اضطراب المعالجة الحسية لدى أطفال اضطراب طيف التوحد الأسباب والحلول
عمار مطر
مارس 20, 2023
5 دقائق
عمار مطر
مارس 20, 2023
5 دقائق
في كثير من أدبيات التربية الخاصة التي ناقشت موضوع الطفل ذي اضطراب التوحد يذكر أن اضطراب طيف التّوحد مرض غامض، وذكر بعضهم أنه اضطراب نمائي يصيب الطفل في سن مبكرة، ويعد اضطراب طيف التوحد من الموضوعات التي لها الصدارة في رعاية ذوي الحاجات الخاصة، بغية الوقاية والاحتراز من تأثيرات الإصابة بالعوق والعجز الذي يؤثر عليهم في بدء حياتهم، والذي يمكن تخفيف حدته أو علاجه في مراحله الأولى حين يمكن إتاحة فرص الحياة باعتدال وبتكيف مع متطلبات الحياة، واستمرار تواصل حياة المصابين بالتوحد لتخفيف العوق والعجز الذي يعانون منه. ومن المعروف علمياً أن الدّماغ يعمل بتكامل تام مع أعضاء الجّسم جميعها ومنها الحسية، بحيث يأخذ المدخل الحسي ويعالجه ويفسره ويترجمه، ومن ثم يقوم بإرسال الأوامر لأعضاء الجسم المختلفة كمخرجات حسية تبعاً للمدخلات سواءً كانت مدخلات حسية تتعلق باللمس أو الحركة أو الشم أو التذوق أو البصر أو السمع. وبالنسبة للدماغ فهذه الأعضاء الحسية مشمولة ومتصلة أيضاً بذاكرتنا ومعرفتنا ومعلوماتنا المتواجدة في الدماغ من تجاربنا القديمة لفهم ما يدور من حولنا بطريقة أسهل، وفي معظم أطفال اضطراب طيف التوحد الذين لديهم مشاكل حسية والأطفال الذين يعانون من مشاكل التكامل الحسي تكون المشكلة في المرحلة الأخيرة، ألا وهي ترتيب المدخلات الحسية، فعندما لا يدمج المدخل الحسي ولا ينظم أو يرتب سوف يعاني الاطفال من مشاكل حسية وخاصة في رحلتهم للتعرف على العالم والبيئة المحيطة بهم، وسوف تتم بصورة مختلفة كلياً عما تكون عليه لدى الأفراد السليمين حسياً، إذ أنهم لا يحصلون دائماً على صورة واضحة ودقيقة لجسدهم في الفراغ ولا لمحيطهم ومن هنا تظهر المشاكل الحسية. (محمد، حميد العنزي،2020، ص.294).
يمكن تعريف هذه الاضطراب، وفق الدليل التشخيصي والإحصائي النسخة الخامسة والمنقحة، بأنه عجز ثابت في التواصل والتفاعل الاجتماعي في سياقات متعددة في الفترة الراهنة أو كما ثبت عن طريق التاريخ وذلك من خلال كلٍ ما يلي:
هي قدرة الطفل التوحدي على استقبال المعلومات الحسية وتكاملها ودمجها، لإنتاج سلوك يتلاءم مع طبيعة المدخلات والمثيرات الحسية بشكل هادف. (حليلم،2022، ص.152).
تُعرف (سهي نصر، 2014) المعالجة الحسية باعتبارها قدرة الدماغ على إدراك وتفسير وتنظيم المثيرات الحسية المستقبلة من خلال الحواس، وترجمتها برد الفعل أو السلوك الظاهر أو غير الظاهر، ويؤثر الخلل في المعالجة الحسية على أداء وإدراك الطفل في مهام الحياة اليومية، من أكل ونوم واستحمام وأداء أكاديمي وتفاعلات اجتماعية سلبية وسوء في التنظيم الانفعالي. (أحمد الحلو، 2021، ص.115).
عدم قدرة الطفل ذي اضطراب التوحد على اكتساب أنماط متعددة من أنشطة التكامل الحسي، والتي يتم من خلالها التدخل بأنشطة للتكامل الحسي للحفاظ على المعالجة الحسية. (محمد، حميد العنزي،2020، ص.297).
وتعرف الجمعية الأمريكية للطب النفسي (2013) اضطراب المعالجة الحسية بأنه خلل في معالجة المدخلات وتنظيم المُخرجات الخاصة بالمعلومات الحسية، حيث يستقبل المُدخل غير الفعال المعلومات بصورة هائلة، فإن المخ يكون تحت حمل زائد مما يتسبب في أن يتجنب الطفل المثير الحسي، والعكس صحيح فعندما يستقبل المخ معلومات صغيرة، فإنه يبحث عن مزيد من المثيرات الحسية، ويحدث لديه عدم تنظيم عصبي، حيث لا يستقبل المخ الرسائل، وذلك إما بسبب تفكك الخلية العصبية أو أن يستقبل الرسائل الحسية ولكن بشكل متناقض وغير مترابط. (أحمد الحلو،2021، ص.115).
هناك ثلاثة أنواع من الحواس وهي الحواس الباطنية العامة المتمثلة في الحاجات العضوية، والحواس الباطنية الخاصة المتمثلة في التوتر العضلي والحركة والتوازن، والنوع الثالث هو الحواس المستقبلة للمنبهات الخارجية وهي المتعلقة بالبصر والسمع والشم واللمس والتذوق .
أولاً: الحواس الباطنية العامة:
هذا النوع من الحواس يظهر في حالة الأحشاء من امتلاء وإفراغ المعدة والأمعاء والمثانة، وتنتقل هذه الحواس عن طريق الأعصاب الموجودة في الأجهزة الحشوية من الجهاز الهضمي الموصلة لقشرة المخ، ومن مظاهر هذه الحواس الباطنية العامة الجوع والعطش والتعب والرعشة والضيق والارتياح والإثارة الجنسية، وقد ينتج عن اختلال هذا النوع من الحواس أن يفقد الفرد التمييز بين حالتي الجوع والشبع، أو يفقد الشهية للطعام، أو البرود والتّبلد، أو الشعور بالتعب عند القيام بمجهود بسيط جداً، أو عدم الشعور بالتعب رغم بذل مجهود شديد جداً.
ثانياً: الحواس الباطنية الخاصة:
وهذا النوع من الحواس أكثر تميزاً من النوع السابق، حيث أن له أعضاء خاصة لاستقبال التنبيهات، موجودة في العضلات والأوتار والمفاصل، وكذلك موجودة في الجزء التوازني من الأذن الداخلية، وهذا النوع من الحساسية يتأثر بالمنبهات الميكانيكية كالضغط والشدة والاحتكاك والحركة، وكل هذه الأمور تتحد في حاسة الحركة والتوازن. ومن مظاهر هذا النوع من الحواس الإحساس بالضّغط العميق والجهد والمقاومة والإحساس بثقل الأجسام والإحساس بوضع الأطراف وحركاتها كالمدى والاتجاه والسرعة بالنسبة للجسم، والإحساس بتوازن الرأس بوضع الجسم وتوازنه بالنسبة إلى قوة الجاذبية من وقوف وانحناء وجلوس واستلقاء وانبطاح) وكذلك الإحساس بتحريك وانتقال الجسم بالنسبة إلى الاتجاهات المكانية فوق وتحت ويمين وشمال وأمام وخلف.
ثالثاً: الحواس المستقبلة للتنبيهات الخارجية:
هذا النوع من الحواس يتمثل في إحساسنا وإدراكنا للمؤثرات الخارجية، والتي تعتمد على كفاءة أجهزة الحواس الخاصة بالسمع والبصر واللمس والتذوق والشم.
ومن مظاهر هذا النوع من الحواس الإحساس باللمس والبرودة والسخونة والطعم المر والحلو والمالح والحامض والروائح الزكية والكريهة وروائح التوابل وتمييز الألوان وتمييز الأماكن والأصوات المرتفعة والأصوات الضّعيفة والموسيقى والغناء وغيرها من الكثير من المظاهر الحسية التي تعتمد على الحواس الخمسة.(عبد الحليم،2021، فقرة).
كان هناك العديد من الافتراضات والتكهنات حول أسباب اضطراب المعالجة الحسية، ولم يتم تحديد أي شيء ملموس حتى الآن، ومع ذلك، يقول العديد من الباحثين أن بعض أسباب SPD يمكن أن تكون مما يأتي:
يتم تصنيف اضطرابات العملية الحسية على النحو التالي میلر وآخرون 2007:
مشاكل المعالجة الحسية ليست في DSM-5. لذلك لا يمكن تشخيصها من الناحية الفنية. ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كان طفلك يعاني من مشكلات معالجة حسية.
ابدأ بتدوين ملاحظات حول السلوكيات والأعراض التي تراها في طفلك ومتى تحدث، ويمكنك أيضًا أن تسأل معلمي طفلك عن السلوكيات والأعراض التي لاحظوها في المدرسة.
كل هذه المعلومات ستكون مفيدة للمتخصصين الذين سيقيمون طفلك، عندما تكون مستعدًا للتشاور مع المحترفين، إليك بعض الأماكن الجيدة للبدء: تحدث إلى طبيب أطفال طفلك، اشرح أعراض طفلك، وشارك ملاحظاتك. قد يوصي الطبيب بتقييم شامل، وقد يحولون طفلك لفرز من قبل أخصائي، سواء في مدرستك أو في الممارسة المهنية، والتشاور مع المتخصصين، كما قد يطلب منك المقيم المساعدة في ملء الفراغات الخاصة بتطور طفلك من خلال مشاركة معلومات حول سلوكيات المشكلة، وقد يشمل ذلك متى بدأت السلوكيات ومتى تحدث؟ وإذا وجدت طرقًا لتهدئة أو موازنة مشاكل حساسية طفلك، فتأكد من ذكر ذلك. (جلال، 2018، فقرة).
نتيجة لعدم وجود سبب محدد لاضطراب المعالجة الحسي فإنه لا يوجد علاج محدد لمثل هذه الاضطرابات، لكن بإمكان العلم الحديث إيجاد حل قابل للتطبيق يمكن أن يقلل من المشكلات الحسية عندما تكون شديدة مثل:
العلاج المهني: يمكن للمعالج المهني أن يساعد الطفل على ممارسة أو تعلم القيام بأنشطة عادة ما يتجنبها بسبب المشاكل الحسية.
علاج طبيعي: يمكن للمعالج الطبيعي تطوير نظام غذائي حسي.
العلاج التكاملي الحسي والذي من خلاله يتعلم الأطفال كيفية الاستجابة لحواسهم بشكل صحيح. (اضطراب المعالجة الحسية، د.ت، فقرة).
الخاتمة:
وبناءً على ما سبق نجد أن مشكلة الاضطرابات الحسية تزيد من حالة الإنغلاق لدى أطفال اضطراب طيف التوحد، ويجب على الأهل ملاحظات سلوكيات أطفالهم وما يظهر عليهم من علامات لتجنب زيادة الشدة في مشكلة اضطرابات المعالجة الحسية التي قد تفقد الطفل كل ما تعلمه وكل ما يملكه من معارف.