ماذا تعرف عن مرحلة الطفولة المبكرة؟

خلال هذه الفترة التي تغطي الأعمار من 3 إلى 5 سنوات تقريباً، تبدأ شخصية الطفل واهتماماته وتوجهاته الاجتماعية بالتشكل، ولكن يجب على الأهل أن يضعوا في حسبانهم أن سمات الشخصية ومميزاتها والقدرات الفكرية والأكاديمية ليست محصورة مدى الحياة خلال هذه المرحلة أو أي مرحلة أخرى.

سيكون في هذا العمر لدى العديد من الأطفال تجاربهم التعليمية الأولى بما في ذلك تعلم الاختلاط بالآخرين دون حضور أحد الوالدين.

وقد يضطر الآباء في بعض الحالات إلى التعامل مع عدوانية الطفل تجاه الآخرين، أو مساعدتهم على التعامل مع عدوانية الأطفال الآخرين تجاههم.

يمكن لمقدمي الرعاية الاستفادة من انفتاح الأطفال على التعلم في هذا العمر من خلال القراءة الدائمة لهم والتحدث معهم حول مجموعة واسعة من الموضوعات مع تقديم كلمات وأفكار جديدة لهم.

سنناقش في هذا المقال الأفكار الآتية:

  • ما هي المعالم الرئيسية لتنمية الطفولة المبكرة؟
  • هل ينحصر تكوّن الشخصية في مرحلة الطفولة المبكرة فقط؟
  • كيف يتعلم الأطفال الصغار المشاركة؟
  • كم وقت اللعب الذي يحتاجه الأطفال؟
  • لماذا يمكن للأطفال الصغار أحياناً أن يكونوا عدوانيين، أو حتى لئيمين؟
  • ما الذي يجعل بعض الأطفال خجولين؟
  • كيف تساعد المحادثة على تطوير أدمغة الأطفال؟

ما هي المعالم الرئيسية لتنمية الطفولة المبكرة؟

وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، بحلول نهاية مرحلة الطفولة المبكرة، في حوالي سن الخامسة، يُتوقع من الأطفال إظهار معظم المهارات الاجتماعية والمعرفية التالية، رغم أن كل طفل يتطور بشكل مختلف وقد تظهر بعض المعالم في وقت أبكر أو متأخر عن غيرها:

التطور الاجتماعي

  • يفضل الطفل اللعب مع الآخرين على اللعب بمفرده
  • يسعى لإرضاء الأصدقاء وتقليدهم
  • من المرجح أن يفهم القواعد ويتبعها
  • يحب الغناء والرقص والتمثيل
  • مدرك للجنس
  • يمكن معرفة ما هو حقيقي وما هو خيالي
  • يسعى إلى مزيد من الاستقلالية داخل وخارج المنزل
  • في بعض الأحيان يكون كثير الطلب وأحياناً متعاون للغاية

التطور المعرفي ومهارات الاتصال

  • يتحدث بوضوح
  • يروي قصة بسيطة باستخدام جمل كاملة
  • يستخدم زمن المستقبل
  • يمكن أن يقول اسمه وعنوانه
  • يمكنه العد حتى10 أشياء أو أكثر
  • يمكن أن يرسم شخصاً موضحاً 6 أجزاء من جسمه على الأقل
  • يمكنه كتابة العديد من الحروف أو الأرقام وإعادة إنتاج الأشكال الهندسية
  • يعرف الأشياء المستخدمة يومياً مثل المال والطعام

هل ينحصر تكون الشخصية في مرحلة الطفولة المبكرة فقط؟

لا، لأن الأطفال الذين ينشؤون في منازل مسيئة يمكن أن يكبروا ليصبحوا أصحاء عاطفياً، ويمكن للكبار الذين عانوا من القلق لفترة طويلة أن يتعلموا التغيير من خلال العلاج النفسي؛ وهو مجال مبني على فكرة أنه يمكننا التغيير إذا كنا نرغب حقاً في القيام بذلك.

وصحيح أنه يتعين على الآباء بذل كل ما في وسعهم لخلق بيئة عاطفية مستقرة وتعزيز ذكاء أطفالهم ومهاراتهم الاجتماعية، والتي يمكن أن تفيدهم طوال حياتهم، لكن العوامل البيولوجية والبيئية الخارجة عن سيطرة الوالدين يمكن أن تؤثر سلباً على الطفل، ولذا يجب على الآباء أيضاً ألا يتخيلوا أن كل صراع يواجهه الطفل يمكن إرجاعه إلى الأخطاء التي ارتكبها في الطفولة المبكرة.

كيف يتعلم الأطفال الصغار المشاركة؟

غالباً ما يكون الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة أنانيين، ويتمسكون بالأشياء المرغوبة كلما سنحت لهم الفرصة ويقاومون مناشدات المشاركة، على الرغم من أنهم يعرفون أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به.

هذا لا يعني أن الأطفال الصغار حمقى؛ حيث أظهرت الأبحاث أنهم متعاطفون للغاية، ويقدمون العون بسرعة لمن هم في محنة، ورغم ذلك قد تتطلب مشاركة الألعاب أو إدراك مفهوم العطاء لمساعدة الآخرين المحتاجين توجيهاً من الوالدين.

ولحسن الحظ فإن الأدلة واضحة على أن الأطفال يمكنهم تعلم المشاركة وأن مساعدة الآخرين تجعلهم يشعرون بالرضا تماماً كما هو الحال مع البالغين.

الآباء الذين يمكنهم شرح فوائد المشاركة، ونمذجة السلوك بنجاح، ونقل مشاعرهم الجيدة بكونهم كرماء، هم على الأرجح يساعدون أطفالهم على اكتساب عادة المشاركة.

