التربية الإيجابية

يشتكي كثير من الآباء من زيادة السلوكيات غير المرغوبة التي يقوم به أبناؤهم، كالسرقة والكذب والحركة الزائدة والاعتداء على الأطفال وغيرها.  وعلى الرغم من أن الآباء يقومون بتعنيفهم والصراخ عليهم وحتى ضربهم في بعض الأحيان، إلا أن الأطفال يزدادون عنفاً وأذية، ويزداد معهم الآباء غضباً وقسوة. فما هو الحل؟

بدايةً على الآباء أن يدركوا أنه لا يوجد حل جذري لكل المشكلات السلوكية للأطفال، خاصة إذا عرفنا أن كثيراً من هذه السلوكيات ليست مشكلة، وإنما هي سلوكيات طبيعية تترافق مع تطور الأطفال في مراحلهم العمرية المتلاحقة.

إنّ اتباع الوالدين لنهج تربوي يقوم على التربية الإيجابية، سيحسن كثيراً في شخصية الطفل ونظرته لنفسه ولمن حوله، وبالتالي ترتفع السلوكيات الحميدة وتتقلص تدريجياً السلوكيات الذميمة. فما هي التربية الإيجابية؟

تعريف التربية الإيجابية:

يفترض مفهوم التربية الإيجابية أن الأطفال يولدون صالحين ولديهم الرغبة في فعل الشيء الصحيح، وهذا يعزز فكرة أنه لا يوجد أطفال جيدون وآخرون سيؤون، وإنما يوجد أطفال مختلفون؛ لكل منهم احتياجاته واهتماماته المختلفة، وعندما يشعر الأطفال بالأمان والتقدير والتواصل، يصبحون أكثر قدرة على فهم الصواب والخطأ، ويتحفزون لتحسين تصرفاتهم.

إذن تركز مناهج التربية الإيجابية على تعليم السلوك المستقبلي الصحيح بدلاً من معاقبة سوء السلوك الحالي.

مبادئ التربية الإيجابية:

التواصل الفعال:

للتواصل أهمية كبرى في تكوين العلاقة بين الطفل ووالديه، والأطفال الذين يفتقرون إلى الارتباط القوي مع والديهم يعانون من مشكلات سلوكية، ومشكلات مع الآخرين.

الاحترام:

نحترم عقل الطفل فلا نسخّف أفكاره، ونحترم جسده وكرامته فلا نضربه. ونحترم شخصيته فنلبي احتياجاته الخاصة.

الإصغاء:

وهذا المبدأ من ضمن أكثر المبادئ فعالية في التربية الإيجابية.

الانضباط الإيجابي:

تركز التربية التقليدية على كيفية تأديب الأطفال، بينما تذهب فلسفة التربية الإيجابية إلى أبعد من ذلك؛ وهو تعليم الطفل التحكم في انفعالاته وسلوكه، وإصلاح الأخطاء وإيجاد الحلول للمشكلات التي تعترضه.

التربية الاستباقية:

وذلك عندما يتعامل الآباء مع السلوك المشكل المحتمل عند أول علامة قبل أن يتحول إلى مشكلة خطيرة.

وهذا يعني أنه عندما يخصص الوالدان وقتاً لبناء العلاقة مع الطفل ولتعليمه الصواب والخطأ، فإنهم يمنعون العديد من المشكلات التي ربما يُظهرها الطفل فيما بعد.

كيف نتعامل مع السلوك السيء؟

إن القاعدة العامة في موضوع تأديب الطفل هي ” المزيد من الجهد التربوي الإيجابي سوف يقلل من الحاجة إلى التأديب؛ والعكس صحيح.” (بكار،2011)

قد يتجاهل أطفالك ما تطلبه منهم، أو يخالفون قاعدة اتفقتم عليها معاً، فكيف تخبرهم بطريقة إيجابية أنهم يتصرفون بطريقة غير مقبولة أو سيئة؟

•  انظر إليهم وتحدث بحزم.

•  قل لهم بالضبط ما فعلوه وأغضبك (أشعر بالضيق عندما تقوم بـ….).

•  أخبرهم بما يمكن عمله لتدارك الموقف أو إصلاح الخطأ (سأكون ممتناً لو قمت بـ….).

