بناء المرونة لدى الأطفال والمراهقين _ إرشادات للآباء والمعلمين

ما هي المرونة؟

المرونة هي القدرة على النهوض بعد التحديات والأوقات الصعبة.

بالنسبة للأطفال تشمل التحديات وتجارب الأوقات الصعبة مثل البدء في مدرسة جديدة، أو الانتقال من منزل إلى آخر، أو قدوم مولود في العائلة، ويمكن أن تشمل أيضاً تجارب خطيرة مثل التعرض للتنمر أو تفكك الأسرة أو مرض الأسرة أو الوفاة.

يكتسب الأطفال المرونة بمرور الوقت من خلال التجربة، ويمكنك مساعدة طفلك على تعلم المهارات وتطوير المرونة من خلال إقامة علاقة دافئة وداعمة معه.

ما أهمية المرونة للأطفال؟

يمكن للأطفال الذين يتمتعون بالمرونة التعافي من النكسات والعودة إلى حياتهم الطبيعية بشكل أسرع، وعندما يتغلب الأطفال على النكسات والمشاكل فإن ذلك يبني ثقتهم ويساعدهم على الشعور بمزيد من القدرة في المرة التالية التي تظهر فيها مشكلة.

غالباً ما يكون الأطفال المرنون ماهرون في حل المشكلات وتعلم مهارات جديدة، هذا لأنهم أكثر استعداداً للمحاولة مرة أخرى حتى لو لم تسر الأمور بالطريقة التي يريدونها في المرة الأولى.

وعندما تسوء الأمور ويشعر الأطفال بالقلق أو الحزن أو خيبة الأمل أو الخوف أو الإحباط، فإن المرونة تساعدهم على فهم أن هذه المشاعر غير المريحة عادة لا تدوم إلى الأبد. يمكنهم تجربة هذه المشاعر ويعرفون أنهم سيكونون على ما يرام قبل فترة طويلة.

الأطفال المرنون هم أقل عرضة لتجنب المشاكل أو التعامل معها بطرق غير صحية، مثل اتخاذ موقف دفاعي أو عدواني أو إيذاء أنفسهم عمداً. من المرجح أيضاً أن يتمتع الأطفال المرنون بصحة بدنية وعقلية أفضل من الأطفال الذين يكافحون من أجل الصمود. (Resilience: how to build it in children 3-8 years.)

فيما يلي مجموعة نصائح لبناء المرونة لدى الأطفال والمراهقين:

إجراء اتصالات

علم طفلك أهمية الانخراط والتواصل مع أقرانه، بما في ذلك مهارة التعاطف والاستماع إلى الآخرين، وابحث عن طرق لمساعدة الأطفال على تعزيز الاتصال من خلال الاتصال بأقرانهم شخصياً أو عبر الهاتف ومحادثات الفيديو أو الدردشات، ومن المهم أيضاً بناء شبكة عائلية قوية، فالتواصل مع الآخرين يوفر الدعم الاجتماعي ويقوي المرونة.

ساعد طفلك من خلال جعله يساعد الآخرين

يمكن للأطفال الذين قد يشعرون بالعجز أن يشعروا بالقوة من خلال مساعدة الآخرين، لذا أشرك طفلك في عمل تطوعي مناسب لعمره أو اطلب المساعدة بنفسك في المهام التي يمكنه إتقانها.

في المدرسة تبادل الأفكار مع الأطفال حول الطرق التي يمكنهم من خلالها مساعدة الآخرين في الفصل أو في المدرسة.

حافظ على روتين يومي

الالتزام بالروتين هو أمر مريح للأطفال، وخاصة الأطفال الصغار الذين يتوقون إلى التنظيم في حياتهم، لذا اعمل مع طفلك على تحسين الروتين اليومي، وتحديد الأوقات المخصصة للعمل وأوقات اللعب في المدرسة. قد تحتاج إلى التحلي بالمرونة مع بعض الإجراءات الروتينية خاصة في أوقات الشدة.

