التأخر الدراسي
ابتسام كوربلال
ديسمبر 20, 2022
7 دقائق
ابتسام كوربلال
ديسمبر 20, 2022
7 دقائق
التأخر الدراسي يعد مشكلة إنسانية لا تقتصر على بيئة أو مجتمع بعينه، وإنما تنتشر في جميع المجتمعات وذلك بحكم الفروق بين الدارسين ولاختلاف الظروف والإمكانيات والقدرات والاستعدادات والدوافع من فرد لآخر ومن بيئة لأخرى.
وظاهرة التأخر الدراسي تعد مشكلة نفسية تربوية، اجتماعية تواجه الدارسين والمربين ومن لهم صلة بالعملية التعليمية، والدارس المتأخر يعاني كثيراً من هذه المشكلة، حيث شعوره بالفشل قد ينعكس على فقدان ثقته بنفسه وإحساسه بأنه غير قادر على مواجهة متطلبات الحياة الدراسية، كما ينزعج الأب والأم عندما يروا ابنهما يعاني من الفشل الدراسي ، ومن هنا تأتي ضرورة إرشاد وتوجيه هذه الشرائح من الدارسين توجيها مناسباً وإزالة العوائق التي تحيل من تقدمهم، وذلك من خلال إلقاء الضوء على هذه الظاهرة والتعريف بها و الأسباب المؤدية لها وآثارها على الفرد والمجتمع، وطرق العناية بالمتأخرين دراسياً وهذا ما سيتم تناوله في هذا المقال.
هو ضعف مستوى التحصيل المدرسي الأكاديمي ضعفاً يجعل الطالب متميزاً عن زملائه العاديين، وعاجزاً عن اللحاق بهم أو الارتفاع إلى مستوى متطلبات الدراسة في صفه. (الداهري، 2010، ص.263)
ويعرف الطفل المتأخر دراسياً بأنه: ذلك الطفل الذي يتمتع بمستوى ذكاء عادي على الأقل، وقد تكون لديه بعض القدرات والمواهب التي تؤهله للتميز في مجال معين من مجالات الحياة، ورغم ذلك يخفق في الوصول إلى مستوى تحصيل دراسي يتناسب مع قدراته أو قدرات أقرانه، وقد يرسب عاما وأكثر في مادة دراسية أو أكثر، ومن ثم يحتاج إلى مساعدات أو برامج تربوية علاجية خاصة. (الشخص،1992، ص.21)
يختلف التلميذ المتأخر دراسياً عن غيره من التلاميذ بالعديد من الخصائص المعرفية والانفعالية والاجتماعية والصحية والسلوكية.
اضطراب العاطفة والقلق وعدم الأمن والخمول والبلادة والاكتئاب العابر وعدم الثبات الانفعالي والشعور بالذنب والشعور بالنقص والغيرة والحقد والخجل والاستغراق في أحلام اليقظة وشرود الذهن وخوف المدرسة. (زهران،2005، ص.418).
تتجلى بعض السمات الاجتماعية والصحية للتلميذ المتأخر دراسياً في الاستعداد نحو الانحراف والانتساب من المواقف الاجتماعية وصعوبة التوافق الاجتماعي، كما قد تكون لديه مشكلات صحية كنقص في السمع أو البصر أو الإصابة بعاهات معينة أو بمرض مزمن. (بوطقوقة، 2018، ص.70).
يتخذ التأخر الدراسي أشكالاً متنوعة متمثلة فيما:
تتعدد هذه الأسباب ما بين اضطرابات عضوية مثل: نقص الأكسجين، والأمراض المعدية، وسوء استخدام العقاقير الطبية أثناء الحمل، وسوء التغذية، فضلا عن العوامل الوراثية. كـمـا قـد تـرجع إلى اضطرابات الحواس، أو اضطرابات الإدراك الناتجة عن خلل في الجهاز العصبي المركزي. ورغم ذلك يبدو أن ثمة صعوبة في تحديد سبب عـضـوي معين للتـأخـر الدراسي، أو أية مشكلة تعليمية أخرى محددة.
وقـد يرجع التأخر الدراسي أيضاً إلى كثير من العوامل أو الاضطرابات النفسية التي يتعرض لها الطفل، وتسفر عن معاناته من ارتفاع مستوى القلق، أو ضعف الثقة بالنفس، أو النشاط الزائد، أو سلبـيـة مـفـهـوم الذات، أو سـوء الـتـوافـق الشخصي والاجتماعي، أو الشعور بالنبذ، أو الشعور بالنقص، وتوقع الفشل، وعدم الاتزان الانفعالي، وعدم القدرة على تحمل الألم النفسي. وقد سبقت الإشارة إلى اتسام المتأخرين دراسياً بمعظم هذه الصفات.
