عناد الأطفال

يعدّ العناد عند الأطفال من المشكلات التي يشكو منها معظم المربين من المعلمين أو الآباء والأمهات، وتختلف النظرة التربوية إلى العناد باختلاف المرحلة العمرية التي يظهر فيها هذا السلوك، فقد يكون العناد ظاهرة صحية في مرحلة ما، وقد يكون ظاهرة غير صحية في مرحلة أُخرى، وهذا مما سنوضحه في هذه المقالة.

العناد:

يُقصد بالعناد: العصيان وعدم الإذعان لمطالب الكبار والإصرار على تصرف ما، وربما يكون خطأ أو غير مرغوب فيه، ويمكن أن نعرف العناد بأنه السلبية التي يبديها الطفل تجاه الأوامر والنواهي والإرشادات الموجهة إليه من قبل الكبار من حوله، ولا نعني السلبية فقط. (داغستاني، 2011)

متى يكون العناد ظاهرة صحية؟

العناد هو اللغة التي يعبّر بها الطفل عن استقلاليته، وهذه لغة تظهر على الطفل في سنته الثانية، وتتمثل في المعارضة والإصرار على فعل الأشياء بدون مساعدة غيره، وهي وظيفة إيجابية يسعى من خلالها الطفل للاستقلال وعدم الاعتماد الكلي على الأم. (أبو سعد، 2006)

إن الطفل يشعر في عامه الثاني أو الثالث أنه قد تعلم الشيء الكثير، فأصبح قادراً على المشي والتنقل، وبدأ يفهم الكلام الموجه إليه، وأصبح يعرف أشخاصاً خارج نطاق الأسرة المحيطة به، فإن عناده في هذه المرحلة يكون ظاهرة صحية لأنه يحاول الاستقلال بنفسه والاعتماد على ذاته. (داغستاني، 2011)

الأطفال جميعاً يمرون بفترة من عمرهم يميلون فيها إلى “إثبات الذات” وأحد مظاهره “العناد”، ويقرر العلماء أن الطفل الذي لا يمر بفترة يثبت فيها ذاته وشخصيته هو طفل غير سوي، والعناد الطبيعي غير المبالغ فيه مرحلة طبيعية من مراحل النمو النفسي للطفل، وله أهمية كبيرة في حياة الطفل، والطفل ينتقل من مرحلة العناد والتشبث إلى مرحلة الاستقلال النفسي في الفترة (من الرابعة إلى السادسة)، وكلما كان الأبوان على درجة مقبولة من الصبر والتفاهم مع الطفل، ساعداه على اجتياز هذه الفترة بسلام. (مختار، 1999)

أسباب العناد:

ذكر أبو أسعد والغرير (2009) أسباب العناد، وفيما يأتي أبرز تلك الأسباب:

  1. تقييد حرية الطفل: يتم اتباع نظام معين مع الطفل وإرغامه على اتباعه، ويتم تدخل الوالدين الزائد في حياة الطفل لوقايته، ويتم اتباع مواعيد معينة مثل تمشيط الشعر ويأتي العناد هنا كرد فعل للقمع.
  2. عصبية الآباء وكثرة النقد للأبناء: هنا يثور الآباء لأتفه الأسباب وينتقدون دون مبرر ويصرون على رأيهم.
  3. التذبذب في معاملة الطفل فيكون الأب في صف الطفل والأم على النقيض، وهنا دلال أحياناً وقسوة أحياناً.
  4. علاقة الأم بالطفل: عن طريق المبالغة بحماية الطفل فهو يعاند لكسب انتباه الآخرين.
  5. الإحباط: تعرض الطفل للإحباط مثل عدم حب الأم له وعدم رعايته له أو اهتمامه به وكثرة المنع لما يحبه.
  6. الجو العائلي غير المستقر: الشجار بين الوالدين وكثرة التوترات الانفعالية والخضوع بين الزوجين.

علاج العناد:

أورد داغستاني (2011) طرق علاج مشكلة العناد كالآتي:

أولاً: دراسة حالة الطفل: مع الأخذ بعين الاعتبار ما يأتي:

  1. مزاج الطفل واتزانه.
  2. مجادلته للكبار.
  3. تحدي أوامر الكبار ورفضها في أغلب الأحوال.
  4. مدى استفزازه لمن حوله.
  5. إصرار الطفل على الانتقام.

ثانياً: الإرشاد النفسي السلوكي:

  1. إكساب الوالدين مهارات وطرق التعامل اللازمة كاستخدام الأساليب العلمية السلوكية، مثل أسلوب التجاهل والانطفاء، والتعزيز السلبي أثناء العناد (حرمان الطفل من أشياء يفضله)، والتعزيز الإيجابي أثناء الكف عن العناد (إعطاء الطفل شيء يفضله).
  2. البعد عن إرغام الطفل على الطاعة، وعن اللجوء إلى العقاب.
  3. اتباع الأساليب السوية في التنشئة وإشباع الحاجات النفسية للطفل: الثبات في المعاملة وعدم التمييز في المعاملة بين الأبناء، توفير النموذج والقدوة المناسبة، تجاهل السلوك غير المرغوب فيه في الحالات البسيطة.

مما سبق نلاحظ أن العناد يكون ظاهرة صحية في سن الثانية، وينبغي لأولياء الأمور اتباع أساليب معاملة والدية مناسبة، فردة فعل الوالدين تجاه الطفل وسلوكاتهم قد تؤدي إلى استمرار ظاهرة العناد وتحوّل العناد إلى مشكلة، وللمناخ الأسري أثر كبير في حياة الطفل، فالمناخ الأسري غير السوي ووجود العلاقات المضطربة في الأسرة يؤدي إلى إحداث خلل في شخصية الأبناء، فتظهر مشكلات لدى الأبناء كالعناد والغضب وغيرها.

المراجع:

– أبو أسعد، أحمد، والغرير، أحمد. (2009). التشخيص والتقييم في الإرشاد. دار المسيرة.

– أبو سعد، مصطفى. (2006). الأطفال المزعجون. الإبداع الفكري.

– داغستاني، بلقيس. (2011). مشكلات الطفولة. مكتب التربية العربي لدول الخليج.

– مختار، وفيق. (1999). مشكلات الأطفال السلوكية. دار العلم والثقافة.

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن تعليم

اقرأ ايضاً عن علم النفس