علم طفلك العناية الذاتية

علم طفلك أهمية الرعاية الذاتية الضرورية عن طريق إعطاء المزيد من الوقت لتناول الطعام وممارسة الرياضة والحصول على قسط كافٍ من النوم. تأكد من أن طفلك لديه وقت للاستمتاع والمشاركة في الأنشطة التي يستمتع بها، فالاعتناء بالنفس والاستمتاع بالأنشطة يساعد الطفل على البقاء متوازناً والتعامل بشكل أفضل مع الأوقات العصيبة.

السعي نحو أهدافك

علّم طفلك أن يضع أهدافاً مناسبة وساعده على التحرك نحوها خطوة بخطوة، سيساعد تحديد الأهداف الأطفال على التركيز على مهمة محددة ويمكن أن يساعد في بناء المرونة للمضي قدماً في مواجهة التحديات.

في المدرسة قسّم المهام الكبيرة إلى أهداف صغيرة قابلة للتحقيق للأطفال الأصغر سناً، وبالنسبة للأطفال الكبار أثنِ على إنجازاتهم التي تمضي بهم إلى أهداف أكبر.

عزز النظرة الإيجابية للذات

ساعد طفلك على تذكر الطرق التي تعامل بها بنجاح مع المصاعب في الماضي وساعده على فهم أن التحديات الماضية تساعد في بناء القوة للتعامل مع التحديات المستقبلية، وساعده على تعلم الثقة بنفسه لحل المشاكل واتخاذ القرارات المناسبة.

في المدرسة ساعد الأطفال على رؤية كيف تساهم إنجازاتهم الفردية في رفاهية الفصل كله.

وضع الأمور في نصابها والحفاظ على نظرة متفائلة

حتى عندما يواجه طفلك أحداثاً مؤلمة للغاية ساعده على النظر إلى الموقف في سياق أوسع، وربما يكون الطفل أصغر من أن يفكر في نظرة طويلة المدى بمفرده، لذا ساعده على رؤية أن هناك مستقبلاً يتجاوز الوضع الحالي وأن المستقبل سيكون جيداً، فالنظرة المتفائلة والإيجابية تمكن الأطفال من رؤية الأشياء الجيدة في الحياة والاستمرار في العمل حتى في أصعب الأوقات.

في المدرسة استخدم التاريخ لإظهار أن الحياة تمضي قدماً بعد الأحداث السيئة، وأن أسوأ الأشياء تكون محددة ومؤقتة.

تقبل التغيير

غالباً ما يكون التغيير مخيفاً للأطفال والمراهقين، لذا ساعد طفلك على إدراك أن التغيير جزء من الحياة ويمكن للأهداف الجديدة أن تحل محل الأهداف التي أصبحت بعيد المنال، ومن المهم فحص ما يسير على ما يرام، وأن يكون لديك خطة عمل لما لا يسير بالشكل الصحيح.

في المدرسة وضّح كيف يتغير الطلاب مع تقدمهم في مستويات الصفوف وناقش كيف أثر هذا التغيير عليهم.

المرونة وأطفال ما قبل المدرسة

قد لا يتمكن الأطفال في هذه المرحلة من التعبير عن مخاوفهم، وعلى الرغم من أنك قد تعتقد أنهم أصغر من أن يفهموا ما يحدث، إلا أن الأطفال الصغار يمكنهم استيعاب الأحداث المخيفة من الأخبار أو من المحادثات التي يسمعونها.

ممن المهم أن تراقب أطفالك بحثاً عن علامات الخوف والحزن التي قد لا يستطيعون التعبير عنها بالكلمات؛ هل أصبحوا أكثر تعلقاً أو يحتاجون إلى عناق أكثر من المعتاد؟ هل بدأ أطفالك عادات قديمة بعد أن ظننت أنهم تجاوزوا هذا السلوكيات؟ هل أصبحوا أكثر عصبية؟ استخدم اللعب لمساعدة أطفالك على التعبير عن مخاوفهم وتشجيعهم على استخدام الفن أو ألعاب التخيل للتعبير عما قد لا يستطيعون التعبير عنه بالكلمات.

تأكد من أن أطفالك يقضون وقتاً طويلاً مع العائلة، وفي أوقات التوتر والتغيير اقضِ المزيد من الوقت مع أطفالك في اللعب أو القراءة لهم، المهم أن تبقى بقربهم.

المرونة وأطفال المدارس الابتدائية

تأكد من أن طفلك لديه مكان يشعر فيه بالأمان، سواء كان ذلك في المنزل أو المدرسة.

