ما هو علم النفس التربوي؟

كيف نتعلم؟ ولماذا نتعلم بالطريقة التي نتعلمها؟ ولماذا التعلم في بعض الأحيان صعب للغاية؟

يسعى علم النفس التربوي للإجابة على هذه الأسئلة؛ إنه دراسة كيفية تعلم الناس للمعلومات والاحتفاظ بها واستخدامها.

ومثلما نتعلم في مجموعة متنوعة من البيئات، يعمل علماء النفس التربوي في مجموعة متنوعة من البيئات؛ فقد يعمل عالم النفس التربوي في بيئة المدرسة، أو في كلية أو جامعة، أو في وكالة مجتمعية.

في بيئة مدرسية قد يعمل عالم النفس التربوي مع الطلاب أو أولياء الأمور أو المعلمين أو الثلاثة معاً، من أجل تحسين تعلم الطلاب.

قد يعمل البعض مع الطلاب لمساعدتهم على التغلب على صعوبات التعلم، بينما قد يركز البعض الآخر على تحسين نتائج التدريس أو اختبار الطلاب أو تحسين المناهج الدراسية. ( KROEGER,2016)

مجال علم النفس التربوي يشتمل على عدد من التخصصات الأخرى، بما في ذلك علم نفس النمو، علم النفس السلوكي، وعلم النفس المعرفي.

وجهات النظر الرئيسية في علم النفس التربوي

كما هو الحال مع مجالات علم النفس الأخرى، يميل الباحثون في علم النفس التربوي إلى اتخاذ وجهات نظر مختلفة عند التفكير في مشكلة ما.

تركز وجهات النظر هذه على عوامل محددة تؤثر في كيفية تعلم الشخص، بما في ذلك السلوكيات المكتسبة والإدراك والخبرات وأمور أخرى.

المنظور السلوكي

يشير هذا المنظور إلى أن جميع السلوكيات يتم تعلمها من خلال الارتباط، ويعتمد علماء النفس الذين يتبنون هذا المنظور بشدة على مبادئ الإشراط الفعال لشرح كيفية حدوث التعلم.

على سبيل المثال قد يكافئ المعلمون التعلم من خلال منح الطلاب رموزاً يمكن استبدالها بالعناصر المرغوبة مثل الحلوى أو الألعاب.

يعمل المنظور السلوكي على النظرية القائلة بأن الطلاب سيتعلمون عندما يكافؤون على السلوك “الجيد” ويعاقبون على السلوك “السيئ”.

صحيح أن مثل هذه الأساليب يمكن أن تكون مفيدة في بعض الحالات، لكن تم انتقاد النهج السلوكي لأنه فشل في تفسير أشياء مثل المواقف والعواطف والدوافع الجوهرية للتعلم.

المنظور التنموي

يركز هذا على كيفية اكتساب الأطفال مهارات ومعارف جديدة أثناء نموهم.

تعد مراحل التطور المعرفي الشهيرة Jean Piaget أحد الأمثلة على نظرية تنموية مهمة تبحث في كيفية نمو الأطفال عقلياً.

من خلال فهم كيفية تفكير الأطفال في مراحل مختلفة من النمو، يمكن لعلماء النفس التربوي أن يفهموا بشكل أفضل ما يمكن للأطفال القيام به في كل مرحلة من مراحل نموهم، ويمكن أن يساعد هذا المعلمين في إنشاء طرق ومواد تعليمية تستهدف بشكل أفضل فئات عمرية معينة.

المنظور المعرفي

أصبح النهج المعرفي أكثر انتشاراً في العقود الأخيرة، ويرجع ذلك أساساً إلى كيفية مساهمة أشياء مثل الذكريات والمعتقدات والعواطف والدوافع في عملية التعلم.

تدعم النظرية المعرفية فكرة أن الشخص يتعلم نتيجة لدوافعه الخاصة، وليس نتيجة لمكافآت خارجية.

يهدف علم النفس المعرفي إلى فهم كيفية تفكير الناس وتعلمهم وتذكرهم ومعالجتهم للمعلومات.

يهتم علماء النفس التربوي الذين يتبنون منظوراً معرفياً بفهم كيف يصبح الأطفال متحمسين للتعلم، وكيف يتذكرون الأشياء التي يتعلمونها، وكيف يحلون المشكلات، من بين أشياء أخرى.