• اقترح عليهم كيف يمكنهم التصرف لتجنب حدوث ذلك في المستقبل (في المستقبل، أقترح أن ….).

استخدم العواقب بدلاً من العقاب

تختلف العواقب عن العقوبات، فالعواقب هي فرص أمام أطفالك لتعلم أن تصرفاتهم وأفعالهم سيكون لها تأثير عليهم وعلى الآخرين. كما أن العواقب تساعد الأطفال على تعلم الاستقلالية، واتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية.

أنواع العواقب:

عواقب طبيعية:

العواقب التي لا تتطلب تدخلاً من الآباء، وهي نتيجة طبيعية لسلوك الطفل. مثال: “إن لم تضع ملابسك في سلة الغسيل، لن يكون لديك أي ملابس نظيفة لترتديها”

عواقب منطقية:

هي العواقب التي تنتج عن سلوك بعينه، مثل عدم الامتثال للقواعد. مثال: “إذا عدت للمنزل متأخراً، لن تحصل على وقت للراحة غداً”

كيفية شرح العواقب المترتبة على عدم اتباع القواعد:

•  حدد المقصود بسوء السلوك: ما تريد أن يفعله أطفالك، وما لا تريد منهم أن يفعلوه.

• حدد عاقبة واضحة ستحدث في حالة قيامهم بالسلوك السيء (إذا حدث هذا الأمر، ستكون نتيجته هي كذا).

•  عند حدوث ما سبق رغم تحذيرك، قم بتطبيق العواقب على الفور، وذلك بعد لفت نظر الأطفال إلى العلاقة بينهما.

•  امتدحهم إذا اتبعوا القواعد. (يونيسف)

فوائد التربية الإيجابية

مشكلات سلوكية أقل:

أظهرت عقود من الدراسات أن استخدام التربية الإيجابي يؤدي إلى نتائج إيجابية فيما يتعلق بالسلوك العاطفي للطفل ونموه. وفي المقابل تميل التربية القاسية والعقابية في مرحلة الطفولة المبكرة إلى المزيد من المشكلات السلوكية.

المزيد من احترام الذات الأبوية:

الأطفال ليسوا وحدهم الذين يستفيدون من التربية الإيجابية؛ فقد وجد الباحثون أن الآباء الذين يمارسون التربية الإيجابية يكتسبون أيضاً احتراماً للذات والثقة في تربيتهم، فهم لديهم ضغوط أقل متعلقة بالتربية لأن الأطفال لديهم انضباط ذاتي وحسن التصرف.

تحسين احترام الذات والرفاهية العقلية للطفل

أداء مدرسي أفضل

كفاءة اجتماعية أفضل (parentingforbrain).

وأخيراً: إنّ الذي يساعد على بناء شخصية الطفل على نحو جيد؛ هو تلك المبادرات العاطفية التي يلمسها الطفل من أبويه؛ وتلك الإرشادات التعليمية والتوجيهية التي يسمعها منهما. فالطفل من خلال اقتدائه بأبوين محترمين، ومن خلال عيشه في أسرة كريمة يتعلم كل الفضائل التي ينبغي أن يتعلمها وإن لم يستطع الالتزام بها يعرف بوضوح أن عليه الالتزام به. (بكار،2011)

وعلى الوالدين أن يدركوا أيضاً: ليست التربية فحسب، وإنما مئات الآلاف من اللحظات والمواقف، والنجاحات والإحباطات، والتشجيع والتثبيط، والضحك والحزن، والقبول والإنكار، كل ذلك له دور حاسم في تشكيل شخصية الطفل.

المراجع:

بكار، عبد الكريم، (2011). القواعد العشر: أهم القواعد في تربية الأبناء. دار وجوه، ص (88).

يونيسف، تربية الأطفال من سن 7-12 سنة التربية الإيجابية للأطفال حتى سن 12 سنة. https://www.unicef.org/egypt/ar/raising-younger-children

Positive Parenting – The Definitive Guide And 9 Essential Tips.https://www.parentingforbrain.com/what-is-positive-parenting/

وسوم

عن الكاتب

حسن جعو

كاتب ومترجم في المجال التربوي

اقرأ لـ حسن جعو

اقرأ ايضاً عن الصحة النفسية

اقرأ ايضاً عن تعديل السلوك