كيف تعزز صحتك النفسية؟

تعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية بأنها حالة من الرفاهية النفسية، تمكّن الناس من التعامل مع ضغوط الحياة، وإدراك قدراتهم، والتعلم الجيد، والعمل بشكل جيد، والمساهمة الفعالة في مجتمعهم. إنها جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاهية التي تدعم قدراتنا الفردية والجماعية لاتخاذ القرارات وبناء العلاقات وتشكيل العالم الذي نعيش فيه.

وتعتبر الصحة النفسية مهمة في كل مرحلة من مراحل الحياة؛ من الطفولة والمراهقة وحتى الشيخوخة.

إن الشعور بالإيجابية تجاه الذات والتأقلم بشكل جيد مع الضغوط اليومية هي مؤشرات على الصحة النفسية الجيدة، أما إذا كنت تواجه تحديات في التعامل مع المشكلات اليومية، فهذا يدل على وجود مشكلة في الصحة النفسية ويجب معالجتها على الفور.

تبدأ الصحة النفسية الجيدة من خلال فهم النقاط الثلاث الآتية؛

  • إدراك أن هناك ارتباطاً بين أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك
  • تعلُّم طرق صحية للتعامل مع التوتر والمشكلات اليومية
  • الشعور بالرضا عن نفسك وإقامة علاقات صحية

لماذا الصحة النفسية مهمة؟

الصحة النفسية مهمة لأنها يمكن أن تساعدك على:

  • الشعور بالرضا.
  • التعامل مع ضغوط الحياة.
  • أن تكون بصحة جيدة.
  • الحفاظ على علاقات جيدة.
  • الشعور بالمعنى والهدف في الحياة.
  • المرونة في تعلم مهارات جديدة والتكيف مع التغيير.
  • العمل بإنتاجية
  • إدراك إمكاناتك الكاملة

يمكن للعديد من الأشياء التي تحدث في حياتك أن تُخلّ بصحتك النفسية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور شديد بالحزن أو التوتر أو القلق، وحتى التغييرات الجيدة أو المرغوبة يمكن أن تكون مرهقة مثل التغييرات غير المرغوب فيها، وتشمل هذه الأشياء:

  • جائحة.
  •  تسريحك من وظيفتك.
  •  التعامل مع وفاة أحد الأحباء.
  • الطلاق أو الزواج.
  • المعاناة من مرض أو إصابة.
  • الحصول على ترقية وظيفية.
  • المعاناة من مشاكل مالية.
  •  الانتقال إلى منزل جديد.

يستجيب جسدك للطريقة التي تفكر بها وتشعر بها وتتصرف بها حيال ما يحدث لك، وهذا نوع واحد من اتصال العقل مع الجسد؛ فعندما تكون متوتراً أو قلقاً أو مستاءً، يؤثر ذلك عليك جسدياً؛ فعلى سبيل المثال قد تصاب بارتفاع ضغط الدم أو قرحة في المعدة بعد حدث مرهق مثل وفاة أحد أفراد أسرتك.

يقول الدكتور David Schechter: يمكن أن تكون الأعراض الجسدية هي طريقة جسمك لإعلامك بأنك لا تتعامل مع التوتر بشكل جيد، وقد تساعد بعض الإجراءات البسيطة لإدارة الإجهاد على الشعور بالتحسن. (Chuck,2022)

الطريق إلى تحسين صحتك النفسية

هناك طرق لتحسين صحتك النفسية؛ عليك أولاً التعرف على مشاعرك وفهم سبب شعورك بها، لأن فهم أسباب الحزن والتوتر والقلق في حياتك يساعدك على إدارة صحتك العاطفية بشكل جيد.

عبّر عن مشاعرك بطرق مناسبة

إذا كانت مشاعر التوتر أو الحزن أو القلق تسبب لك مشاكل جسدية، فإن الاحتفاظ بهذه المشاعر بداخلك يمكن أن يسبب لك ضرراً أكبر، لذا بادر بإخبار أحبائك عندما يزعجك شيء ما، وضع في حسبانك أن عائلتك وأصدقاءك قد لا يتمكنون دائماً من مساعدتك في التعامل مع مشاعرك بشكل مناسب، وفي هذه الحالة لابد أن تتواصل مع شخص لديه الخبرة لمساعدك كالطبيب.

عش حياة متوازنة

ركّز على الأشياء التي تشعر بالامتنان لها في حياتك، وبالطبع وهذا لا يعني أنه عليك التظاهر بالسعادة عندما تشعر بالتوتر أو القلق أو الانزعاج، لكن حاول ألا تسيطر عليك مشاكل العمل أو المدرسة أو المنزل التي تؤدي إلى المشاعر السلبية.

صحيح أنه من المهم أن تتعامل مع المشاعر السلبية، ولكن بالمقابل حاول التركيز على الأشياء الإيجابية في حياتك أيضاً، فقد ترغب في استخدام دفتر يوميات لتتبع الأشياء التي تجعلك تشعر بالسعادة أو الاطمئنان.