النهج البنائي

وهي واحدة من أحدث نظريات التعلم، ويركز هذا المنظور كيف نبني بنشاط معرفتنا بالعالم من حولنا. وتميل البنائية إلى تفسير التأثيرات الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على كيفية تعلمنا.

يعتقد أولئك الذين يتخذون النهج البنائي أن ما يعرفه الشخص بالفعل هو المؤثر الأكبر على كيفية تعلمه للمعلومات الجديدة، وهذا يعني أنه لا يمكن إضافة المعرفة الجديدة وفهمها إلا من حيث المعرفة الموجودة. (Cherry,2021)

ترى النظرية البنائية أنه منذ الطفولة يتعلم البشر في مراحل متتالية (Piaget، 1955)؛ في هذه المراحل نطابق مفاهيمنا الأساسية أو “مخططاتنا” للواقع مع الخبرات في العالم الخارجي ونعدل مخططاتنا وفقاً لذلك.

على سبيل المثال بناءً على تجارب معينة عندما كنت طفلاً، يمكنك تشكيل المفهوم التخطيطي بأن جميع الأشياء تسقط عندما تتركها، لكن لنفترض أنك حصلت على بالون هيليوم يرتفع عندما تتركه، يجب عليك بعد ذلك تعديل مخططك لفهم هذا الواقع الجديد الذي “تسقط معظم الأشياء عندما أتركها، لكن شيئاً واحداً على الأقل يرتفع عندما أتخلى عنه.”( Gaine,2021)

المنظور التجريبي

يؤكد هذا المنظور أن تجارب حياة الشخص الخاصة تؤثر على كيفية فهمه للمعلومات الجديدة. وتشبه هذه الطريقة المنظورات البنائية والمعرفية من حيث أنها تأخذ في الاعتبار تجارب وأفكار ومشاعر المتعلم.

تسمح هذه النظرية لشخص ما بإيجاد معنى شخصي فيما يتعلمه بدلاً من الشعور بأن المعلومات لا تنطبق عليه.

موضوعات اهتمام علم النفس التربوي:

من المواد التي يستخدمها المعلمون إلى الاحتياجات الفردية للطلاب، سيتعمق عالم النفس التربوي في هذه القضايا لفهم عملية التعلم بشكل كامل. بعض هذه الموضوعات تشمل:

•      التكنولوجيا التعليمية: النظر كيف يمكن أن تساعد أنواع التكنولوجيا المختلفة الطلاب على التعلم.

•      التصميم التعليمي: تصميم المواد التعليمية.

•      التربية الخاصة: مساعدة الطلاب الذين قد يحتاجون إلى إرشادات متخصصة.

•      تطوير المناهج الدراسية: إنشاء المناهج الدراسية التي من شأنها إثراء التعلم.

•      التعلم التنظيمي: دراسة كيفية تعلم الناس في إطار المنظمات.

•      المتعلمين الموهوبين: مساعدة الطلاب الذين تم تحديدهم كمتعلمين موهوبين.

من الشخصيات الهامة

على مر التاريخ لعب عدد من الشخصيات دوراً مهماً في تطوير علم النفس التربوي. بعض هؤلاء الأفراد المعروفين هم:

John Locke: وهو الفيلسوف الإنجليزي الذي اقترح مفهوم tabula rasa، أو فكرة أن العقل هو أساساً صفحة فارغة عند الولادة، وهذا يعني أن المعرفة يتم تطويرها من خلال الخبرة والتعلم.

Jean Piaget: عالم نفس سويسري اشتهر بنظريته المؤثرة للغاية في النمو المعرفي، ولا يزال تأثيره على علم النفس التربوي واضحاً حتى يومنا هذا.

BF Skinner: كان Skinner عالماً نفسياً أمريكياً قدم مفهوم الإشراط الفعال، والذي يؤثر على وجهات النظر السلوكية. يستمر بحثه حول التعزيز والعقاب في لعب دور مهم في التعليم. (Cherry,2021)

المراجع

Cherry, Kendra, (2021). What Is Educational Psychology?https://www.verywellmind.com/what-is-educational-psychology-2795157

KROEGER, JENNIE, (2016). What Is Educational Psychology? https://education.fsu.edu/what-educational-psychology

Gaines, Jeffrey, (2021). What Is Educational Psychology? Six Examples and Theories. https://positivepsychology.com/educational-psychology/

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن علم النفس التربوي