تحدث إلى أطفالك، وعندما يكون لديهم أسئلة أجب عليها بصدق وأمان بعبارات بسيطة، تخبرهم أنك تتخذ إجراءات للحفاظ على سلامتهم، وأنك موجود للاعتناء بهم.

عندما يكون هناك موقف مخيف خارج المنزل، قلل من كمية الأخبار التي يشاهدها أطفالك أو يستمعون إليها، فهناك دائماً احتمال أن يسيؤوا تفسير ما يرونه أو يسمعونه في الأخبار، وبالطبع لست مضطراً لإخفاء ما يحدث في العالم عن أطفالك، لكن لا يجب أيضاً أن يتعرضوا لقصص تغذي مخاوفهم.

المرونة وأطفال المدارس المتوسطة

حتى بدون صدمات أكبر، يمكن أن تكون المدرسة الإعدادية وقتاً صعباً بشكل خاص للعديد من الأطفال، حيث يكافحون من أجل تلبية المتطلبات الدراسية الإضافية وتجنب المزالق الاجتماعية الجديدة، إنهم يتطلعون إلى المعلمين والأصدقاء وكذلك الآباء لجعلهم يشعرون بالأمان.

تحدث مع طفلك عن مشاعرك أثناء أوقات التوتر غير العادي، وقد يكون طفلك كبيراً بما يكفي لتقدير ما تقوله وما تشعر به وفهم الطرق التي تتكيف بها.

المرونة وتلاميذ المرحلة الثانوية

قد تكون مشاعرهم متقلبة خلال سنوات المراهقة، وقد يكون من الصعب إيجاد أفضل طريقة للتواصل مع ابنك المراهق.

تحدث معه كلما استطعت حتى لو بدا أنهم لا يريد التحدث، وفي بعض الأحيان يكون أفضل وقت للتحدث هو عندما تكونان في السيارة معاً أو عندما تقومان بالأعمال المنزلية معاً، وعندما يكون لديه أسئلة أجبه بصدق وطمأنه واسأله عن رأيه حول ما يحدث واستمع إلى إجاباته.

ابحث عن مكان يمكن لابنك المراهق أن يتخذه كمكان آمن له سواء كانت غرفة نومه أو أي مكان يجد فيه الراحة.

عندما تحدث أشياء مرهقة في العالم، شجع ابنك المراهق على أخذ فترات راحة بعيداً عن الأخبار، سواء كان يتلقى أخباراً من التلفزيون أو المجلات أو الصحف أو عبر الإنترنت، واستخدم ما يراه ويسمعه كمحفز للنقاش.

يشعر العديد من المراهقين بارتفاعات وانخفاضات شديدة بسبب المستويات الهرمونية في أجسامهم، والإجهاد الإضافي أو الصدمة يمكن أن تجعل هذه التحولات تبدو أكثر تطرفاً، لذا كن متفهماً لمشاعرهم ولكن كن حازماً أيضاً عندما يستجيب المراهقون للضغط بسلوك غاضب أو متجهم.

رحلة المرونة

تطوير المرونة رحلة شخصية، ويجب عليك استخدام معرفتك بأطفالك لإرشادهم في رحلتهم وقد لا تنطبق طريقة بناء المرونة التي تناسبك أنت أو طفلك مع شخص آخر.

إذا بدا طفلك مرتبكاً وغير قادر على استخدام هذه النصائح، فقد ترغب في التفكير في التحدث إلى شخص يمكنه المساعدة، مثل طبيب نفساني أو غيره من متخصصي الصحة النفسية.

ختاماً:

إن بناء المرونة، أي القدرة على التكيف بشكل جيد مع الشدائد والصدمات والمآسي والتهديدات أو حتى المصادر الهامة للتوتر، يمكن أن يساعد أطفالنا على إدارة التوتر ومشاعر القلق، والمرونة لا تعني أن الأطفال لن يواجهوا صعوبة أو ضيقاً، فالألم العاطفي والحزن والقلق أمر شائع عندما نعاني من صدمة كبيرة أو خسارة شخصية أو حتى عندما نسمع عن فقدان أو صدمة شخص آخر.

المراجع:

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن الصحة النفسية