إدارة الصف من منظور المعلم المبتدئ والمعلم الخبير

إدارة الفصل الدراسي هي العملية التي يقوم من خلالها المعلمون والمدارس بإنشاء والحفاظ على السلوك المناسب للطلاب في الصف الدراسي. الغرض من تنفيذ استراتيجيات إدارة الفصل الدراسي هو تعزيز السلوك الاجتماعي الإيجابي وزيادة مشاركة الطلاب الأكاديمية. (R. Kratochwill)

من المفهوم أن هناك فجوة كبيرة بين الطريقة التي يتعامل بها المعلمون المبتدئون والمعلمون الخبراء مع إدارة الصف الدراسي، وهي فجوة قد تستغرق سنوات من الخبرة والتدريب لملئها، وذلك وفقًا لدراسة جديدة. وعلى الرغم من عدم وجود بديل لقضاء الوقت في الصف الدراسي، فإن الوعي بالاستراتيجيات الصحيحة وطرق التفكير الصحيحة يمكن أن يضع المدرسين الجدد على المسار السريع لاعتماد الطرق المجدية التي قد تبدو غير منطقية أو محفوفة بالمخاطر. وفي الوقت نفسه يمكن للمدرسين الأكثر خبرة الاستفادة من الأفكار التي قد تساعدهم على صقل أو توسيع أساليبهم الحالية.

في الدراسة طلب الباحثون من 39 معلمًا مبتدئًا وخبيرًا مشاهدة مقاطع فيديو لصف دراسي في المدرسة الثانوية. في كل مقطع فيديو يمكن ملاحظة المعلم وهو يعطي التعليمات أو يتجول في الصف أثناء عمل الطلاب. أثناء كل مقطع فيديو قد يحدث حدث تخريبي بدءًا من تحدث الطلاب بصوت عالٍ إلى الطلاب الذين يرفضون المشاركة في الدرس. قدم المعلمون في الدراسة ملاحظاتهم حول الأحداث التي لاحظوها في الصف وانتقدوا استراتيجيات إدارة الصف الخاصة بالمعلم الذي تمت ملاحظته، وقدموا حلولهم الخاصة.

إليك كيفية تعامل المعلمين الخبراء مع إدارة الصف الدراسي

رؤية الصورة الكبيرة

بينما اعتمد كل من المعلمين المبتدئين والخبراء على الاستراتيجيات التفاعلية لمعالجة سوء سلوك الطلاب على سبيل المثال من خلال توجيه توبيخ مثل “انظر إلي!” إذا كان الطلاب مزعجين، كان المعلمون الخبراء أكثر ميلًا إلى التفكير في كيفية استطاعة الاستراتيجيات الاستباقية منع سوء السلوك في المقام الأول.

كان المعلمون الجدد يميلون إلى النظر إلى إدارة الصف الدراسي بشكل ضيق كطريقة للرد بشكل مباشر على مشكلات الانضباط، بينما كان لدى المعلمين الخبراء “فهم أشمل لإدارة الصف الدراسي وتعقيدها” من خلال تصور الانضباط في السياق الأوسع لكيفية تنظيم الدروس وتنفيذها، ومدى وضوح المعلم في توصيل التوقعات، وحتى كيفية ترتيب البيئة المادية.

البحث عن أسباب جذرية

كان المعلمون الخبراء أكثر مهارة في تفسير الأسباب والتأثيرات الكامنة وراء سلوك الطلاب. إذا لم يكن الطلاب منتبهين على سبيل المثال كان من المرجح أن يركز المعلمون الجدد على تصحيح السلوك فقط، في حين أن المعلمون الخبراء كانوا يفكرون في فكرة أن السلوكيات ظرفية ويسعون إلى استراتيجيات لتحسين بيئة التعلم لتقليل الاضطرابات المستقبلية.

بالمقارنة مع المعلمين المبتدئين، يميل المعلمون المتمرسون إلى امتلاك فهم “أكثر تفصيلاً وترابطًا” لسوء سلوك الطلاب، مما يشكل صورة شاملة لطلابهم.

