عادات العقل في التعليم

تُعرّف المشكلة بأنها أي حافز أو سؤال أو مهمة أو ظاهرة أو تناقض لا يُعرف تفسيره مباشرة، وما يهم هنا هو التركيز على أداء الفرد في ظل تلك الظروف الصعبة التي تتطلب التفكير الاستراتيجي والبصيرة والمثابرة والإبداع والحرفية لحل مشكلة معقدة ما، ولا ينصبّ التركيز فقط على عدد الحلول التي يعرفها الأفراد، ولكن أيضاً على معرفة كيف يتصرفون عندما لا يعرفون. يتم تنفيذ عادات العقل رداً على تلك الأسئلة والمشكلات التي لا تُعرف إجاباتها على الفور، وهي تركز على ملاحظة كيفية إنتاج الشخص للمعرفة بدلاً من كيفية إعادة إنتاج المعرفة فقط، لأن السمة الحاسمة للبشر الأذكياء ليست مجرد الحصول على المعلومات، ولكن أيضاً معرفة كيفية التصرف بناءً عليها.

ما هي عادات العقل؟

عادات العقل هي مجموعة من السلوكيات التفكيرية التي تكمن في جوهر السلوكيات الاجتماعية والعاطفية والمعرفية، والتي يتم توظيفها بمهارة ووعي من قبل الأشخاص الأذكياء والناجحين بشكل مميز عندما يواجهون المشكلات التي لا تكون حلولها واضحة بشكل مباشر. تم تطوير عادات العقل من قبل Dr. Arthur L. Costa and Dr. Bena Kallick المؤسسين المشاركين لمعهد عادات العقل. (Habits of Mind)

يتطلب توظيف عادات العقل مزيجاً من المهارات وإشارات المواقف والتجارب السابقة والميول، وهو يعني أننا نفضل نمطاً واحداً من التفكير على الآخر، وبالتالي فهو يعني ضمناً اتخاذ القرار بشأن العادة التي يجب استخدامها وفي أي وقت. ويتضمن حساسية تجاه الإشارات السياقية في الموقف الذي يشير إلى أن هذا هو الوقت والظرف المناسبين لاستخدام هذا النمط.

يتطلب مستوى من المهارة لتنفيذ السلوكيات بفعالية مع مرور الوقت. وفي النهاية فهو يقود الأفراد إلى التفكير فيما تعلموه وتقييمه وتعديله وتنفيذه في التطبيقات المستقبلية، إنه يعني تحديد الأهداف لتحسين الأداء والالتزام بالتعديل الذاتي المستمر.

 عادات العقل في التعليم

تم استخلاص 16 سمة من سمات حل المشكلات الفعال من الدراسات التي أجريت على أشخاص أذكياء قاموا بحل العديد من المشكلات في مناحي الحياة المختلفة. فيما يلي قائمة بعادات العقل مع أمثلة على تطبيقاتها في الفصول الدراسية:

1.المثابرة

المثابرة هي أولى العادات العقلية التي تعلم الطلاب الالتزام بها؛ إنها تشجع وتؤكد أن الطلاب يجب أن يظلوا مركزين أثناء عملية التعلم بأكملها أو إكمال المهام المطلوبة.

ويحتاج المعلمون إلى الإشارة إلى المثابرة عند ممارسة عادات العقل الستة عشر، وصحيح أنها تفيد جميع الطلاب، إلا أنها ستلعب بشكل خاص دوراً مهماً في نمو ونجاح الطلاب الذين يفقدون شغفهم قبل إتمام المهام المطلوبة.

يمكنك أن تطلب من طلابك طرح احتمالات لما قد يكون مختلفاً إذا كان هناك نقص في المثابرة في موقف أو حالة ما.

2.إدارة الاندفاع

اجعل الصبر سمة في الفصل الدراسي، بما في ذلك وقت الانتظار أثناء المناقشة، أو استخدام جمل مفيدة تعكس التأني والنظر في جميع الخيارات.

3.الاستماع للآخرين بتفهم وتعاطف

حدد أخطاء الاستماع الأكثر شيوعاً في المحادثة حتى يتمكن الطلاب من البدء في التعرف على الأخطاء الشائعة التي تحدث في التواصل اليومي، قد تتضمن هذه الأخطاء المقارنة أو الحكم أو تقديم النصيحة بدلاً من الاستماع إلى الرسالة وفهمها.

4.التفكير بمرونة

اطلب من الطلاب النظر في موقف أو خطاب أو قصيدة من منظور آخر غير منظورهم أو منظور المتحدثين الأصليين.

على الرغم من أنه قد يكون هناك العديد من المواقف الصعبة، إلا أن أي منها لا يخلو من أي حلول وعندما يبدو القيام بمهمة ما أمراً صعباً، ابحث عن مهمة أخرى، واسمح لطلابك بالنظر إلى الأشياء بطريقة أخرى لإزالة القلق والضغوط من رؤوسهم.

عندما يمارس الطلاب العادات الذهنية في الفصل الدراسي، فإن ذلك يزيد من قدرتهم على النظر إلى المواقف من وجهات نظر مختلفة، ونتيجة لذلك يمكنهم إيجاد بدائل بشكل أفضل.

5.التفكير في تفكيرنا (ما وراء المعرفة)

ما وراء المعرفة هو قدرتنا على معرفة ما نعرفه وما لا نعرفه؛ إنه يعبر عن قدرتنا على تخطيط استراتيجية لإنتاج المعلومات المطلوبة، وأن نكون واعين بخطواتنا واستراتيجياتنا أثناء عملية حل المشكلات، وأن نفكر ونقيم إنتاجية تفكيرنا.

الغرض من هذه العادة هو السماح للطلاب بتحديد معرفتهم، فالطالب يحتاج إلى فهم عقله لينمو أكاديمياً، كما يسمح للطلاب أيضاً بالنظر في كيفية تأثير أفكارهم وأفعالهم على الآخرين.

الأفكار تؤدي حتماً إلى الاختيارات؛ وعندما يتعلم الطلاب ما وراء المعرفة يمكنهم اتخاذ خيارات لصالح الجميع.

6.السعي إلى الدقة

تؤكد هذه العادة وتشجع الطلاب على التحقق دائماً من أي أخطاء مُغفلة بعد إكمال المهمة. وبما أنهم يقيسون كل شيء مرتين، فمن المرجح أن يجدوا طرقاً للتحسين.

يمكنك تنمية الرغبة في الإتقان والدقة بعدة طرق، لكن الطريقة الجيدة للبدء هي استخدام طريقة “الثلاثة قبلي”. تؤكد هذه الاستراتيجية على فحص ورقة العمل من قبل ثلاثة أشخاص قبل تقديمها في النهاية.

7.طرح الأسئلة وطرح المشاكل

شجع طلابك على بناء موقف تساؤلي أثناء عملهم على عادات العقل، وقم بتهيئة بيئة تجعل الطلاب يعتادون على طرح أسئلة على أنفسهم مثل “كيف أعرف هذا؟”

قم بإنشاء منطقة في الفصل الدراسي مليئة بالملاحظات اللاصقة حيث يمكن للطلاب وضع الأسئلة التي قد لا تتناسب مع وتيرة أو شكل درس معين، ثم قم بتسليط الضوء على الأسئلة الأفضل بشكل دوري، أو استخدمها كنقاط انطلاق للمناقشات.

8.تطبيق المعرفة السابقة على المواقف الجديدة

استخدم أسئلة مثل “ما الذي تتذكره…؟”، “متى رأيت شيئاً كهذا من قبل؟” أو “أخبرني بما تعرفه عن…” سواء كنت تفكر في هذا المخطط التنشيطي، أو المعرفة السابقة، أو مجرد جعل الطلاب أكثر راحة وتناغماً مع ما يعرفونه بالفعل، فقد يكون ذلك بمثابة دفعة كبيرة لعملية التعلم.

9.التفكير والتواصل بوضوح ودقة

ذكّر الطلاب بتجنب الغموض والتجريد وعدم الدقة في المصطلحات مثل دائماً، أبداً، الكل، الجميع، المعلمون، المشاهير، التكنولوجيا، هم، نحن، ينبغي ويجب علينا. قم بنشر هذه الأنواع من الكلمات أو العبارات حيث يمكن تذكير الطلاب بها ومعرفة كيفية تجنبها.

10. استخدم جميع الحواس من أجل جمع البيانات

خلال الدروس شجع طلابك على أخذ وقتهم والتأني في جمع الملاحظات، يجب أن يشعر الطلاب بما يمكنهم لمسه، والاستماع إلى ما يمكنهم سماعه، وشمه إذا كان ذلك ممكناً.

11.الإبداع والتخيل والابتكار

قم بتوفير مصادر مستمرة للفكر الملهم أو التصميم أو الفن أو الوسائط المتعددة من خلال مطالبات الكتابة أو نقاط المناقشة أو ببساطة كختام يومي للدرس. لا يمثل هذا نموذجاً للإبداع فحسب، بل للخبرة أيضاً، وهو متاح بسهولة على YouTube وPinterest وInstagram.

12.الإجابة بالتعجب والدهشة

أثناء قيامك أنت وطلابك باكتشاف موضوع جديد معاً لا تتردد في قضاء وقت ممتع؛ فمن المهم إدخال عنصر المرح والتساؤل عندما تتعلم معلومات جديدة، وهذا أمر بالغ الأهمية بشكل خاص للموضوعات المعقدة.

اهتم بما يثير اهتمامك أو يمس قلبك بأي شكل من الأشكال، لا تسمح بذلك فحسب، بل أصر على مناقشة ما يجده طلابك مثيراً للاهتمام أو غامضاً حول العالم.

13.تحمل المخاطر المسؤولة

تركز عادات العقل في الفصل الدراسي أيضاً على المغامرة والاستكشاف، لذا شجع طلابك على خوض المغامرات وتجربة أشياء جديدة باستمرار.

سيساعد ذلك على فتح آفاق في عقولهم ونقلها لفهم أفضل وتحسين وظائف المخ.

أوجد الفرص واسعَ للعثور على أنشطة آمنة ولكنها جديدة، فإذا اعتاد الطلاب على العمل بكفاءة عالية، سيصبحون أقدر على مخاوفهم ومعالجة التحديات بشكل أفضل.

14.إيجاد الفكاهة

الرغبة في إيجاد الفكاهة والضحك هي عادة ذهنية ممتعة أخرى، وسيكون هناك الكثير من الفرص لذلك أثناء المناقشات والعروض التقديمية حيث يمكنك أن تكون أكثر إثارة للضحك والفكاهة.

يفقد الطلاب الاهتمام ويشعرون بالملل عندما تفتقر الدروس إلى المرح والفكاهة، ويمكن للمواقف المضحكة أن تحفزك وتلهمك في الأوقات العصيبة والصعبة، لذا لا تتردد في جعل الموقف أكثر غرابة والضحك عليه.

15.التفكير بشكل مترابط

العمل الجماعي مفيد دائماً خاصة أثناء التعامل مع المشاريع والمهام المعقدة، وكذلك فإن التفكير بشكل مترابط خارج نطاق المشاريع الجماعية يمكن أن يكون له أيضاً فوائد عديدة، لذا شجع طلابك على العمل معاً في جميع الأوقات لخلق بيئة صفية صحية.

أثناء تطبيق العادات الذهنية في الفصل الدراسي، دع طلابك يعرفون من خلال أفعالك وكلماتك أنك تقدّر استعدادهم للعمل كفريق.

من المهم جداً تعليم الطلاب الترحيب بوجهات نظر وأفكار الآخرين وقبولها، ومن المشجع دائماً للآخرين أن يلتزم الجميع بالقرارات حتى لو أن بعضهم لم يقتنعوا بها تماماً.

16.التعلم المستمر

إن الانفتاح على التعلم المستمر يشير إلى تجارب جديدة يمكن للمرء التعلم منها، وعندما يطور الطلاب هذه العادة فمن المرجح أن يزيدوا من معرفتهم.

شجع طلابك على المشاركة في الأنشطة التي يمكن أن تساعدهم في متابعة المعلومات والمعرفة التي قد لا يعرفونها مسبقاً، وبهذه الطريقة سيعتادون البحث عن الإجابات عندما لا يعرفون ما يكفي عن موضوع معين. (Heick,2012)

 المراجع:

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن علم النفس