساعد على عدم فقدان انتباههم والتركيز على الكلمات التي يقرؤونها سطراً سطراً، ويمكن أيضاً استخدام أي مسطرة أو ورقة مناسبة.

سادساً: دعم الكتابة

  • الكتابة على لوحة المفاتيح: قد يواجه الطلاب المصابون بعُسر القراءة صعوبات دائمة في الكتابة اليدوية، لذا فإن جعل الطلاب يستخدمون الكتابة على لوحة المفاتيح وتوفير نموذج إلكتروني للمهام يتيح لهم التركيز بشكل أفضل على المهام المطلوبة.
  • المراجعات النحوية: تسمح المراجعات النحوية للطلاب بصياغة جملهم بشكل صحيح حتى يتمكنوا من التركيز على الغرض الرئيسي من الكتابة.
  • برنامج تحويل الكلام إلى نص: يتيح برنامج تحويل الكلام إلى نص مكتوب الطلاب على ترجمة ما يجول في فكرهم على الورق.

التعديلات أم التسهيلات؟

من المهم ملاحظة أن التعديلات تختلف عن التسهيلات المقدمة للطلاب؛ فالتعديلات، كما توحي الكلمة، تغيّر محتوى التعلم أو تقلل من توقعات الأداء إلى حد ما، على سبيل المثال يمكن للمعلمين إجراء تعديلات على واجبات الواجبات المنزلية التي تتطلب عدداً أقل من الأسئلة أو تقصير مقدار النص الذي يجب قراءته.

في النهاية تهدف التسهيلات إلى إزالة أي حواجز أمام تعلم الطلاب وتوفر وصولاً عادلاً للتعلم حتى يتمكنوا جميعاً من النجاح والتفوق.

المراجع:

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن التربية الخاصة