أظهرت بعض الأبحاث أن امتلاك نظرة إيجابية يمكن أن يحسّن نوعية حياتك ويعزز من صحتك.

حاول أيضاً إيجاد طرق للتخلي عن بعض الأشياء في حياتك والتي تجعلك تشعر بالتوتر والارتباك بشكل دائم.

تطوير المرونة

إن التمتع بصحة نفسية قوية لا يعني أنك لا تمر بأوقات عصيبة أو تعاني من مشاكل عاطفية، فكلنا نمر بخيبات أمل تسبب لنا الحزن والقلق والتوتر، ولكن مثلما يكون الأشخاص الأصحاء جسدياً أكثر قدرة على التعافي من المرض أو الإصابة، فإن الأشخاص الذين يتمتعون بصحة نفسية قوية هم أكثر قدرة على التعافي من الشدائد والصدمات والتوتر وتسمى هذه القدرة بالمرونة.

الأشخاص ذوو المرونة أفضل في التعامل مع الإجهاد بطريقة صحية، ويمكن تعلم المرونة وتقويتها بطرق مختلفة؛ كالحصول على الدعم الاجتماعي والحفاظ على نظرة إيجابية عن نفسك وقبول التغيير، وإبقاء الأمور في نصابها.

يمكن أن يساعدك المستشار أو المعالج في تحقيق هذا الهدف من خلال العلاج السلوكي المعرفي (CBT).

تهدئة عقلك وجسمك

تعتبر طرق الاسترخاء، مثل التأمل والاستماع إلى الموسيقى طرقاً مفيدة لتحقيق التوازن بين مشاعرك.

والتأمل هو شكل من أشكال التفكير الموجه، ويمكن أن يتخذ أشكالاً عديدة؛ على سبيل المثال يمكنك القيام بذلك عن طريق التمرين أو التمدد أو التنفس بعمق.

اعتنِ بنفسك

للحصول على صحة نفسية جيدة من المهم أن تعتني بجسمك من خلال اتباع روتين منتظم، يتضمن ذلك نظاماً للوجبات الصحية والنوم والتمارين الرياضية لتخفيف التوتر المكبوت، وتجنب الإفراط في الأكل وتعاطي المخدرات أو الكحول. (Chuck,2022)

التواصل مع الآخرين

البشر مخلوقات اجتماعية ومن المهم أن تكون لديك علاقات قوية وصحية مع الآخرين، وقد يساعد الحصول على دعم اجتماعي جيد في حمايتك من أضرار التوتر.

من الجيد أيضا أن يكون لديك أنواع مختلفة من التواصل؛ فإلى جانب التواصل مع العائلة والأصدقاء يمكنك إيجاد طرق للانخراط مع مجتمعك، على سبيل المثال يمكنك التطوع في منظمة محلية أو الانضمام إلى مجموعة تركز على هواية تستمتع بها.

تنمية الشعور بالمعنى والهدف في الحياة

يستمد كل شخص المعنى والهدف بطرق مختلفة، قد تفكر في الأمر على أنه وسيلة للشعور بالحاجة أو الشعور بالرضا عن نفسك أو الغرض الذي يدفعك أو مجرد سبب للنهوض من السرير في الصباح.

من الناحية البيولوجية فإن إيجاد المعنى والغرض ضروري لصحة الدماغ لأنه يمكن أن يساعد في توليد خلايا جديدة وإنشاء مسارات عصبية جديدة في الدماغ، ويمكن أيضا أن يقوي جهاز المناعة لديك ويخفف الألم والتوتر ويبقيك متحمساً لمتابعة الخطوات الأخرى لتحسين الصحة النفسية والعاطفية، ومهما كان ما تستمده من معنى وهدف في الحياة فمن المهم أن تفعل ذلك كل يوم.

الخلاصة:

عندما يتعلق الأمر بصحتنا الجسدية لدينا جميعاً استراتيجيات للبقاء بصحة جيدة كالقيام بالتمارين الرياضية وتناول الغذاء الصحي، وكذلك فإن حماية صحتنا النفسية لا تقل أهمية عن ذلك.

ولسوء الحظ لا يبذل كثير منا جهداً كافياً للحفاظ على صحة نفسية جيدة، ويرى الكثير من الناس أن الصحة النفسية تعني فقط عدم وجود أعراض للمرض العقلي، وفي الواقع فإن الأمر أكبر من ذلك بكثير، لأن الصحة النفسية تعني الشعور بالرضا عن نفسك والتوازن في حياتك وفي تفكيرك والاستجابة البناءة للحياة بمرّها وحلوها، وكل ذلك يساعد في حمايتك من المرض العقلي، ويمكن أن يساعدك في تحقيق أقصى استفادة من الحياة.

المراجع:

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن الصحة النفسية