تحسين طلاقة القراء المتعثرين في القراءة
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
مارس 13, 2023
3 دقائق
مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية
مارس 13, 2023
3 دقائق
الطلاقة هي القدرة على القراءة بسلاسة كما نتحدث الحديث الطبيعي، ويعرّف بعض التربويون الطلاقة بهذه الطريقة: “تتكون طلاقة القراءة من ثلاثة عناصر أساسية على الأقل: 1) القراءة الدقيقة لنصٍ متصل 2) وبسرعة المحادثة العادية 3) مع تعبير مناسب. يعاني القراء الذين لا يجيدون اللغة في واحد على الأقل من جوانب القراءة هذه: فهم يرتكبون العديد من الأخطاء، أو يقرؤون ببطء، أو لا يقرؤون بالتعبير والصياغة المناسبين.
بالنسبة للأطفال الذين يعانون من ضعف الطلاقة في القراءة، فهم يقرؤون كما لو كانوا يقرؤون قائمة من الأصوات؛ إنهم يقرؤون ببطء ويستغرقون وقتاً أكبر لتهجئة الكلمات.
وتعني صعوبات الطلاقة أن يركز الطفل بشدة على قراءة الكلمات، دون أن يصغي لما يدور حوله النص، وهذا يمكن أن يؤدي إلى صعوبات في الفهم.
توفر الأدبيات البحثية بعض التوجيهات الواضحة حول ما يجب فعله مع القراء المتعثرين؛ يجب أن تجمع التدخلات بين النمذجة والقراءة المتكررة والتغذية الراجعة التي أثبت البحث فعاليتها. وسأستعرض في هذا المقال إحدى الطرق التي أثبتت فعاليتها في تحسين طلاقة الطلاب المتعثرين.
لتنفيذ استراتيجية RN، يتم تقييم مستويات طلاقة الطلاب باستخدام مقياس معدل طلاقة الكلمات الصحيحة في الدقيقة (WCPM) وذلك لوضع الطلاب في المستوى التعليمي المناسب، ثم يساعد المعلم كل طالب على تحديد هدف طلاقة مناسب وقابل للتحقيق (حوالي 80-90 WCPM لطلاب المرحلة الابتدائية أو الطلاب الأكبر سناً الذين مستواهم مثل مستوى طلاب المرحلة الابتدائية، ومن 90-120 WCPM لطلاب المرحلة الابتدائية العليا).
تبدأ التعليمات بمقطع نصي غير مقروء مسبقاً يختاره الطالب من المستوى المستهدف. قد يتراوح طول المقاطع من حوالي 100 كلمة في منتصف الصف الأول إلى 350 كلمة في مستوى الصف السادس. أثناء القراءة يستخدم الطلاب مؤقِّتاً ويميّزون الكلمات التي يتخطونها أو يتعثرون بها (عن طريق وضع خط بسيط تحت كلمة الصعبة). ثم يقومون بحساب WCPM الخاص بهم ويسجلون نتيجة هذه القراءة.
في الخطوة الثانية يتدرب الطلاب على قراءة نفس المقطع ثلاث إلى أربع مرات جنباً إلى جنب مع نموذج لتعلم كيفية نطق جميع الكلمات بدقة في النص. لا يتم توقيت هذه الخطوة، ويمكن أن تأتي القراءة النموذجية من تسجيل صوتي أو من شخص مدرب على قراءة المقطع بمعدل مريح للطالب.
المهم هنا أن الطالب لا يستمع إلى النموذج فحسب، بل يقرأ بهدوء قراءة جهرية بصوت الراوي، مع إعطاء الاهتمام الكامل للنص. إن تشجيع الطلاب على الإشارة بالإصبع إلى النص الذي تتم قراءته وإبلاغهم بأنهم سيكونون مسؤولين عن الإجابة على مجموعة من أسئلة الفهم بعد إكمال جميع الخطوات في هذه الاستراتيجية يساعد الطلاب على الاستمرار في التركيز.
بمجرد أن يشعر الطلاب بالراحة في قراءة النص، يبدؤون الخطوة الثالثة التي يقرؤون فيها النص بشكل مستقل قراءة جهرية ولكن بهدوء. يقوم الطلاب بتعيين مؤقِّت لمدة دقيقة واحدة وقراءة النص عدة مرات حتى يصلوا بشكل مريح إلى مستوى الهدف المحدد مسبقاً ويكونون مستعدين للفحص من قبل المعلم.
يمكن أن يساعد وجود نوع من الإشارة الصامتة للمعلم مثل العلم أو بطاقة الملونة في إدارة هذه الخطوة، ويستمر الطلاب في التمرن على المقطع حتى يتمكن المعلم من الاجتماع بهم.
في الخطوة الأخيرة، يقرأ الطالب للمعلم الذي يقوم بعد ذلك بحساب درجة WCPM. ينجح الطالب إذا تم استيفاء أربعة معايير:
عندما لا ينجح الطلاب يستمرون في التمرن على النص ذاته، وعندما ينجحون فإنهم يسجلون درجاتهم الجديدة ويقارنوها بدرجاتهم الأولية باستخدام قلم ملون مختلف. تُظهر هذه المقارنة دليلاً ملموساً للطلاب على أنهم يتحسنون، وتعطيهم حافزا للاستمرار.
