الحمية الغذائية الخالية من الكلوتين والكازين لأطفال اضطراب طيف التوحد
عمار مطر
مارس 20, 2023
4 دقائق
عمار مطر
مارس 20, 2023
4 دقائق
يعد الأوتيزم اضطراب طيف التوحد من أكثر الاضطرابات النّمائية صعوبة بالنسبة للطفل نفسه ولوالديه، ولأفراد الأسرة الذين يعيشون معه، ويعود ذلك إلى أن هذا الاضطراب يتميز بالغموض وبغرابة أنماط السلوك المصاحبة له، وبتداخل بعض مظاهره السلوكية مع بعض أعراض إعاقات واضطرابات أخرى؛ فضلاً عن أن هذا الاضطراب يحتاج إلى إشراف ومتابعة مستمرة من الوالدين، وتعود كلمة “الأوتيزم” إلى أصل إغريقي هي كلمة ” أوتوس” Autos وتعني الذات، وتعبّر في مجملها عن حال من الاضطراب النمائي الذي يصيب الأطفال، كما تم التّعرف على هذا المفهوم قديماً في مجتمعات مختلفة مثل روسيا والهند في أوقات مختلفة ولكن بداية تشخيصه الدّقيق إن صح هذا التعبير لم تتم إلا على “يد” ليو كانر” ,Leo Kanner 1943 حيث يعد أول من أشار إلى أن “الأوتيزم اضطراب يحدث في الطفولة وقصد به التقوقع على الذات .(متولي،2015،ص.6).
ولقد أثبتت الحمية الغذائية الخالية من الكازين والجلوتين Casein and Gluten Free Diet فعاليتها في مساعدة الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد، وذلك لأن عدم تحمل ذوي التوحد لمادة الكازيين (الجبنين) والجلوتين (الغروين) هي إحدى النّظريات التي تفسر التوحد، وهي مرتبطة بنظريات أخرى ذات علاقة مؤثرة، خاصة ما يحدث في اضطرابات داخل المعدة الدماغ لدى الطفل من ذوي اضطراب طيف التّوحد، وهذه النظريات هي: نظرية زيادة الأفيون المخدر لدى الأشخاص ذوي اضطراب طيف التّوحد Opioid Excess-نظرية منفذية أو تسريب الأمعاء Intestinal Permeability-نظرية عملية الكبرتة Free Sulphate .وهناك العديد من الدّراسات التي توضح ترابط هذه النّظريات بالتّوحد، فنظرية زيادة الأفيون المخدر لدى الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد هي إحدى النّظريات المعقدة التي وضعها البروفيسور جاك بانكسيب Jack Panksepp من جامعة جرين بولينج عام 1979م.
الكازيين (الجبنين ) Casein هو البروتين الأساسي في الحليب ويوجد أيضاً في مشتقات الحليب.
الجلوتين (الغروين) هو مادة لزجة تتكون أثناء عجن الحنطة وتوجد في الشوفان والشعير والجاودار (Bran & Barley, Oat, Wheat) أو بمعنى آخر، هو البروتين الموجود في الحنطة ومشتقاتها. (الفهد،2016، فقرة).
يمكن تعريف اضطراب طيف التوحد كما جاء في دليل القواعد التنظيمية لمعاهد وبرامج التربية الخاصة (2002) بأنه اضطراب يحدث لدى الطّفل قبل بلوغه سن 36 شهراً ومن مظاهره الأساسية الإخفاق في تنمية القدرة على الكلام والتّحدث، وعدم القدرة على استخدام ما تعلمه أو ما هو موجود لديه أصلاً للتواصل الطبيعي مع الآخرين، والانطواء والانعزال وعدم المقدرة على تكوين علاقات عادية مع الآخرين، بالإضافة إلى وجود سلوكيات نمطية غير هادفة ومتكررة بشكل واضح. (قراقيش، 2017، ص.202).
التغذية من أهم العوامل التي تحدّد صحة الفرد وتكوين بنيته، وارتفاع المستوى الغذائي في المجتمع يعكس مدى تطوره، ولما للغذاء من دور كبير في مرحلة النمو الجسماني والعقلي وازدياد قدرة الإنتاج وارتفاع مقاومة الأفراد لكثير من الأمراض، فالغذاء السّليم والمناسب يؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على الصحة العامة للإنسان ووقايته من الإصابة بالأمراض المختلفة (نجاتي، د. ت، ص. 13)
الغذاء مهم لبناء الفكر والجسم، وقد يكون الطفل قد تعوّد على التغذية سائلة أو شبه سائلة قبل ظهور الأعراض، وفي محاولة إدخال التغذية الصلبة يرفضها الطفل، فقد لا يكون لديه معرفة بتحريك فكيه لتناول الغذاء الصلب وخصوصاً الحجم الكبير منه فيقوم برفضه، مما يؤدي إلى سوء التغذية، كما أن طفل التوحد نمطي في سلوكه، فقد يكون نمطياً في غذائه، فيتعود على نوع واحد من الغذاء ويرفض ما دون ذلك، وعند التّغيير يبدأ بالاستفراغ، كما أن نمطية الغذاء قد تؤدي إلى الإمساك الدائم والمتكرر. (شرياف وشريفي،2019، ص.52).
يجب أن يتوقف أي قرار بشأن إدخال نظام الحمية الغذائية للطفل التوحدي على الوالدين لأنه موضوع غير سهل ويحتاج إلى متابعة دائمة وذلك للأسباب التالية:
أولاً: هذا النظام يحتاج للمراقبة والتّنسيق التام مع أفراد الأسرة وبقية العائلة والأصدقاء، والأهم إعلام المسؤولين المباشرين عن التّعامل مع الطفل في المدرسة.
ثانياً: صعوبة إيجاد الأطعمة الخالية من الغلوتين والكازيين، فهذه المواد لا نجدها في كل الأطعمة.
ثالثاً: العبء المالي الكبير في استعمال حمية الأغذية الخالية من الغلوتين والكازيين، لأن هذه الأغذية أغلى بكثير من المواد الأخرى المتضمنة، ونسبة للفترة غير المحددة لاستخدام الطفل لتلك الأغذية فسوف ترتفع التكلفة أكثر وأكثر.
رابعاً: تفادي الحفلات والأماكن التي تتوفر فيها المشهيات والمغريات حيث أن الطفل سوف يشعر بالعزلة والتّفرقة إذا لم يسمح له بتناول ما يتناوله الأطفال الآخرون.
خامساً: اعتماد هذا النظام على زيارات واستشارات دورية للأطباء وأخصائي التغذية. (الشبلي، السعد،2001، ص.28).
يشير (National Institutes of Clinical Center, 2009) أنه قد وجدت بعض الدراسات زيادة Peptides لدى 5 – 9% من التّوحديين، مما يؤثر علي الإدراك والتّعلم والفهم والدّافعية، بالإضافة إلي ضعف المناعة، ومشاكل بالأمعاء (2009) Betancur, et al، ولذا يشير البعض إلى ضرورة اتباع نظام غذائي محدد خالٍ من الجلوتين / الكازين، ولقد أكد البعض كما جاء في Angleyet (2007) أن الطّفل التّوحدي يتحسن سلوكه بعد إزالة أنواع من الغذاء، ومنها الجلوتين، والكازين، والموالح، والشوكولاتة، والمأكولات التي تحتوي علي صبغات والمواد التي تحتوي حمض السالسليك، والطماطم والباذنجان، ولكن ليس كل الأطفال التوحديين يتأثرون بهذه الأطعمة أو تتأثر سلوكياتهم بطريقة سلبية، كما أنه لا يوجد نظام غذائي ثابت أو واحد يساعد كل الأطفال المصابين بالتوحد. (مجلة كلية التربية، 2015، ص.311).
هذا وقد أشارت كثير من الدّراسات حسب البيومي (2008) إلى أن استخدام الحمية الغذائية الخالية من الجلوتين والكازين لها فائدة في تخفيف أعراض التّوحد، خاصة السلوكية منها، حيث تزداد معدلات التّركيز والانتباه ويصبح الطفل أكثر هدوءاً واستقراراً، مع انخفاض ملحوظ في معدل سلوك إيذاء الذات والسلوك العدواني، وتحسن عادات النوم، والتّواصل بشقيه اللفظي وغير اللفظي، وتحسن عادات الطعام. (سعود العسكرات، 2011، ص.101).
أولاً: الأغذية المسموحة لأطفال اضطراب طيف التّوحد، اللحوم بأنواعها، والفواكه الطّازجة، والفواكه المجففة، والحبوب المجففة كالعدس والفاصولياء، والأرز، والفوشار وحبات الذرة المشوية)، شرائح البطاطا، جوز الهند، الشاي الأحمر والأخضر.
ثانياً: الأغذية الممنوعة على أطفال اضطراب طيف التّوحد، اللحوم المصنعة مثل النّقانق، ودقيق القمح وما يتم صنعه منه مثل الخبز والبسكويت والمعكرونة، والحليب ومشتقاته مثل اللبن والأجبان والشكولاتة والزّبادي واللبنة، والمايونيز، والبقول المعلبة، والصّلصات الجاهزة.
كما أن مفتاح المعالجة الناجحة هو معرفة المواد المسببة للحساسية، وغالباً ما تكون عدة مواد مسؤولة عن ذلك، وفضلاً عن المواد الغذائية هناك عدة مواد أخرى ترتبط بالاضطرابات السلوكية، منها المواد الاصطناعية المضافة للطعام، والمواد الكيمياوية والعطور والرّصاص والألمنيوم، وأفضل نصيحة يمكن تقديمها هنا هي محاولة الحد وإلى أقصى درجة ممكنة من المواد الغذائية غير الطّبيعية (مجيد، 2010، ص.148).
الخاتمة:
هذا ومن المعروف أنه لا توجد ضمانات بحدوث النتائج المتوقعة لكل طفل من ذوي اضطراب طيف التّوحد يطبق الحمية، لذلك فإن الهدف المنشود هو إعطاء أولياء الأمور الأمل في علاج أطفالهم من ذوي اضطراب طيف التّوحد عن طريق التدخل العلاجي بالحمية الخالية من الكازين والجلوتين، لذا يجب على أولياء الأمور الاستعانة بأخصائيي التغذية المعتمدين قبل تغيير طعام أبنائهم من ذوي اضطراب طيف التّوحد، وذلك لعمل قوائم طعام تتناسب والحاجة الغذائية للفرد في اليوم الواحد.