مساعدة الأطفال في التغلب على الآثار النفسية والعاطفية للزلزال

الزلازل قوى جبارة يمكن أن تسبب دماراً هائلاً لمجتمع الطفل أو منزله أو مدرسته، وتتسبب في وفاة أو إصابة الأشخاص الأكثر أهمية للطفل.

وكما رأينا في تركيا وسوريا قد يُترك الطفل يتيماً ومنفصلاً عن أفراد أسرته ومشرداً وحتى معاقاً بسبب الإصابات الشديدة التي سببتها المباني المتضررة والحطام.

قد يبدو الأمر مربكاً عند محاولة مساعدة الطفل على التكيف مع هذه الخسائر، خاصة بعد التعرض لمثل هذا الدمار، ورغم ذلك مع الدعم المناسب من شخص كبير يمكن تعزيز مرونة الأطفال وعملية الشفاء.

ما يمكن توقعه: ردود الأفعال الطبيعية للزلزال

بعد الزلزال وكما هو الحال في معظم الكوارث، هناك ردود أفعال طبيعية للأطفال، سيكون للصدمة التي تعرضوا لها تأثير على روتين الطفل اليومي، ووحدة الأسرة، والمدرسة، وعلاقات الأقران وحتى موقع البيت. تعتبر ردود الأفعال التالية التي تحدث فور وقوع الكارثة ردوداً متوقعة وطبيعية لحالة غير طبيعية ومدمرة.

مرحلة ما قبل المدرسة (2-6 سنوات):

  • بكاء لا يمكن السيطرة عليه
  • التعلق المفرط والخوف من الوحدة
  • السلوك النكوصي
  • حساسية للضوضاء العالية
  • الارتباك والطبع الحاد
  • مشاكل الأكل

سن المدرسة (7-12 سنة):

  • شكاوى جسدية غير محددة (الأوجاع والآلام)
  • تغيرات في شهية الأكل
  • تغيرات في النوم (صعوبة في النوم، أحلام مزعجة)
  • حزن
  • الانسحاب من الأقران
  • حدة في الطبع
  • النحيب، التعلق
  • العدوان
  • التهرب من المدرسة وفقدان الاهتمام وصعوبة التركيز في المدرسة
  • السلوك النكوصي
  • تمرد في المنزل أو في المدرسة

سن المدرسة (13-18 سنة):

  • شكاوى جسدية غير محددة (الأوجاع والآلام)
  • تغيرات في شهية الأكل
  • تغيرات في النوم (كوابيس، صعوبة في النوم)
  • الحزن
  • الانسحاب والعزلة
  • حدة في الطبع
  • مخاوف وقلق مفرط
  • الهياج واللامبالاة
  • السلوكيات الخطرة
  • التركيز الضعيف
  • فقدان الأمل
  • مشاعر اليأس والعجز. (Morganstein,2019)

مراحل الحزن

الإنكار: المرحلة الأولى تتكون من رفض تصديق ما حدث، وخلال هذه المرحلة يعتقد الأطفال أن الفقدان إما لم يحدث أو يتظاهرون بأن كل شيء على ما يرام.

الغضب: بمجرد أن يتوقف الطفل عن إنكار حدوث الصدمة يتبعه الغضب غالباً. يمكن أن يتجلى الغضب بعدة طرق، بدءاً من إلقاء اللوم على الآخرين فيما حدث إلى تحويل الغضب إلى الداخل وإلقاء اللوم على النفس.

المساومة: يتلاشى الغضب بعد ذلك في محاولات للتغلب على الصدمة، ويلجأ الأطفال إلى هذه الاستراتيجية العاطفية على أمل أن هذا سيغيّر ما حدث.

الحزن: عندما يدرك الطفل أن الخسارة باقية، تبدأ مشاعر الحزن، وغالباً ما تكون هذه المرحلة الأكثر صعوبة.

