الدافعية للتعلم وما وراء المعرفة

واحدة من أكثر المشكلات شيوعاً والتي يواجهها المعلمون هي الحفاظ على تحفيز طلابهم وإدراكهم للعمليات المعرفية الخاصة بهم أثناء عمليات التعلم. وذلك لأن فهم الطلاب يصبح أكثر صعوبة إذا كان الطلاب يفتقرون إلى الدافع للبقاء متيقظين ومشاركين في بناء معرفتهم. إذا تُرك هذا النقص في الدافعية دون معالجة يمكن أن يؤدي إلى ضعف في الأداء الدراسي. عامل آخر يمكن أن يؤثر على فهم الطلاب وأدائهم هو ما وراء المعرفة وهو يشير إلى وعي الفرد والتحليل النقدي لعمليات التفكير الخاصة به والقدرة المعرفية. إنه مُحدِّد مهم لأداء الطلاب، لأنه إذا كان الطلاب على دراية بعمليات الفهم والإدراك الخاصة بهم، فإنهم في وضع أفضل لمراجعتها أو إيقافها عند الحاجة. ( bokcenter.harvard.edu,2020).

 تزيد الممارسات ما وراء المعرفية من قدرات الطلاب على نقل أو تكييف تعلمهم مع السياقات والمهام الجديدة، وتساعدهم على إدراك نقاط قوتهم وضعفهم كمتعلمين وكتاب وقراء ومتقدمين للاختبار وأعضاء في المجموعة وما إلى ذلك. العنصر الأساسي هو التعرف على حدود معرفة الفرد أو قدرته ثم معرفة كيفية توسيع تلك المعرفة أو القدرة. (Chick,2020)

تحفيز الطالب

هناك نوعان من الدوافع التي قد تؤثر على مدى مشاركة الطلاب في عملية التعلم والقيمة التي يأملون أو يجب أن يستمدوها منها:

الدوافع الداخلية

 وتشير إلى العوامل الداخلية أو الشخصية (الخاصة بكل طالب) التي يستخدمها الطالب لتحديد مجال دراسته وكذلك مدى أدائه في هذا المجال. لذلك يمكن للدوافع الداخلية الإجابة على أسئلة مثل “لماذا أدرس هذا الموضوع؟” وبالتالي فهي تتضمن أسباباً شخصية مثل الاهتمام بالموضوع، والشعور بالإنجاز المرتبط بالإتقان (Vanderbilt University, 2017). ونظراً للطبيعة الشخصية للدافع الداخلي فإنه غالباً ما يكون أكثر استدامة من المحفز الخارجي. لذلك يجب أن تركز محاولات تعزيز الدافع الداخلي على تعلم الطلاب (الفهم والتحسّن) بدلاً من التركيز على الأداء وحده. يتطلب تعزيز الدافع الداخلي أن يكون لدى المعلمين فهم أعمق للأسباب الشخصية التي تحفز الطلاب.

التحفيز الخارجي

 يشير هذا إلى العوامل الخارجية التي تُستخدم لتشجيع الطلاب على المشاركة والأداء الجيد في خبراتهم التعليمية. تجيب المحفزات الخارجية على أسئلة مثل “ما الذي يمكنني الحصول عليه من هذا دراستي لهذا الكتاب؟” إحدى مزايا الحافز الخارجي هو أنه يمكن أن يؤدي إلى تحسين أداء الطلاب بسرعة. على سبيل المثال إذا فشل أحد الطلاب في مهمة ما، فقد يحفزهم ذلك على تحسين أدائهم قبل المهمة التالية. ولذلك فإن الدوافع الخارجية قابلة للتطبيق على نطاق واسع ولا تعتمد على العلاقات القائمة بين الطالب والمعلم. ومع ذلك قد تصبح المحفزات الخارجية غير فعالة بمرور الوقت. وقد يحتاج الطلاب إلى مكافآت (أو عقوبات) أقوى لإبقائهم مشاركين طوال رحلة التعلم. وقد تؤدي إزالة المكافآت أو العقوبات إلى تثبيط التحفيز (Bain, 2004)

يحدد (Bain, 2004) العديد من الاستراتيجيات القائمة على البحث والتي يمكن للمدرسين استخدامها لتحفيز طلابهم. وتشمل هذه:

أشرك طلابك:

 دع شغفك بالمحتوى ينعكس على كيفية تقديمه للطلاب. كلما كنت مندمجا أكثر زاد تحفيزهم.

بناء علاقات بين الطالب والمعلم:

سيشجع تعرفك على كل طالب من طلابك وتطوير أدائهم تحسينهم الشخصي في أدائهم.

ضع المعلومات في سياقها:

استخدم الأمثلة لتوضح للطلاب سبب أهمية أدائهم وفهمهم للمحتوى بما يتجاوز تجربة التعلم.

استخدم استراتيجيات التعلم النشط:

 تمنح استراتيجيات التعلم النشط الطلاب الفرصة للتفاعل مع تحسنهم الدراسي وتطوير أدائهم.

إنشاء أهداف تعلم واقعية (نتائج):

من خلال تحديد الأهداف التي من المتوقع أن يحققها الطلاب فإنك تجعلهم على دراية بالسلوكيات التي يمكنهم استخدامها لقياس وقيادة أدائهم.

اختبر الطلاب وصنفهم بشكل مناسب:

استخدم الواجبات لقياس ما يعرفه الطلاب ومدى جودة هذه المعرفة. يمكن للطلاب بعد ذلك استخدام هذه المهام لتحديد مجالات التحسين.

قدم ملاحظات منتظمة:

 ستحفز الملاحظات سواء في شكل الثناء أو النقد البناء الطلاب على صقل معارفهم ومهاراتهم.

