ممارسات عالية التأثير لتطوير التعليم عن بعد

عندما انتشرت شعبية الصفوف الافتراضية في التعليم عن بعد قبل عقد من الزمن، شرعت وزارة التعليم الأمريكية في مشروع طموح، حيث قام الباحثون بالبحث في أكثر من ألف دراسة لتحديد ما إذا كان أداء الطلاب في التعليم عن بعد أسوأ أم أفضل من أولئك الذين يتلقون التعليم التقليدي المباشر، اكتشفوا أنه في المتوسط “كان أداء الطلاب في ظروف التعلم عن بعد أفضل قليلاً من أولئك الذين يتلقون التعليم المباشر”، ولكن كان هناك تحفظٌ كبير وهو: ليس وجود التكنولوجيا هو الأهم.

 في الواقع وجدت العديد من الدراسات أن التكنولوجيا قد تعيق التعلم إذا لم يتم توظيفها بالشكل الأمثل. على سبيل المثال كان المعلمون في كثير من الأحيان يقدمون درساً بالطريقة التقليدية المباشرة ويكررونه عبر الإنترنت، وهي طريقة مكلفة ونادراً ما تؤدي إلى أي تحسن. وكان السؤال الرئيسي للباحثين من قسم التعليم هو ما إذا كان النشاط في التعليم عن بعد بمثابة ” بديل للتعليم المباشر أم لتقوية وتعزيز تجربة التعلم المباشر”.

كتب الباحثون: “تشير هذه النتيجة إلى أن الآثار الإيجابية المرتبطة بالتعلم المدمج (الذي يجمع بين التعليم المباشر والتعليم عن طريق الانترنت) لا ينبغي أن تُنسب إلى الوسيلة التكنولوجية”.

 يتطلب التدريس عن بعد معرفة متخصصة وفهماً للاستراتيجيات التي من شأنها أن تسمح للمعلمين بتكييف التكنولوجيا لتناسب احتياجاتهم التربوية وليس العكس.

المفاتيح الثلاثة لتدريس الصفوف الدراسية عبر الإنترنت بشكل فعال

1. تواصل مع عائلات طلابك.

تريد العائلات أن تسمع منك كثيرًا وبشكل منتظم. قد يكون من السهل على الطلاب وأولياء الأمور الشعور بالانفصال. طمأنهم بأن “بابك الافتراضي” مفتوح دائمًا، وشارك بريدك الإلكتروني ورقم هاتفك مبكرًا وفي كثير من الأحيان في أماكن متعددة. التواصل الواضح والمحترم هو مفتاح بناء العلاقات ومجتمع الصف الدراسي.

2. نوِّع دروسك.

يجب أن يكون تدريسك مزيجًا من التدريس المتزامن وغير المتزامن (غير مجدول ويتيح التقدم الفردي). يتيح التدريس المتزامن من خلال المكالمات الهاتفية أو دروس الفيديو أو المحادثات المباشرة للطلاب طرح الأسئلة وبناء العلاقات معك ومع بعضهم البعض. وتسمح الأنشطة غير المتزامنة، مثل لوحات المناقشة أو المحاضرات المسجلة، للطلاب بإكمال المهام حسب وقتهم المتاح وسرعتهم الخاصة. هذان الأسلوبان لهما فوائد وهما ضروريان بطريقتهما الخاصة.

3. حدد الأدوات المناسبة لصفك.

من المرجح أن يكون نظام إدارة التعلم في مدرستك هو الأداة الأساسية التي تستخدمها للاتصال المباشر ونشر المهام. تعرف على الأمر مبكرًا، ولا تتردد في التواصل مع زملائك في العمل الأكثر ذكاءً من الناحية التقنية. ستحتاج أيضًا إلى أداة منفصلة مثل Google Voice أو Zoom أو المكالمات الهاتفية والدروس الحية والدردشة المرئية.

