نظرية التعلق Attachment Theory
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
نوفمبر 20, 2022
3 دقائق
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
نوفمبر 20, 2022
3 دقائق
نظرية التعلق من النظريات المهمة، وتتجلى أهمية التعلق في مرحلة الطفولة بكونه يؤثر في النمو الاجتماعي، ولعل سلوك الفرد مع الآخرين في مراحل حياته يكون انعكاساً لنمط تعلقه في مرحلة الطفولة.
نظرية التعلق Attachment Theory هي نظرية قام بتطويرها “جون بولبي Bowlby” وتعدّ لغاية يومنا هذا إحدى النظريات المؤثرة، التي تشكّل قاعدة بحثية لأبحاث كثيرة في العقود الأخيرة، ولقد اعتمد “بولبي” في نظرية التعلق على أبحاث في علم سلوكيات الحيوانات. (مرعي، 2016)
التعلق: صلة عاطفية مهمة – رابطة وجدانية – بين شخصين، فالطفل أو الراشد المتعلق بشخص آخر، يعدّه “قاعدة أمان” يمكنه الانطلاق منها لاستكشاف العالم، ويعدّه مصدر راحة عند الإحباط أو التعرض للضغوط كما أنه مصدر للتشجيع. (عبد الرحيم، 2001)
كان اهتمام “بولبي” بالتعلق اهتماماً منبثقاً من اهتمامه بنمو الطفل والعلاج النفسي والإثيولوجيا، فهو أول من أشار إلى ظاهرة التعلق كرابطة انفعالية بين الطفل ومن يقوم برعايته، إذا لاحظ أن الأطفال يقتربون من الأشخاص الذين يقومون برعايتهم، واقترح أن هذا السعي نابع عن حاجة فطرية لدى الإنسان تؤدي وظيفة بيولوجية مهمة، وهي حماية الطفل من الخطر المحتمل حدوثه في البيئة وتأمين بقائه البيولوجي، وذلك من خلال اقترابه من مربٍ يقدم له الرعاية والحماية اللازمة. (العتيبي، 2010)
وقد وجد “سبيتز” نوعاً من الانهيار العصبي عند بعض الأطفال المحرومين من عاطفة الأم، وتدل الدراسات العيادية أن الأسرة المضطربة تنتج أطفالاً مضطربين. (سليم، 2002)
ثمّة أربعة اتجاهات تناقش طبيعة علاقة الطفل بأمه:
(مدوري، 2015)
هنا يكون الطفل متعلقاً بأمه كمصدر للأمن، ولكنه يجعلها كمنطقة انطلاق، ينطلق من خلالها لاستكشاف ما حوله، ثم يرجع الطفل إلى أمه (قاعدة الأمان) ليستمتع بحنانها والشعور بالأمان معها، وهنا تؤدي الأم دوراً مهماً جداً في الوصول بالطفل إلى ذلك النوع من التعلق فتدعمه نفسياً، من خلال تشجيعه لاكتشاف الأشياء والأشخاص، فالأم المتمتعة بحساسية عالية في استجابتها للطفل تمكّنه من أن ينمي تعلقاً آمناً.
فيه يكون الطفل متعلقاً بأمه بشدة، ويبدي مقاومة للشخص أو الموقف الذي يريد أن ينتزعه من حضن أمه، وبذلك يفشل في استكشاف المحيط الذي يحيط به، بل ويبدي غضباً وانفعالاً عند عودة الأم له، كأنه يعاقبها على ما فعلته معه مِن تركها له، وهنا الأم لم تدعمه نفسياً وستجعل انفصاله عنها صعباً، وفيه يكون الطفل غير متأكد من أن الأم سوف تكون متواجدة ومتجاوبة ومتعاونة عند الاحتياج (أي تعرض لحرمان جزئي من الأم أو أن يكون اتجاه الأم غير ودود نحو طفلها)، حيث يشير “بولبي” إلى أن الطفل يعدّ محروماً من الأمومة حتى لو كان يعيش مع أسرته إذا لم تكن لدى أمه القدرة على منحه رعاية الحب التي يحتاج إليها.
فيه لا يكون لدى الطفل أي ثقة بأنه سوف يجد التجاوب والتعاون عند الاحتياج للرعاية، بل الرفض والصد، وعند درجة معينة يحاول الطفل أن يكتفي بنفسه عاطفياً فيحتفظ بوالديه بعيداً عنه، ويصبح منشغلاً بأنشطته وألعابه الشخصية متجاهلاً أي مبادرات قد تنشأ من الوالدين وهذا النمط ينشأ من الرفض والصدّ المستمر للأم عند احتياج الطفل إليها، ويشير “بولبي” إلى أن الآثار الضارة للحرمان الأمومي تختلف في درجتها، فالحرمان الجزئي يصحبه القلق والحاجة الملحة إلى الحب والمشاعر القوية بالانتقام، وبسبب هذه الأخيرة ينتج الشعور بالذنب أو الاكتئاب، أما الحرمان التام فتأثيره أعمق وقد يعوق تماماً قدرة الطفل على إقامة علاقات مع غيره من الناس. (مدوري، 2015)
أشار كفافي (2009) إلى أهم العوامل التي قد تُضعف التعلق كالآتي:
تؤدي الأم دوراً رئيساً في حياة الطفل، وفي ضوء علاقتها بالطفل تنمو شخصية الطفل، فالأم المتزنة انفعالياً المهتمة بطفلها يكون أثرها إيجابياً، أم الأم المضطربة انفعالياً والتي لا تهتم بطفلها أو تهجره أحياناً يكون أثرها سلبياً؛ وكلما زاد الحرمان العاطفي، زادت الندوب في شخصية الطفل؛ فالطفل يحتاج إلى الاهتمام والرعاية لينمو نمواً سليماً.