شجع على المشاركة النشطة:

امنح الطلاب الفرصة لمزيد من المشاركة في رحلة التعلم الخاصة بهم على سبيل المثال من خلال السماح لهم بتحديد الموضوعات الفردية لمشاريعهم.

العزيمة والمثابرة

يمكن أن يكون للإصرار والمثابرة تأثير كبير على رفاهية الطلاب وأدائهم وتحفيزهم. تعرف Angela Lee Duckworth and Lauren Eskreis-Winkler ,العزيمة على أنها العمل الجاد أو الجهد والمثابرة التي يحتاجها الفرد لمتابعة وتحقيق أهداف طويلة الأجل على الرغم من الفشل والتحديات وصعوبة التقدم. لذلك يبدو أن العزيمة والمثابرة قد تكون في بعض الحالات بمثابة مقاييس أفضل للنجاح الأكاديمي والأداء من القدرة وحدها.

من خلال بحثهما وجد Duckworth and Eskreis-Winkler أنه مع نضوج الأفراد والتقدم خلال مرحلة البلوغ تزداد قدرتهم على الاستمرار في المهام. قد يكون هذا بسبب زيادة تقدير العمل الجاد والمثابرة. وقد تكون هذه الظاهرة أيضاً نتاجاً لاستمرار بناء الهوية أو زيادة الضبط المعرفي مقارنة بالطفولة.

ومن خلال دراسة أجروها حول أداء الأطفال في مسابقة التهجئة الوطنية وجد الباحثان أن العزيمة مرتبطة بالإنجاز.

الطلاب الملتزمين بالتعلم وبغض النظر عن الظروف المعاكسة المحتملة، سوف يستفيدون أكثر مما تعلموه. وعلى هذا النحو سيكون من المفيد أن تعرف كمعلم كيفية تعزيز هذه السمة أو تنميتها. وعلى الرغم من أن البحث حول هذا الموضوع مستمر، إلا أن الباحثان يجادلان بأن العزيمة قد تكون مرتبطة بالطلاب الذين لديهم عقليات نمو. وتشير عقلية النمو إلى الاعتقاد بأن الذكاء والكفاية الأكاديمية ليسا ثابتين، بل يمكنهما النمو والتغير بمرور الوقت.

بناءً على هذا البحث قد يكون من المفيد للمعلمين غرس عقلية النمو في الطلاب، والتي تتميز بإظهار حالات الفشل والنكسات على أنها فرص للتعلم.

دور العاطفة

العاطفة هي أحد أهم العوامل الجوهرية التي يمكن أن تؤثر على تحفيز الطلاب وأدائهم ولا يعرف بالتفصيل كيف تؤثر المشاعر البشرية على الدافعية. ومع ذلك كمعلمين من المهم أن ندرك أن المشاعر قد تؤثر إيجاباً أو سلباً على دافعية الطالب وأدائه. وبالتالي فإن دورك هو تشجيع الطلاب على وضع أهداف شخصية واسعة النطاق تعبر عن شغفهم واهتماماتهم وستحفزهم على الثبات في سعيهم. قد تحفز هذه الأهداف وهذه العقلية الطلاب على الاستثمار ورؤية القيمة في رحلاتهم التعليمية.

في النهاية جزء من دورك كمعلم هو أن تفهم أن طلابك ليسوا متجانسين وسيكون لديهم حتماً اهتمامات وأهداف متنوعة، ومن الضروري دعم كل طالب بشكل كافٍ.

تأثير الثقة المفرطة

إن تأثير الثقة المفرطة هو ظاهرة يمكن أن تؤدي إلى تثبيط تحفيز الطلاب الذين سبق لهم التحفيز. إن الثقة والكفاية الذاتية العالية يمكن أن تؤدي إلى زيادة الحافز لدى الطلاب، إلا أنه يمكن أيضاً أن يكون للمشاعر المفرطة في الكفاية الذاتية (الثقة المفرطة) تأثير ضار على التحفيز. حدد (Moore & Healy, 2008) الثقة المفرطة بالإشارة إلى:

  • لا تتوافق ثقة الشخص أو إيمانه بقدرته مع قدرته الفعلية (المبالغة في التقدير)
  • يبالغ الشخص في تقدير أدائه مقارنةً بالأفراد الآخرين (الإفراط في تحديد المستوى).
  • الشخص شديد الدقة في معتقداته بشأن قدرته (الدقة الزائدة).

توفر التقييمات المرحلية والختامية للطلاب فرصة لقياس مهاراتهم الفعلية باستمرار في مجال ما من حيث صلتها بمهاراتهم المتوقعة، وبالتالي تزويدهم بمقياس أوضح لقدراتهم. يمكن للطلاب بعد ذلك استخدام نتائج هذه التقييمات لتحديد ما إذا كان بإمكانهم تحسين أدائهم الدراسي وكيفية ذلك للوصول إلى قدرتهم المتوقعة أو مستوى المهارة المطلوب. يمكن للطلاب أيضاً استخدام هذه التقييمات لتحديد الأهداف التي يمكن تحقيقها بما يتماشى مع مستوى مهاراتهم الحالي. في نهاية المطاف من خلال توفير فرص متكررة للطلاب لقياس قدراتهم فأنت تمكّنهم بشكل أفضل من إنشاء أهداف يعرفون أنهم يستطيعون تحقيقها، مما يضمن استمرار تحفيزهم في سعيهم لتحقيق الأهداف المذكورة. (bokcenter.harvard.edu,2020).

المراجع:

bokcenter.harvard.edu, (2021). MOTIVATION AND METACOGNITION. https://bokcenter.harvard.edu/motivation-and-metacognition

Chick, Nancy, (2020). Metacognition. https://cft.vanderbilt.edu/guides-sub-pages/metacognition/

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن علم النفس التربوي