التقبل: خلال هذه المرحلة يتقبل الطفل الفقدان ويمكنه المضي قدماً في حياته. وبعدها تتحسن طاقته وينظر للمستقبل ويعود إلى المستوى السابق من الأداء.

أسلوب الحزن

من الطبيعي أن يشعر الطفل في أعقاب الزلزال الشديد بالحزن على فقدان أحبائه والحيوانات الأليفة ولعب الأطفال والمنزل أو المجتمع.

تعتمد شدة ومدة رد فعل الفرد على الحزن على مدى أهمية ما فقده، ويمر الأفراد بمراحل مختلفة من الحزن، ويمكن لمعظم الأطفال العودة إلى المستوى السابق من الأداء العاطفي في غضون عدة أسابيع، ورغم ذلك في بعض الأحيان قد يصبح الفرد عالقاً في حالة واحدة ويواجه صعوبة في الانتقال إلى الحالة التالية أو قد يتخطى مرحلة ليعود إليها لاحقاً.

كيف يمكنك مساعدة طفلك؟

الشعور بالأمان: يتطلع طفلك إليك ليشعر بالأمان والطمأنينة. يمكن لقدرتك على التزام الهدوء أن تفعل الكثير لطفلك. شارك بعبارات بسيطة ما تشعر به واشرح الطرق التي تحاول بها التعامل مع ما حدث. أكِّد أنك والناس الآخرين تبذلون قصارى جهدكم للتأكد من أن الناس آمنون وبعيدون من الأذى.

كن مصغياً: دع أطفالك يطرحون الأسئلة، وضع بعين الاعتبار أنك قد تحتاج إلى تبسيط بعض المعلومات التي يصعب عليهم فهمها.

احترم كل المشاعر: قد تختلف مشاعر وأفكار وردود أفعال أطفالك عن مشاعرك.

المرحلة العمرية: يتفاعل كل طفل مع الكوارث وفقاً لمرحلة نموه العاطفية، وتعطي كل مرحلة للطفل فهماً جديداً للعالم وكيف تحدث الأمور من حوله، لذلك من احرص على شرح الأحداث بالكلمات التي يمكن للطفل فهمها.

التعبير من خلال اللعب والفن: قد لا يرغب بعض الأطفال في التحدث عن مشاعرهم أو مخاوفهم، لذا ساعدهم على التعبير عما يشعرون به من خلال الرسم أو اللعب أو الكتابة أو الأنشطة الأخرى المناسبة لعمرهم.

تصحيح المعلومات: لن يتلقى طفلك معلومات حول الكارثة منك فقط، ولكن أيضاً من أقرانه ووسائل الإعلام، لذا اسأل طفلك عما يعرفه، ودعه إن أراد أن يشرح بكلماته الخاصة الزلزال وآثاره، سيوفر هذا لك فرصة لتوضيح أي معلومات أو مفاهيم خاطئة.

التثقيف: قد تحتاج إلى تقديم شرح حول ما هي الهزات الارتدادية، وأنها ستصبح أقل عدداً وأقل قوة مع مرور الوقت، زوّد الأطفال بالمعلومات الأساسية والدقيقة التي يحتاجون إليها، وتجنب التفاصيل لأنها من المحتمل أن تكون مزعجة.

قلل تعرض الطفل للتغطية الإعلامية حول الزلزال: إن مشاهدة الصور أو سماع أوصاف الزلزال وآثاره لن يؤدي إلا إلى زيادة قلق الطفل، فعلى سبيل المثال قد لا يفهم الطفل الصغير أن اللقطات الإعلامية للمباني المنهارة أو الضحايا المذهولين هي إعادة عرض لحدث وقد يعتقد أن زلزالاً جديداً قد حدث.

التواصل: تحدّث عن الطرق التي يمكن لطفلك من خلالها مساعدة ضحايا الزلزال الآخرين، يمكن لكتابة البطاقات أو إرسال الرسومات أو التطوع أن يساعدك أنت وطفلك على المساهمة في عملية التعافي المجتمعي.