كم وقت اللعب الذي يحتاجه الأطفال؟

يحتاج الأطفال إلى أكثر بكثير مما يحصلون عليه في العادة، فقد وجدت الدراسات أن الأطفال اليوم يقضون وقتاً أقل في المشاركة في اللعب الإبداعي أو الحر، خاصةً في الخارج، مقارنة مما كانوا يفعلون في الماضي، وذلك لأسباب أهمها انشغالهم بالوسائط الرقمية والمخاوف المتزايدة بشأن السلامة وانخفاض الرغبة في السماح للأطفال باللعب في الخارج دون إشراف.

ما سبب عدوانية بعض الأطفال الصغار؟

يتصرف الأطفال بقوة في سن مبكرة؛ فقد يضرب الأطفال أو يعضوا أو يدفعوا أو يركلوا قبل بلوغهم سن 18 شهراً.

في مرحلة الطفولة المبكرة يصبح العدوان اللفظي مثل المضايقة والنداء بالألقاب أكثر شيوعاً، وعادة ما يصبح الأطفال الصغار عدوانيين لأنهم غاضبون أو خائفون، ولكن في الأعمار الأكبر عندما يفهم الأطفال كيف يمكن أن تؤثر أفعالهم على شخص آخر يصبح العدوان أكثر إثارة للقلق، وفي هذا العمر يبدأ سلوك التنمر.

ما الذي يجعل بعض الأطفال خجولين؟

الخجل الطبيعي لدى الطفل ليس بالضرورة علامة على القلق، وغالباً ما تتغير الحالة المزاجية مع تقدم الأطفال في السن.

يمكن للوالدين مساعدة الأطفال ذوي الحساسية الشديدة أو القلقين على التحسن من خلال السماح لهم بالتكيف مع الأشياء الجديدة وفقاً لسرعتهم الخاصة وفهم قلقهم الداخلي، والذي غالباً ما يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بميل الشعور بالذنب، عن طريق تأنيبهم بلطف عندما يتجاوزون القواعد والقوانين.

كيف تساعد المحادثة على تطوير أدمغة الأطفال؟

يعدّ تعرّض الطفل المبكر للغة في جوهر نموه، حيث يتنبأ بالمهارات اللغوية والقدرة المعرفية والتحصيل الأكاديمي، وتؤكد الأبحاث الحديثة على أهمية المحادثة المبكرة في تطوير الهياكل اللغوية في الدماغ؛ فكلما زادت المحادثة التي يمر بها الأطفال زادت قوة الروابط بين مناطق الدماغ المسؤولة عن إنتاج الكلام وفهمه.

لماذا تعتبر تنمية الطفولة المبكرة مهمة خاصة في حالات الطوارئ؟

أكدت الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ (INEE) ضرورة تنمية هذه المرحلة من خلال النقاط الآتية:

  1. تقدم تنمية الطفولة المبكرة خدمات أساسية خلال فترة فريدة من نمو الدماغ عند الأطفال: يحدث ما يقرب من 90٪ من نمو الدماغ خلال السنوات الخمس الأولى من العمر وحوالي 80٪ من هذا النمو يحدث خلال أول عامين من العمر. تشير الأبحاث إلى أن الأطفال المحرومين من الرعاية والاستجابة والذين يفتقرون إلى فرص اللعب والتواصل والاستكشاف لديهم أدمغة أصغر وعدد أقل من الاتصالات العصبية.
  2. تساعد برامج تنمية الطفولة المبكرة على حماية الأطفال من الأذى: غالباً ما يكون الأطفال الصغار في حالات الطوارئ في مواقف محفوفة بالمخاطر وقد لا يتلقون الرعاية الكافية والحماية من الأذى الجسدي والعاطفي. يمكن أن تقدم تنمية الطفولة المبكرة في برامج الطوارئ الدعم الذي يمكّن الوالدين ومقدمي الرعاية الأساسيين من رعاية الأطفال جسدياً وعاطفياً وحمايتهم وضمان بقائهم على قيد الحياة.
  3. توفر تنمية الطفولة المبكرة فرصاً للتعليم المبكر تدعم التعلم الأفضل وفرص الحياة المحسنة في مرحلة البلوغ؛ إذ تُظهر أدلة قوية أن المشاركة في التعليم قبل المدرسي تضع أسساً قوية للتعلم في المستقبل وفرص الحياة، لأنها تعزز التطور المعرفي والعاطفي.
  4. تنمية الطفولة المبكرة فعالة من حيث التكلفة ومفيدة للمجتمع: الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة هو وسيلة فعالة من حيث التكلفة لتعزيز الرخاء المشترك، وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وتوسيع تكافؤ الفرص، والقضاء على الفقر المدقع. لقد وجدت الدراسات الطولية أن أولئك الذين شاركوا في برامج ما قبل المدرسة هم في الغالب يبدؤون الدراسة في الوقت المحدد، ونادراً ما يتسربون من المدرسة، وأكثر عرضة للتخرج من المدرسة الثانوية والحصول على وظيفة كشخص بالغ، وأقل عرضة لارتكاب الجرائم.
  5. تعزز برامج تنمية الطفولة المبكرة السلام وتحد من مخاطر الكوارث وحماية البيئة: يمكن لتنمية الطفولة المبكرة في برامج الطوارئ دمج مفاهيم السلام والتسامح والحد من مخاطر الكوارث وحماية البيئة وغيرها من خلال الأنشطة القائمة على اللعب، مما يزيد من احتمالية قيامهم بهذه التجارب في مرحلة البلوغ.

المراجع:

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن الطفولة المبكرة