يكرر الطلاب هذه الخطوات حتى يكملوا 10-12 مقطعاً من الصعوبة المماثلة. في هذه المرحلة يقوم الطالب والمعلم بشكل تعاوني بفحص البيانات الموجودة للطالب لتحديد الخطوة التي يجب اتخاذها بعد ذلك؛ فإذا كان الطالب يحرز تقدماً ثابتاً في المستوى الحالي، ولكنه لم يقترب بعد من مستوى هدفه، فيجب عليه البقاء في نفس المستوى لمدة 10-12 مقطعاً آخر.
إذا كانت القراءات الأولى للطالب تقابل الهدف أو تقترب منه، فقد يقرر المعلم نقل الطالب إلى المستوى التالي من الصعوبة بنفس الهدف، أو البقاء في المستوى الحالي من الصعوبة ورفع الهدف أعلى قليلاً. وبالطبع، إذا كان الطالب يواجه صعوبة في القراءة على مستوى الهدف بعد قراءات التمرن، فيمكن اتخاذ القرار بنقل الطالب إلى مستوى أسهل أو إجراء تعديل تنازلي في هدف WCPM.
بالإضافة إلى مطالبة الطلاب بالإجابة على مجموعة من أسئلة الفهم في نهاية كل مقطع، يمكن للمعلمين إضافة بعض أنشطة الفهم الأخرى لهذه العملية.
يمكن أن يكون لاستخدام استراتيجية RN لمدة 20-30 دقيقة يومياً، لمدة ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع، تأثير كبير على تحسين طلاقة القراءة لدى الطلاب. (Hasbrouck,2006)
أود أن أضيف تحذيرين بخصوص طلاقة القراءة؛
أولاً ونظراً لأن هذه المهارة حظيت مؤخراً باهتمام أكبر، وتزايد الوعي بالصلة بين الطلاقة والفهم، يبدو أن هناك ميلاً للاعتقاد بأن رفع درجة طلاقة الطالب هو الهدف الرئيسي لتعليم القراءة.
على الرغم من أهمية الطلاقة، وبقدر أهمية المعلومات التي يتم الحصول عليها من التقييمات المستندة إلى الطلاقة في اتخاذ القرارات التعليمية، أريد أن أحذر المعلمين والمسؤولين من أجل الحفاظ على الطلاقة ودرجات التقييم المستندة عليها في المنظور الصحيح.
إن القدرة على قراءة النص بدقة، وبمعدل معقول، والتعبير والصياغة المناسبين هي بالتأكيد عامل أساسي في القدرة على فهم ما تم قراءته والاستمتاع بعملية القراءة. ومع ذلك فإن الطلاقة ليست سوى أحد المكونات الرئيسية للقراءة. لذا أحث المعلمين على استخدام النسبة المئوية الخمسين كمستوى معقول من الكفاءة للطلاب، وتذكر أنه من المناسب والمتوقع للطلاب تعديل معدلهم عند قراءة نصوص متفاوتة الصعوبة ولأغراض متنوعة.
إن دفع كل طالب للوصول إلى النسبة المئوية التسعين أو حتى النسبة المئوية الخامسة والسبعين في الطلاقة أمر غير ممكن أو ضروري، وبالنسبة للطلاب عند المستوى المتوقع في الطلاقة أو أعلى منه، يمكن قضاء الوقت التعليمي بشكل أفضل من خلال تعزيز الجوانب الهامة الأخرى للقراءة، مثل زيادة مفرداتهم وأن يصبحوا أفضل في مراقبة فهمهم.
التحذير الثاني هو أنه لا يزال لدينا الكثير لنتعلمه عن الطلاقة؛ وتتضمن المناقشات الجارية في مجتمع البحث أسئلة تتعلق بقيمة قراءة قوائم الكلمات مقابل الجمل والفقرات، والقراءة المتكررة لنفس المقطع مقابل قراءة العديد من المقاطع المختلفة التي تحتوي على الكثير من المفردات نفسها، وطبيعة النص الذي يستفيد فيه الطلاب أكثر من تمرينات الطلاقة، والدور الدقيق للقراءة الصامتة في برنامج تعليمي شامل للقراءة، ودور العروض الموسيقية في تأثير الطلاقة على فهم النص، إلخ.
على سبيل المثال، نحن نعلم أن القدرة على التعرف الفوري على الكلمات البصرية عنصر أساسي للقراءة بطلاقة. يواصل الباحثون استكشاف ما إذا كان جعل الطلاب يتدربون على قراءة قوائم الكلمات أو المقاطع هو الطريقة الأكثر فاعلية لتطوير هذه التلقائية. حتى يقدم البحث إجابة نهائية، يبدو أن جعل الطلاب يقرؤون المقاطع جهرياً أكثر فائدة لأنه يعطيهم فرصة إضافية للعمل على الإلقاء والفهم.
وبالمثل نحن نعلم أن القراءة المتكررة لمقطع واحد فعالة للغاية، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت مجموعة المقاطع حول موضوع واحد والتي تمت كتابتها بعناية مع عدد كبير من الكلمات المتكررة يمكن أن تكون متساوية أو حتى أكثر فاعلية. إذا تبين أن قراءة مجموعة من المقاطع فعالة مثل إعادة قراءة مقطع واحد، فمن الممكن تصور استخدام المجموعة لتعزيز طلاقة الطلاب ومفرداتهم ومعرفتهم بالمجال في وقت واحد. (Rippel,2022)