بالإضافة إلى هذه الأساسيات، هناك مجموعة كبيرة ومتنوعة من أدوات التكنولوجيا التعليمية لتحويل طريقة التدريس الخاصة بك وإشراك طلابك. هذا هو الجزء الممتع! The Albert Team,2021))

استراتيجيات فعالة للتدريس عبر الإنترنت

1. إنّ صفك الافتراضي هو مساحة تعلمٍ حقيقية، حافظ على تنظيمها:

أوضحت Swapna Kumar وزملاؤها في دراسة أجريت عام 2019، “يمكن للطلاب أن يقدّروا التنظيم القوي للدروس”. وأشاروا إلى أن المعلمين المبتدئين في التدريس عن بعد غالباً ما يركزون بشكل كبير على المحتوى، أي تحويل محاضراتهم وعروضهم التقديمية وأوراق العمل إلى تنسيق رقمي، تاركين جانباً تصميم الدرس باعتباره أمراً ثانوياً.

وتشير Kumar إلى أن “المدرسين المبتدئين لديهم خبرة في الموضوع التعليمي إلا أنهم قد يخفقون في التصميم ” موضحةً أن المعلمين المبتدئين في كثير من الأحيان “لا يعرفون كيفية تنظيم موادهم أو إعداد تصميم يكون منطقياً للطلاب”.

تقول Sarah Schroeder، الأستاذة المشاركة في جامعة Cincinnati، إنه عندما يرى الطلاب صفاً افتراضياً منظماً، فإنهم يكونون أكثر تفاعلاً وثقةً واستقلالية، والطلاب الذين يواجهون بيئات تعلم فوضوية ينسبون هذه الفوضى للمعلم.

إليك بعض النصائح البسيطة لتنظيم صفك الافتراضي:

  • خصص (مكاناً إلكترونياً) واحداً يمكن للطلاب الرجوع إليه كل يوم للاطلاع على مهامهم وإعلانات مهمة أخرى.
  • قم بإنشاء وتوضيح خطة بسيطة للاتصالات. على سبيل المثال، يمكن للطلاب الوصول إليك عبر الرسائل النصية أثناء ساعات العمل وعبر البريد الإلكتروني بعد المدرسة.
  • خصص أياماً أطلق عليها “تعلم التكنولوجيا” مع طلابك لمتابعة حالات الاستخدام الشائع، مثل إرسال المهام أو تسجيل الدخول إلى دروس متزامنة.
  • ابذل جهداً إضافياً لتكون توجيهاتك واضحة ومختصرة وفكر في إنشاء مقطع فيديو قصير يومياً يلخص أهداف اليوم. عند الكتابة استخدم القوائم المرقمة والفقرات القصيرة ذات العناوين الفرعية.
  • تخلص من الفوضى البصرية: يتضمن ذلك خطوطاً يصعب قراءتها وزخارف أو صور غير ضرورية.

2. قسّم الدروس إلى أجزاء أصغر قابلة للاستيعاب

في دراسة أجريت عام 2010، درس الباحثون مدى جودة تعلم طلاب المدارس الثانوية من مناهج العلوم عن طريق الانترنت وخلصوا إلى أن المواد في التعليم عن بعد في المتوسط ​​”تتطلب جهداً عقلياً عالياً لاستيعابها “، وأوضح الباحثون أن “سعة الذاكرة العاملة محدودة، ولا يمكن للمتعلم سوى التعامل مع بعض المفاهيم في وقت واحد”.

إن نشاطاً مدته 30 دقيقة في التعليم المباشر يجب أن يكون أقصر بكثير في الصف الافتراضي فبدلاً من تسجيل محاضرة كاملة فكر في إنشاء عدة محاضرات صغيرة، كل منها يغطي فكرة رئيسية واحدة. المدة المثالية لمقطع فيديو تعليمي وفقاً لدراسة أجريت عام 2014، هي حوالي 6 دقائق، وسجل الباحثون انخفاضات حادة في الانتباه بعد 9 دقائق.

من أجل منح الطلاب وقتاً إضافياً لاستيعاب المواد، قم بتنويع كثافة الأنشطة، ودمج فترات راحة الدماغ بانتظام طوال اليوم الدراسي.

3. يطلبُ أفضل المعلمين في التعليم عن بعد الكثيرَ من التعليقات

عندما تقف وجهاً لوجه مع طلابك في التعليم المباشر يمكنك عادةً معرفة إذا ما كان الدرس يسير بنجاح، فعندما ينجذب انتباه الطلاب للدرس تلمع أعينهم وتكون أدمغتهم في حالة نشاط زائد، لكن في الصف الافتراضي يصعب على المعلم معرفة مدى نجاح الدرس.

هذا هو السبب في أن مؤلفي دراسة عام 2019 التي سعت إلى تحديد أساليب أفضل المعلمين في التعليم عن بعد يقولون إنه يجب عليك بانتظام “جمع تعليقات الطلاب حول جوانب مختلفة من … الدروس عبر الإنترنت” من أجل تحديد “إذا ما كان التعليم يسير بنجاح أم لا.”

على عكس التقييم البنائي، الذي يركز على مدى فهم الطلاب للمواد بشكل جيد، من الأهمية بمكان أن تقيس أيضاً مدى قدرة الطلاب على الوصول إلى المواد التعليمية الافتراضية التي تدرّسها. ضع في اعتبارك استخدام استبيانات الطلاب التي تتم إدارتها عبر أدوات بسيطة مثل Google Forms لطرح أسئلة مثل: هل تواجه أي مشاكل فنية؟ هل يمكنك العثور بسرعة على عملك وإرساله؟ هل من السهل التنقل في هذا الصف الافتراضي؟

4. أدخل الشرح والتوجيهات والإرشادات والتعليقات

إذا كنت تقف في الصف وتريد أن ينتبه الطلاب إلى شيء ما كموقع على الخريطة أو معلومات على الشريحة يمكنك استخدام الإيماءات لتوجيه انتباه الطلاب. لكن قد يكون من الصعب تطبيق هذا السياق عبر الإنترنت.

للتعويض استخدم التعليقات التوضيحية البسيطة مثل الأسهم والتسميات النصية لتوفير “دعائم مرئية وتساعد في توجيه انتباه المستخدمين إلى تلك الجوانب المهمة في المواد التعليمية وتساعد في توجيه العمليات المعرفية للمتعلمين” كما يقول مؤلفو دراسة عام 2020. أظهر الباحثون أن الطلاب الذين عُرض عليهم خرائط مع إشارات بصرية ونصية مثل الأسهم والملصقات التي تحدد المواقع الرئيسية، سجلوا درجات أعلى بنسبة 35 في المائة في اختبار الاسترجاع من أولئك الذين تعرضوا للخرائط بدون إشارات.

أيضاً، أدخل الأسئلة بشكل مدروس في مقطع فيديو تعليمي في النقاط الرئيسية للتحقق من الفهم. أسئلة تحث على التفكير النقدي مثل “هل يمكنك التفكير في أي استثناءات لهذه القاعدة؟” أو أسئلة التحقق من الفهم مثل “كيف تحدد كمية الحركة من قياسات الكتلة والسرعة؟” مثل هذه الأسئلة لا تحافظ على نشاط الدرس فحسب، بل تعزز المشاركة الأعمق للمواد التعليمية وتسمح لك بتقييم التعلم وذلك وفقاً لدراسة أجريت عام 2018.

5. الاختبارات القصيرة المتكررة ذات الصعوبة المنخفضة: سهلة التنفيذ وفعالة للغاية

تعزز اختبارات التدريب غير الصعبة الاحتفاظ بالمادة التعليمية، والطلاب الذين يواجهون صعوبات تعليمية هم الأكثر استفادة من هذه الاختبارات وذلك وفقاً لإحدى الأبحاث الحديثة. وعلى الرغم من أن الاختبارات القصيرة في التعليم عن بعد لا تقدم فائدة أكبر من الاختبارات الورقية، إلا أنه يمكن تصحيحها تلقائياً مما يوفر ساعات من العمل.

 استخدام أدوات شائعة مثل Kahoot and Quizlet لإنشاء اختبارات عن بعد هو أمر ممتع ويساعد الطلاب أيضاً على إعادة فهم المواد التعليمية والاحتفاظ بها بشكل أفضل. إذا كنت ترغب في زيادة المشاركة بشكل أكبر يمكنك استخدام مسابقة الألعاب Jeopardy! board لتصميم الاختبارات الخاصة بك.

6. قاوم العزلة في التعليم عن بعد من خلال التواصل مع طلابك

في التعليم عن بعد أنت لست منفصلاً جسدياً عن طلابك فحسب، بل تزداد المسافة النفسية والعاطفية بينكم أيضاً، مما يؤدي إلى إضعاف السياق الاجتماعي المهم الذي يُعد تربة خصبة للتعلم وذلك وفقاً لدراسة أجريت عام 2016. ستحتاج إلى بذل جهود خاصة لخلق شعور بالانتماء للمجتمع في الصف الافتراضي الخاص بك.

كتب Jason Dockter وهو أستاذ جامعي شارك في الدراسة السابقة: “لتعويض تأثيرات العزلة في التعليم عن بعد، يمكن للمدرسين أن يسعوا جاهدين للتواصل مع الطلاب بشكل غير رسمي وأكثر انتظاماً “. ليس الهدف هنا مناقشة الأمور التعليمية فقط، ولكن لإثبات “أن المعلم مهتم شخصياً ويعتني بكل طالب”.

يمكنك تكييف العديد من الأنشطة التي تستخدم في التعليم المباشر للعمل بها في الصفوف الافتراضية:

  • حدد وقتاً للدردشة في بداية الدرس.
  • جرب ميزة “غرفة الانتظار” في برنامج Zoom للترحيب بالأطفال في الصف واحداً تلو الآخر.
  • استخدم غرف الاستراحة لتقسيم الطلاب إلى مجموعات صغيرة مع تنفيذ تمارين وألعاب لبناء العلاقات.
  • في نهاية اليوم اطلب من الطلاب أن يفكروا فيما تعلموه عن طريق المناقشة أو نشاط ختامي.
  • اطرح أسئلة ممتعة مثل “ما هو فيلمك المفضل؟” باستخدام أدوات الفيديو الخاصة بك، أو على السبورات الرقمية البيضاء مثل   Jamboardأو Padlet، واطلب من الطلاب المشاركة.

7. اعتنِ بنفسك

لست وحدك؛ لقد شهدت صحة المعلم وراحته “تدهوراً حاداً” في الأشهر الأخيرة حيث أبلغ 71٪ من المعلمين عن مستوى معنويات أقل مقارنة بمستويات ما قبل الوباء. وكما يقول المثل، “لا يمكنك أن تصب من كوب فارغ” إذا أردنا أن ينجح طلابنا، فنحن بحاجة إلى التأكد من رعاية معلمينا. ولا يقتصر الأمر على كون إجهاد المعلم معدياً وهذا يعني ارتفاع مستويات التوتر للطلاب، ولكنه يؤدي أيضاً إلى أداء أكاديمي ضعيف للطلاب.

المراجع:

– Terada, Youki,(2020). 7 High-Impact, Evidence-Based Tips for Online Teaching. https://www.edutopia.org/article/7-high-impact-evidence-based-tips-online-teaching

– Terada, Youki. 7 High-Impact, Evidence-Based Tips for Online Teaching https://lepole.education/en/school-at-home/150-7-high-impact,-evidence-based-tips-for-online-teaching.html

– The Albert Team,(2021). Strategies for Teaching Online: The Ultimate Guide for Educators. https://www.albert.io/blog/strategies-for-teaching-online/

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن تعليم