ادعم نفسك: نفّس عن مخاوفك إلى شخص بالغ مهتم آخر، وليس إلى طفلك. (Riseandshine.childrensnational.org, 2023)

متى تتصل بأخصائي الصحة النفسية؟

قد لا تظهر بعض ردود الفعل الطبيعية الموصوفة أعلاه على الفور، أو قد تحدث بعد أسابيع من وقوع الزلزال، عند حدوثها خلال الأسابيع القليلة التي تلي الصدمة، تكون ردود أفعال طفلك طبيعية ومتوقعة. إذا تسبب الزلزال في نزوحك أنت وعائلتك وتسبب في اضطراب شديد في الروتين العادي، فقد يحتاج الطفل إلى وقت أطول للتعافي، وإذا استمرت ردود الفعل العاطفية لطفلك لفترة أطول من 4 إلى 6 أسابيع أو كانت مصحوبة بضعف وظيفي كبير، فعليك طلب المساعدة من أخصائي الصحة العقلية.

إذا كان طفلك لا يستطيع التوقف عن التفكير في الزلزال، واستمرت الأفكار أو المشاعر أو الصور المؤلمة في ذهنه، فلابد من إحالته إلى طبيب نفسي للأطفال والمراهقين أو أخصائي اجتماعي أو أخصائي نفسي أو غيره من متخصصي الصحة النفسية ممن لديه خبرة في العمل مع الأطفال.  (Morganstein,2019)

العيش في منطقة معرضة للزلازل

إذا لم تكن قد نزحت بسبب الزلزال أو قررت العودة إلى المنزل بعد النزوح، فقد تكون لدى طفلك مخاوف مرتبطة بالعيش في منطقة وقع فيها الزلزال.

خطط مع طفلك حول ما يجب القيام به للاستعداد لزلزال في المستقبل، ويجب أن تتضمن الخطة مكان البحث عن المأوى والأمان، بالإضافة إلى طرق التواصل مع بعضكما والعثور على بعضكما البعض في حالة الانفصال أثناء الزلزال أو بعده.

نظراً لأن طفلك قد يكون في المدرسة عند وقوع كارثة، فاطلع على خطة الطوارئ المدرسية وتأكد من أن خطتك الخاصة متوافقة مع خطة المدرسة. يمكن أن يوفر وجود خطة عائلية للطفل إحساساً بالسيطرة على الخطر والمساعدة في تهدئة المخاوف. (Riseandshine.childrensnational.org, 2023)

نشاط المكان الآمن

ادع طفلك أو مجموعة من الأطفال لرسم أو إنشاء صورة لمكان يشعر فيه بالأمان والراحة، بعد ذلك اطلب من طفلك أن يصف المكان الذي أنشأه، واعتماداً على ما تم إنشاؤه، يمكنك طرح أسئلة مثل كيف يبدو المكان؟ ما الذي تسمعه وتشمه وتشعر به وتلمسه وتتذوقه في هذا المكان؟ ما يوجد فيه من الأشياء؟ هل هناك أشخاص مميزون تود أن يكونوا هناك للحفاظ على سلامتك؟  استخدم هذا النشاط للتعرف على ما يساعد طفلك على الشعور بالهدوء والأمان، ومن خلال المعلومات التي تم تعلمها يمكنك مساعدة طفلك في أوقات التوتر من خلال إعادة إنشاء هذا المكان الآمن بألعاب أو أصوات أو أشياء أخرى مهدئة.

المراجع:

Helping children with the psychological and emotional aftermath of an earthquake. (2023). Riseandshine.childrensnational.org. https://riseandshine.childrensnational.org/helping-children-with-aftermath-of-an-earthquake/

Morganstein, Joshua C. (2019). Coping After Disaster. https://www.psychiatry.org/patients-families/coping-after-disaster-trauma

Supporting kids after earthquakes and other scary events. Allright.org.nz. https://legacy.allright.org.nz/articles/earthquakes-and-other-scary-events/

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن الصحة النفسية