مشكلة التبول اللاإرادي عند الأطفال وسُبل التغلب عليها

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

نوفمبر 19, 2022

4 دقائق

مفهوم التبول اللاإرادي:

 هو عدم قدرة الطفـل العـادي على التحكم في عملية التبول في سن كان ينتظر منه فيه أن يكون قد تعود ضبط جهازه البولي، وسن ضبط الجهاز البولي تقع بالتقريب في الثالثـة مـن العمـر (عـريفج، 1993، 169- 170) وإذا استمر الطفل يتبول لاإرادياً وهو نائم إلى ما بعد سن الرابعة فمعنى ذلك أنـه يعـاني من مشكلة بحاجة إلى دراسة وحل وهناك حالات من البوال العارض(أي غير المتكرر)، قد تحدث في سن متقدمة إما بسبب إصابتهم بالبرد العادي ، أو لكثرة تناولهم للسوائل قبل النوم بوقت قصير ، أو لسبب انفعالي كالخوف، إلا أن مثل هذه الحالات لا تمثل مشكلة ولا يخشى منها حيث تزول هذه الأسباب.

متى تصبح مشكلة التبول اللاإرادي عند الطفل بحاجة لعلاج:

إن التبول اللاإرادي مشكلة عامـة مـن مشكلات الطفولة وخاصـة أثناء النمـو، وتغدو مشكلة حقيقية بحاجة إلى بحث إذا استمر الطفل بعملية التبول ليلاً إلى ما بعد سن الثالثة، والطفل السوي يستطيع التحكم بعملية التبول أثناء النهار والليـل على حد سواء، فإذا كان غير قادر على هذا التحكم أثناء النهار، فستكون لديه مشكلة ” التبول اللاإرادي النهاري” أما إذا كان غير قادر على التحكم بالتبول أثنـاء الليل، فستكون لديه مشكلة ” التبول اللاإرادي الليلي”. ومـن الملاحظ أن الطفـل الذي يتبول ليلاً يتكون عنـده شـعوره بالنقص، والدونيـة، وفقدان الشعور بالأمن، والخجل، والميل إلى الانطواء، واضطراب الكلام، والعناد والتخريب أحياناً، وكثرة النقد، وثورات الغضب، وينجم هذا عن فقر الدم وسوء التغذية ووجـود الديدان المعدية، وارتفاع درجة حموضة البول، مما يحد من قدرة الطفل على عملية التبول، وإذا كـان الطفل لا يمتنع عن تبليل الفراش كل ليلة، وإذا كان يبلل نفسـه طوال النهار لا بد من مراجعة الاختصاصي من أجل المداواة. (مرتضي، 2002، 43- 44).

الأسباب العضوية للتبول اللاإرادي:

أن يكون الطفل مصاباً بمرض عضوي كضعف في عضلات المثانة، كما يحدث في حالات الالتهابات في مجرى البول لدى الأطفال ذكوراً وإناثاً، كـمـا قـد يـحـدث التبول اللاإرادي أيضاً في بعض حالات الإنهاك العصبي العام، وفقر الدم ونقص الفيتامينات ووجود بعض الأمراض المتواطئة إذ قد يؤدي الضعف العام الناتج عن المرض العضوي إلى ضعف السيطرة على العضلات بصفة عامة وعضلات المثانة بصفة خاصة (رجب، 1999، 87).

الأسباب الانفعالية – النفسية للتبول اللاإرادي:

أهم عنصر من عناصر الأسباب النفسية هـو الخـوف سواء كان قائماً بذاته أو داخلاً في تكوين انفعالات مركبة، وقد يكون الخوف قائماً بذاتـه كـما في الخـوف مـن الظلام، أو من التهديد، أو بعد سماع قصة مزعجة… وقد يدخل الخـوف في تركيـب انفعال آخر معين.. وقد يكون بسبب الخـوف مـن الخـروج ليلاً إلى التبول وذلك لأسباب متعددة فقد يكون الطفل تعرض لموقف صادم أو أن الليل يمثل مصدر رعب للطفل وهكذا.

ففي معظم الحالات يعود التبول اللاإرادي إلى عوامل نفسية – انفعالية، فقـد تظهر هذه المشكلة عند الطفل نتيجة ولادة مولود جديد في الأسرة مما يشعر الطفل بالغيرة نتيجة تركيز الأم عنايتها على الطفل الجديد، وإهمالها للطفل السابق فيتكون القلق عند هذا الطفل ويمكن أن يبلل ثيابـه أو فراشـه. (الزعبي،٩٩،٢٠٠٥).

علاج التبول اللاإرادي عند الأطفال:

لا بد للأسرة أن تولي أبناءها الاهتمام الكافي وتعمل على الفحص الطبي لهم خاصة عند شعورها بوجود مشكلة سواء كانت نفسية أو عضوية، وذلك من خلال عرض الطفل إلى طبيب مختص بطبيعة المشكلة الموجودة لدى الطفل، فإن أفاد من خلال التشخيص أن المشكلة عضوية لا بد من متابعة العلاج العضـوي، ومـن ثـم العمل على إزالة الآثار النفسية المترتبة على المشكلة العضـوية مـن خـلال إرشاد الشخص نفسه وإرشاد الأسرة والزملاء حول كيفية التعامل مع الطفل حتى يساعدوا في حل المشكلة، أما إذا أفاد الطبيب المختص بعدم وجود مشكلة عضوية فلا بد من متابعة المشكلة مع الأخصائي النفسي للتعرف على سبب المشكلة والمساعدة في الوصول إلى حلها والتغلب عليها.

أولاً: العلاج الطبي:

لا بد من علاج الطفل الذي يعاني من التبول اللاإرادي طبياً إذا كانت أسباب مشكلته تتعلق بالناحية العضوية، ومن المتوقع أن يكون تجاوب الطفـل مـع العـلاج الطبي سريعاً إذا كان سبب التبول اللاإرادي عضوياً، ويكون العلاج الطبي باستخدام الأدوية أو اللجوء إلى العمل الجراحي أحياناً ويذكر كـودان وآخرون أن استخدام الأدوية المقوية للجهاز السمبثاوي والتي تخفض من النوم العميق، مثل: ” البلادونا” و”اللايثالين” وهذه الأدوية تزيد من قدرة المثانة على الاحتفاظ بكميات كبيرة مـن البول، كما يمكن استخدام العقاقير المضادة للاكتئاب مثل ” التوفرانيـل (Tofranil) والتريبتيزول” بكميات تتراوح بين (25-50 ملغم) يومياً وتكون هذه العقاقير مضـادة للأعصاب البارسمبثاوية وتقوي الأعصاب السمبثاوية، وتقلـل مـن القلق والاكتئاب الذي يعاني منهما الطفل، وتساعد الفعل المنعكس الشرطي وهو اليقظة عنـد امـتلاء المثانة بالبول (الزعبي، 2005، 101- 102).

ثانياً: العلاج النفسي:

وهـو مـن أنجح الطرق المعمول بها في مثـل هـذه الاضطرابات حيـث يـرى المعالجون النفسيون أن البول صرخة من أجل المساعدة لطفل يجد صعوبة في حياته الاجتماعية، فكسـب الـطـفـل في العلاج النفسي مـن خـلال العلاقة الحميمة بينـه وبين المعالج ثم ينتقل المعالج إلى معرفة البنية العميقة، فمجرد التحدث إلى الطفل والاهتمام به، وبناء جسر من الأمن والأمان بينه وبين المعالج، يجعل الطفل قريباً جداً، مما يؤول إلى كشفه عن صراعاته الداخلية (الخطيب،٣٠٥،١٩٩٩).

فيما يلي بعض طرق ثبتت جدواها في حل هذه المشكلات وأثناء التطبيق لابد من الحصول على تعاون الطفل بدلاً من فرض الأمر عليه:

لوحة النجوم:

اطلب من الطفل أن يسجل الليالي “الجافة” والأخرى “المبللة” ويعطي نجوماً ذهبية على الليالي الجافة، وليكافئ الطفل، كأن يمضي بعض الوقت على انفراد وعـلى حين يتجاهـل الأبـوان الليالي المبللة، ويمدحان الطفل على الليالي الجافة، وأن مكافأة كهذه تضع أمام الطفـل هدفاً يسعى إلى تحقيقه، وصـورة لتقدمه إلى الأمام.

الإقلال من التوتر:

إذا ظل الطفل يصحو من الفراش جافاً فترة ما ثم عاد إلى التبول، فلنفحص إذا كان هناك طارئ سبق العـودة إلى التبول، مثل: ولادة طفل جديد في العائلة، أو الانتقال إلى بيت جديد، أو خصـام عـائلي، أو غياب طويل لأحد الوالدين، وعندها يعمـل الـوالـدان عـلى تقليل أثـر هـذا الطارئ بإعطاء الطفل مزيداً من الاهتمام.

 في وقت النـوم أجلـس مـع الطفـل مـدة (10-15 دقيقة) وحدثـه حـديثاً يسعده، لكي ينام مسترخياً وهو يحس بمحبتك ودعمك له، كما أنه يحسـن أن يقضي معه وقتاً أثناء النهار واضعاً رأسك برأسه (على انفراد) واستفد من هذا الوقت في دراسة الطفل وكشف نواحي صراعـه النفسي وقلقـه (شيفر وولمان، 2006، 185).

الاحتفاظ بالبول (Reliant urine) لقد دلت الدراسات على أن عدداً مـن المتبولين لا إرادياً غير قادرين على الاحتفاظ بكمية طبيعيـة مـن البـول في المثانة، لذلك فإن تدريب الطفـل عـلى احتمال كميات أكبر مـن البـول في المثانة يمكن أن يؤدي إلى زيادة قدرة المثانة على الاستيعاب، ويكون ذلك إما بتعليم الطفل التحكم بالمثانة وتسجيل الكمية التي استطاع الاحتفاظ بها، أو أن يطلب من الطفل التوقف عن إنزال البـول أثناء عملية التبـول ومن ثم يطلقه (stop and start) في أثناء النهار مرات عديدة، مـمـا يـؤدي إلى تقوية عضلة المثانة، ويساعد على الشفاء (العيسوي، ١٠٤،٢٠٠٥).

إنذار التبول (Enuresis Alarm) تفيد دراستان أجريتـا عـلى الأطفـال مـن أعـمار (5-15) سـنة أن (70%) تحسنوا بسرعـة مقابـل (10-15%) كـان تحسنهم بطيئاً هذا الإنذار يثبت في السرير بحيث يـرن حالمـا تنـزل بـعـض قطرات من البول (الريماوي، 302:2003)

نصائح موجهة للآباء لمساعدة طفلهم على التخلص من الحالة المرضية المتمثلة في التبول اللاإرادي:

• أن يحذر الآباء من إهانة الطفل الذي يتبول لاإرادياً أو تأنيبه أو تعنيفـه.

• تعويد الطفل على تفريغ مثانته قبل الذهاب إلى نومه كل ليلة.

• تعويد الطفل إلى الاستيقاظ ليلاً لتفريغ ما في مثانته، وأن يوقظ لهذا الغرض إيقاظاً تاماً.

• منع تناول السوائل بكميات كبيرة قبل النوم.

• ‏توفير ما يؤدي إلى إشباع الطفل حاجاته النفسية الأوليـة مـن أمـن وتقـدير وعطف وحرية.

• تجنيب الطفل أكل الأطعمة المالحة، وأكل المكسرات خاصة في المساء.

• عدم تعريض الطفـل للاستهزاء مـن إخوته، أو مـن الـزملاء في المدرسة أو المدرسين

المراجع:

١.الخطيب، جواد محمد. (١٩٩٩). سيكولوجية الطفولة. غزة

٢.رجب، مصطفى. (١٩٩٩). أطفالنا. المكتب المصري لتوزيع المطبوعات.

٣.الريماوي، محمد عودة. (٢٠٠٣). علم نفس النمو-الطفولة والمراهقة. دار المسيرة للنشر والتوزيع

٤.الزعبي، أحمد محمد. (٢٠٠٥). مشكلات الأطفال النفسية والسلوكية والمدرسية أسبابها وسبل علاجها. دمشق.

٥.عريفج، سامي. (١٩٩٣). علم النفس التطوري. دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.

٦.العيسوي، عبد الرحمن. (٢٠٠٥). المشكلات السلوكية في الطفولة والمراهقة. دار النهضة العربية.

٧.مرتضى، سلوى. (٢٠٠٢). تربية الطفل مشكلات وحلول ميسرة للآباء والأمهات. دار الرضا للنشر.

٨. غراب، هشام أحمد. (٢٠١٥). علم نفس النمو من الطفولة إلى المراهقة. دار الكتب العلمية.

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

نوفمبر 19, 2022

3 دقائق

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء