الآثار النفسية لوسائل التواصل الاجتماعي على الطلاب

يتزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لا يضاهى بين الطلاب، متأثراً بأشكال التواصل العالمية والاندفاع الحاصل بعد وباء كوفيد 19 لاستخدام منصات وسائط اجتماعية متعددة للتعليم في مجالات الدراسة المختلفة.

وعلى الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي أوجدت فرصاً هائلة لمشاركة الأفكار والمشاعر، إلا أن نوع الدعم الاجتماعي الذي توفره قد يفشل في تلبية الاحتياجات العاطفية للطلاب أو قد تكون الآثار الإيجابية المزعومة قصيرة الأمد. (Xiao et al, 2022)

في هذا المقال نسلّط الضوء على الآثار السلبية للاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي على الرفاهية العاطفية للطلاب.

الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي

في دراسة على طلاب جامعة هارفرد وجد الباحثون صلة مهمة بين استخدام فيسبوك وزيادة القلق والاكتئاب بين طلاب الجامعات، وقد افترض الباحثون أن المقارنة الاجتماعية مع أقرانهم هي وراء تلك النتائج، وهو تأثير يبدو أنه يزداد قوة مع تعرض الأشخاص لفيسبوك لفترات أطول. (Walsh. 2022)

ويتوفر القليل من البيانات حول التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الطلاب بسبب الحداثة النسبية للتكنولوجيا، ومع ذلك فقد ربط بعض الباحثين هذه التقنية بارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة، من بين أمور أخرى. 

الاكتئاب

اكتشف الباحثون أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يرتبط بزيادة أعراض الاكتئاب مثل انخفاض النشاط الاجتماعي وزيادة الشعور بالوحدة.

وعلاوة على ذلك اكتشفت دراسة نُشرت في مجلة Computers in Human Behavior أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاكتئاب، ووفقاً للدراسة فإن الأشخاص الذين لديهم أكثر من سبعة حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي معرضون ثلاثة أضعاف لخطر الإصابة بالاكتئاب. (Xiao et al, 2022)

القلق

يُستنزف معظم الطلاب عاطفياً في حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إنهم يتعرضون لضغوط للرد بسرعة، ولديهم أيضاً منشورات مكتوبة وصور مثالية، وهذا يفضي بهم إلى القلق، وفي الواقع وجدت بعض الدراسات أنه كلما كبرت الدائرة الاجتماعية للمراهق عبر الإنترنت زاد القلق الذي يشعر به.

ويشعر العديد من الطلاب، وخاصة الفتيات، بالقلق إزاء ما يعتقده الآخرون عنهن وكيف يتفاعلون عندما يرونهم مرة أخرى، ومع وجود التنمر والتشهير والسلوكيات السيئة الأخرى عبر الإنترنت فمن السهل أن تعرف سبب كون وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً طبيعياً للقلق للعديد من الطلاب.

الوحدة

على الرغم من أن الطلاب قد يشعرون بأن وسائل التواصل الاجتماعي تجعلهم أقل عزلة، إلا أنها في الواقع تجعلهم أكثر عزلة، فالطلاب الذين لديهم تفاعلات جسدية أكثر هم أقل عرضة للشعور بالعزلة أو الوحدة.

في عام 2018 أصدرت Centers for Disease Control بعض الإحصائيات الواقعية حول قلق الطلاب والاكتئاب؛ أصبح المراهقون أكثر عزلة وقلقاً واكتئاباً من أي وقت مضى، وقال حوالي ثلث المراهقين الذين شملهم الاستطلاع إنهم شعروا بالحزن المستمر أو اليأس. (Barrett, 2018)

التنمر الإلكتروني

أفاد حوالي 10% من المراهقين أنهم تعرضوا للتنمر على وسائل التواصل الاجتماعي، ووفقاً للبحث يرتبط التنمر عبر الإنترنت بأنشطة الطالب على وسائل التواصل الاجتماعي، ويحدث التنمر الإلكتروني عندما يرسل الأشخاص رسائل مسيئة على وسائل التواصل الاجتماعي أو يضايقونهم أو حتى يبتزونهم.

يؤدي التنمر الإلكتروني أيضاً إلى ضغوط عاطفية واجتماعية لا يستطيع الطالب التعامل معها، وقد يعرضهم لخطر المشكلات النفسية مثل الاكتئاب والقلق والعزلة وحتى الانتحار.

تدني احترام الذات

يقارن الطلاب أنفسهم مع الجميع من الأصدقاء إلى المشاهير، ولا يمكنهم مقاومة سلوكهم في الحكم على الأشخاص بناءً على اللون والمظهر والطول والوزن وغير ذلك، ويستخدم كثير منهم جميع أنواع المرشحات على صورهم قبل تحميلها، ونتيجة لذلك يشعر العديد من الطلاب بعدم الأمان بشأن مظهرهم عندما يرون هذه الصور.