وقد يرجع التأخر الدراسي أيضاً إلى انخفاض مستوى دافعية الطفل للتعلم، وانخفاض دافعيته للإنجاز وكذلك انخفاض مستوى طموحه، وعدم الإقبال على استذكار الدروس، أو عمل الواجبات المنزلية، وانشغاله بأمور أخرى غير الدراسة، والاستخفاف بالمواد الدراسية، والعادات الدراسية السيئة. (الشخص، 1992، ص.46)
ومن أهم العوامل الأسرية والتي تكمن خلف التأخر الدراسي نوجزها فيما يلي:
كما جاءت نتائج دراسة (الزهراني،2020) أن هناك علاقة ارتباطية بين التأخر الدراسي بأبعاده (العوامل الأسرية والاجتماعية والمدرسية والنفسية والعقلية) والمناخ الأسري السائد في الأسرة، وهذا يساعد على إمكانية التنبؤ بالتأخر الدراسي من خلال المناخ الأسري.
ومن العوامل التي تتعلق بالمدرسة، وتسهم بدرجة كبيرة في التأخر الدراسي نوجز منها:
تعتبر فئة المتعلمين أي طلاب و تلاميذ مختلف المراحل الدراسية الأكثر تضرراً نظراً لالتصاقهم بالمشكلة، و كذلك أسرهم التي تمسها هذه المشكلة بآثارها و نتائجها بصورة مباشرة ” فتأخر التلاميذ أو الطلاب دراسياً، يترك جرحاً عميقاً في نفسيته، كما يمكن تمييز صنفين من السلوك، فهناك من يستسلم لليأس و الإحباط الذي يقوده إلى الشعور بالغيرة الشديدة من زملائه الناجحين، أو من إحدى أعضاء أسرته أو الذي يتملكه الاكتئاب و الحزن الشديد، إضافة إلى الحكم السلبي الذي يصدره الأولياء في حق أبنائهم و عدم تقبل و تفهم هذا التأخر، هذا ما يجعل البعض يقومون بمحاولة انتحار لوضع حد لحياتهم.
أما الصنف الآخر من الطلاب الذي لا يستسلم بسهولة، بل يتأثر ويناضل من أجل بلوغ الهدف وتأخرهم هذا يجعلهم يناضلون ويتمسكون أكثر بالنجاح ويعيدون الكرة وكلهم إرادة وعزيمة وشجاعة.
إضافة إلى الأثر النفسي هناك أثر آخر لا يقل أهمية، هو الأثر الاقتصادي والاجتماعي خاصة في بلادنا تكمن قيمة الشخص في وظيفة أو قيمة الشهادة المتحصل عليها، ولهذا يشعر المتأخر أو المخفق بعدم فعاليته وعدم قيمته في المجتمع علماً أن التكوين المهني لم يعد قادرا على استيعاب العدد الهائل من المتسربين من القطاع التربوي. (ياسمينة،2011، ص.92).
تعد مشكلة التأخر الدراسي اليوم في مقدمة المسائل التي تحظى باهتمام الأوساط التربوية و التفافها في العالم أجمع، كما أن اتساع آثارها و نتائجها و انسحابها على قطاعات متعددة جعلها موضع اهتمام فئات كبيرة من الناس، فعلماء التربية و النفس و الاقتصاد و الاجتماع، يكرسون عدداً من دراساتهم و أبحاثهم أما الإدارة التربوية فلا مناص لها من أن تطالع في الأرقام و المعدلات المرتفعة التي يسجلها التأخر الدراسي، مؤشراً ذا دلالة قوية على مستوى الكفاية الداخلية للنظام التعليمي المعتمد و على مردود و تأتي فئة المشتغلين باقتصاديات التربية، و التي ترى في التعليم مشروعاً أو قطاعاً استثمارياً بالدرجة الأولى، على رأس قائمة المتهمين بمسألة التأخر الدراسي، و كذلك نظراً لما يؤدي إليه رسوب التلاميذ و الطلاب و إعادتهم لصفوفهم أو تسربهم من التعليم، بنسب و أعداد ملحوظة من إخلال بالتوازن، الذي ينبغي أن يقوم ما بين مدخلات التعليم و مخرجاته أو بعبارة أخرى ما بين المدخلات التعليم و العائدات المرتقبة منه.
(ياسمينة،2011، ص.93).
في أغلب الأحيان تكون أسباب التأخر الدراسي سطحية وليس لها علاقة بقدرات التلميذ العقلية، لذا فإنه من منطلق أن التأخر الدراسي هو حالة طارئة وليست أصيلة. وخاصة في مرحلتي التعليم الإكمالي والثانوي، فإن هناك بعض الخدمات التي تساعد في رعاية التلاميذ المتأخرين دراسياً:
ومن الخدمات التي يقدمها التوجيه المدرسي في هذا المجال هو توعية التلاميذ بالطرق السليمة المتبعة في عملية الاستذكار، ومساعدتهم على الاستغلال الجيد للوقت وذلك باستخدام المحاضرات والمقابلات.
ويسعى المختص النفسي أو المرشد النفسي إلى تحقيق الأهداف السابقة الذكر في علاج التلاميذ المتأخرين دراسياً، حيث يعمل جاهداً خلال الجلسات الإرشادية أو العلاجية إلى بلوغ الأهداف التالية: