خطر الانتحار
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
نوفمبر 20, 2022
دقيقتان
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
نوفمبر 20, 2022
دقيقتان
تعدّ ظاهرة الانتحار من الظواهر التي تنذر بالخطر، وتسعى المجتمعات كافة لاتخاذ إجراءات مناسبة تقي من تسرّب الانتحار إليها، والحدّ من انتشاره.
نقدم للقرّاء في هذه المقالة موجزاً عن ظاهرة الانتحار، وتفسيرها، وأسبابها، وسبل مواجهتها.
انتحر الرجل: قتل نفسَه بوسيلة ما. (مجمع اللغة العربية، 2004)
يعدّ دوركايم أول من تناول مفهوم الانتحار؛ إذ عرّفه بأنه كل حالات الموت التي تنتج بصورة مباشرة، أو غير مباشرة عن فعل إيجابي أو سلبي يقوم به الفرد بنفسه وهو يعلم النتائج المترتبة على هذا الفعل أي: الموت. (شبيب، 2020)
تعزو النظرية المعرفية حدوث السلوك الانتحاري إلى وصول الفرد إلى مرحلة الاكتئاب واليأس وفقدان الأمل وتضخم السلبيات، ويحدث ذلك عندما يشوب البناء المعرفي للفرد بعض الاختلالات والاضطرابات التي تؤدي إلى التشويه المعرفي الحاد، فالفرد يشعر باليأس الذي يدفعه إلى التخلص من حياته بالانتحار عندما يدرك الموقف ويفسره على أنه ينطوي على خسارة أو هزيمة أو حرمان أو فقدان لموضوع بالغ الأهمية، ويركز تركيزاً انتقائياً على المعلومات والخبرات التي تتطابق وما لديه من صيغ معرفية سلبية عن نفسه والعالم والمستقبل، وبوجه عام تشير المدرسة المعرفية إلى ارتباط الانتحار بأسلوب تفكير الفرد المؤدي إلى الاكتئاب. (المغربي، 2015، كما ورد في حسن، 2018)
ترى هذه النظرية أن تردي الأحوال الاقتصادية والمالية والمعيشية للفرد من أهم دوافع الانتحار، حيث تتزايد حالات الانتحار مع صعوبة الحالة الاقتصادية للمجتمع، وأوضح “لينزيري” أن الفقر بحد ذاته والدخل الفردي ليس عاملاً مهماً في الميول الانتحارية، غير أن البطالة والفقر المفاجئ لمن كان ميسور الحال هما أشدّ تأثيراً وللبطالة علاقة بالأحوال الاقتصادية العامة للمجتمع. (عمر، 1991؛ المغربي، 2015، كما ورد في حسن، 2018)
ذكر صالح (2019) أهم أسباب ودوافع الانتحار:
1. ضعف الوازع الديني عند الإنسان.
2. عدم اكتمال المعنى الإيماني في النفس البشرية.
3. الجهل والجزع وعدم الصبر.
4. الانفتاح الإعلامي والثقافي غير المنضبط الذي نعيشه في مجتمعنا المعاصر.
5. المشكلات الأسرية، وعدم احترام الذات.
6. الفشل.
7. الشعور بالذنب والوحدة.
8. المشكلات الصحية الخطيرة.
9. بعض الألعاب الإلكترونية الطيرة على شبكات التواصل الاجتماعي.
أشارت دراسة رمضان وعلي (2020) إلى وجود علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائياً بين الاتجاه نحو الانتحار وضغوط الحياة الصادمة، وأظهرت دراسة مسلم (2013) وجود علاقة موجبة بين تصور الانتحار وفقدان الأمل.
وردَ في الرشود (2006) الإطار التصوري المقترح للتخطيط التكاملي لمواجهة الانتحار، ونذكر فيما يأتي أبرز أبعاد ذلك التصور بإيجاز:
إن البعد الديني العقائدي ينبغي أن يعدّ المدخل الأساس في سياسات الوقاية والمكافحة والعلاج لظاهرة الانتحار في مجتمعاتنا العربية الإسلامية.
وهو البعد الذي يمثل حجر الزاوية في أية سياسات أو خطط تستهدف التعامل مع ظاهرة الانتحار، على أن يكون واضحاً هنا أنّ التربية المطلوبة والمقصودة هي تلك التربية الإسلامية بشمولها وتكاملها وتوازنها وأصالتها، ولا شك أن المؤسسات المحورية في عملية التربية هي الأسرة والمدرسة.
يحتل البعد الإعلامي في مواجهة مشكلة الانتحار مكاناً بارزاً بين الأبعاد الأخرى كافة، وتأتي أهمية الإعلام من تعاظم دوره في مساندة جميع الجهود التربوية والصحية والاجتماعية والقانونية في وقاية الفرد والمجتمع من مشكلة الانتحار وآثارها، حيث تصل وسائل الإعلام إلى قطاع عريض من الجمهور كل يوم وبصفة مستمرة، وتقوم التوعية الإعلامية الهادفة بدور مهم في نشر المعلومات والحقائق ذات الأهمية في الوقاية من المشكلات الاجتماعية الحيوية وعلاجها.
توفير الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية والدينية لأفراد المجتمع وجماعاته، وخاصة تلك الفئات التي تتزايد فيها معدلات الانتحار (كالمراهقين والشباب والمسنين والعاطلين…).
مما سبق يتضح لنا أن الانتحار يحدث نتيجة عوامل متعددة وقد تكون متداخلة أحياناً ولا تزال تُدرس، ولأن درهم وقاية خير من قنطار علاج ينبغي أن نسعى لوقاية أفراد المجتمع من هذا الخطر، وهذا العمل يكون منوطاً بكل مؤسسات المجتمع، حيث تعمل معاً وفق رؤية متكاملة.