قلة التركيز

يستمتع الأشخاص الأصغر سناً بالأنشطة الترفيهية، ولكن كلما زاد استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أكثر إدماناً، وعندما يصبح الطلاب مدمنين على وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكنهم التفكير في أشياء أخرى باستثناء وسائل التواصل الاجتماعي.

يجعل الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي الطلاب غير قادرين على مقاومة التصفّح والتمرير على Facebook و Instagram من حين لآخر، وينتج عن هذا استخدام الهاتف المحمول أثناء الذهاب إلى الحمام أو تناول الطعام أو حتى قبل النوم، ويؤدي الاستخدام الكثير لوسائل التواصل الاجتماعي إلى جعل العقل خاملاً وغير نشط، مما يؤدي إلى عدم التركيز وضعف الأداء في الدراسة وفي الفصول الدراسية وعدم القدرة على التفكير.

انخفاض الدافع

تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى انخفاض الدافعية لدى الطالب، وتسبب الهواتف المحمولة إرهاق الجسم والعينين، مما يؤدي إلى تدني مستوى التحفيز في الأنشطة والدراسة، ويؤدي الافتقار إلى الحماس إلى ضعف الأداء المدرسي وقلة الرغبة في ممارسة الرياضة وضعف الثقة وخمول في النشاط البدني.

الانتحار

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الطلاب الذين يتأثرون بشكل مفرط بالقضايا النفسية قد يحاولون إيذاء أنفسهم، وكلما زاد انغماسهم في وسائل التواصل زادت فرصة محاولة الانتحار لديهم.

كيفية تجنب التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي

إنّ منصات مثل Facebook و Instagram و Twitter لها مزاياها وعيوبها، ولحسن الحظ يمكننا الحد من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الطلاب باتباع الإرشادات الآتية:

تقليل الوقت على الإنترنت

وجدت دراسة أجرتها جامعة بنسلفانيا عام 2018 أن تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى 30 دقيقة يومياً أدى إلى انخفاض كبير في مستويات القلق والاكتئاب والشعور بالوحدة ومشاكل النوم، وخلصت الدراسة إلى أن مجرد الانتباه إلى استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون له نتائج مفيدة.

تطبيقات المراقبة

تتمثل إحدى أسهل الطرق التي يمكن للطلاب من خلالها حل المشكلات المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي في مراقبة أنشطتهم عبر الإنترنت، حيث تم تصميم العديد من تطبيقات مراقبة الأجهزة المحمولة لمساعدة الطلاب على الحد من استخدامهم للإنترنت، كما تتيح لهم هذه التطبيقات أيضاً تقييد استخدامهم للإنترنت في أوقات معينة من اليوم وتغيير إعدادات الخصوصية الخاصة بهم لمنع المتنمرين والمحتالين عبر الإنترنت.

فهم أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست حقيقية

يمكن أن تجعل وسائل التواصل الاجتماعي الطلاب يحكمون على تقديرهم لذاتهم بناءً على ما يعتقده الآخرون عنهم، ويمكن أن يؤدي بهم هذا إلى إنشاء شخصية مزيفة ليقبلها الآخرون، لذا من الضروري أن تعرف أن كل ما تراه على الإنترنت عن الأشخاص ليس دقيقاً، ويجب على المعلمين تعليم طلابهم أن ما يرونه على وسائل التواصل الاجتماعي لا يعكس الواقع في كثير من الأحيان، إذ ينشر الأشخاص فقط صورهم المميزة واللحظات السعيدة للحصول على المزيد من المتابعين، ويجب أن يفهم الطلاب أن كل شخص قد يمر بأيام سيئة ومعاناة في حياته.

فهم كيفية عمل وسائل التواصل الاجتماعي

يقارن الطلاب أنفسهم بشكل طبيعي مع أولئك الذين يتفاعلون معهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هذا قد يكون ضاراً بالصورة الذاتية الصحية، وقد أفاد الباحثون أن النساء الجامعيات يشعرن بالسوء حيال مظهرهن بعد مشاهدة صفحة وسائل التواصل الاجتماعي لشخص يعتبرونه أكثر جاذبية. (“How Social Media Affects Students’ Mental Health”, 2021)

تجنب الوقوع في فخ السلبية

بسبب وسائل التواصل الاجتماعي يقع الطلاب في دائرة من السلبية؛ ووفقاً لإحدى الدراسات فإن الشباب الذين يشعرون بالرضا عن أنفسهم يميلون فقط إلى نشر الأشياء الجيدة عبر الإنترنت، مما يخلق حلقة ردود فعل إيجابية، في حين أن أولئك الذين يعانون من تدني احترام الذات أنفسهم ينشرون أشياء سلبية فقط، مما يضعهم في حلقة ردود فعل سلبية.

المراجع:

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن الصحة النفسية