إظهار التوازن الصحيح بين السلطة والاستقلال

إن وضع مجموعة من القواعد ثم المطالبة بالامتثال لها هو أمر غير مجد، خاصة مع الطلاب الأكبر سنًا. في النهاية يرى المعلمون الخبراء الصف الدراسي كنظام بيئي يتضمن توازنًا دقيقًا بين سلطة المعلم واستقلالية الطالب. “لقد رأوا سلوك الطلاب في سياق سلوك المعلم، والتفكير في الأسباب والحلول” بدلاً من المبالغة في التأكيد على “النظام والانضباط”.

في بعض الأحيان عندما يتصرف الطلاب فإنهم يظهرون فقط سلوكيات تنموية طبيعية وصحية. بالنسبة للمعلمين الأكثر خبرة فإن الصف الصحي هو الصف الذي يُسمح فيه للطلاب ببعض الفسحة المعقولة في سلوكياتهم ويتم تعليمهم كيفية التفكير في الآخرين وتنظيم أنفسهم.

ابحث عن مكانك وأسلوبك

بذل جميع المعلمين جهودًا لمراقبة غرفة الصف، لكن المعلمين الخبراء كانوا أكثر كفاءة لأن لديهم وعيًا موضعيًا أكبر ويضمنون أنهم يشغلون الأماكن التي يبقى فيها الطلاب والعمل الطلابي تحت أنظارهم. على سبيل المثال  أشار أحد المعلمين إلى أنه كثيرًا “يتجول في الصفوف وينظر إلى ما يفعلوه الطلاب” وهي استراتيجية شائعة لضمان قيام الطلاب بمهمة عند القيام بعمل مستقل.

كان المعلمون الخبراء يدركون أيضًا كيف أثرت لغة جسدهم وتعبيرات وجوههم وحضورهم وقدرتهم على التحكم في عواطفهم على الحالة العاطفية لطلابهم.

كتبت Lori Desautels أستاذة التعليم في جامعة بتلر “المشاعر معدية، وعندما يكون المعلم أنموذجاً في الحضور الهادئ من خلال لهجته وتعبيرات وجهه ووقفته يكون الطلاب أقل عرضة للرد الدفاعي”. اعمل على إظهار الحماس وحاول أن تحافظ على هدوئك إذا كان ذلك ممكنًا.

التكيّف

يوضح الباحثون أن “الإدارة الناجحة للصفوف الدراسية تتطلب التطبيق التكيفي لمجموعة من الاستراتيجيات المختلفة”. إذا كان الطالب يتصرف على نحو غير لائق لأن يومه سيئًا  فسيتطلب ذلك أسلوبًا مختلفًا عما إذا كان محبطًا من صعوبة الدرس أو مرتبكًا من التعليمات. اكتشف الباحثون أن المشكلات الأخيرة تمثل 20 في المئة من سوء السلوك في الصفوف الدراسية وفقًا لدراسة منفصلة أجريت عام 2018.

عندما يصبح المعلمون أكثر خبرة فإنهم يخضعون لـ “تحول في المنظور” من “رؤية الأجزاء مقابل رؤية الكل”، كما أفاد بذلك الباحثون. بينما اعتمد المعلمون المبتدئون أكثر على الإجراءات الروتينية والعواقب، بشكل أساسي الاتباع الحرفي للقواعد عندما يتعلق الأمر بإدارة سلوك الطلاب، كان لدى المعلمين الخبراء “خبرة تكيفية” سمحت لهم بالاستفادة من مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات اعتمادًا على السياق. ( Terada,2021)

المراجع:

– R. Kratochwill, Thomas,(2010). Classroom Management Module. https://www.apa.org/education-career/k12/modules-classroom-management

– Terada, Youki,(2021). How Novice and Expert Teachers Approach Classroom Management Differently. https://www.edutopia.org/article/how-novice-and-expert-teachers-approach-classroom-management-differently

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن الإدارة الصفية