نموذج النقل التدريجي للمسؤولية

من خلال اتباع أسلوب تدريجي في التعلم، يمكن للمعلم توجيه طلابه لتحقيق الاستقلالية والتعلم الشخصي، ويساعد نموذج النقل التدريجي للمسؤولية الطلاب على تطوير المهارات التي يحتاجون إليها ليصبحوا متعلمين مستقلين.

ما هو نموذج النقل التدريجي للمسؤولية؟

نموذج النقل التدريجي للمسؤولية هو استراتيجية تعليمية تتميز بسلسلة من الأنشطة التعليمية التي تنقل المسؤولية من المعلم إلى الطالب، والهدف من هذا النهج هو استقلالية وفعالية الطلاب، والقدرة على الفهم بأنفسهم. (Heick, 2021 )

تتمحور هذه الطريقة في للتدريس حول فكرة أن المعلم سيضع نموذجاً لمهارة أو استراتيجية لبضع دقائق، ويسمح للطلاب لفترة وجيزة بالتدرب مع بعض الدعم، ثم يترك الطلاب لبدء التدريب بأنفسهم.

ويمكن اختصار هذه الطريقة بالخطوات الموضحة بالشكل الآتي:

أرني، ساعدني، دعني

إن أفضل الممارسات التربوية التي تطبق في عملية التعلم وأهمها هي النمذجة (أرني)، والدعم من قبل المعلم (ساعدني)، والنقل (دعني) أي السماح للطالب بالعمل دون الحاجة للمعلم.

على سبيل المثال في درس الرياضيات يمكن أن تساعد طريقة النقل التدريجي الطلاب حين يشرح المعلم أولاً المهارات والمفاهيم التي سيتعلمونها معاً ويقدم العديد من أمثلة المسائل الرياضية، ثم يتمرن الطلاب على حل بعض الأمثلة مع إمكانية طرح الأسئلة على المعلم، وفي المرحلة الأخيرة يُتوقع من الطلاب حل المعادلات دون مساعدة أو تلميحات. (Mosby,2022)

كيف يمكن دمج نموذج النقل التدريجي في المجموعات التعاونية؟

قدّم طريقة تفكيرك: يستفيد الطلاب الذين يواجهون صعوبات بشكل كبير من سماع طريقة حل المشكلة والتفكير في حل المشكلة، وهذا هو الوقت المناسب للطلاب للاستماع بنشاط وتدوين الملاحظات وطلب التوضيح. “أعتقد …” أو “أتساءل …”، أو “أتوقع ….” هي أنواع العبارات التي سيسمعها الطلاب.

  • عندما أرى مشكلة كهذه فأنا أفعل كذا وكذا.
  • لقد لاحظتُ أن كلا الكسرين لهما مقام _____.
  • أعلم أن الرقم 4 يقبل القسمة على 2 لذا ____.

اسأل الطلاب خلال الشرح: هناك قوة كبيرة في استجواب الطلاب بدلاً من تقديم الإجابات الجاهزة.

  • ماذا تلاحظ بشأن ______؟
  • لاحظت أن شيئاً ما لا خاطئ هنا، ماذا ترى؟
  • هل هناك طريقة أخرى للوصول إلى نفس النتيجة؟

العمل في مجموعات:

  • علم الطلاب كيفية تدريب بعضهم بعضاً.
  • اطلب من الطلاب التحقق من عمل بعضهم بعضاً قبل النظر إليه.
  • اطلب من الطلاب العمل معاً لحل المشكلة نفسها، بالتناوب في كل خطوة.

فهم المراحل الخمسة لنموذج النقل التدريجي للمسؤولية:

1. عدم وجود وعي:

في هذه المرحلة من التعلم يقدم المعلم مهارة أو استراتيجية مركزة للطلاب مستخدماً الوسائل التعليمية الجذابة، يقوم المعلم بنمذجة ما وراء المعرفة من خلال التفكير بصوت عالٍ حتى يتمكن الطلاب من رؤية مثال على كيفية التفكير في هذه المعلومات الجديدة.

عندما يتم توعية الطلاب بالمعلومات الجديدة فإنها تدخل ذاكرتهم المباشرة داخل الدماغ، وهنا تقرر ذاكرتك المباشرة في غضون 30 ثانية تقريباً ما إذا كان لديك معرفة مسبقة بهذه المعلومات الجديدة، وإذا لم يكن الأمر كذلك فستبدأ تلقائياً في تصفيتها.

وكما يشير عالم الأعصاب التربوي ديفيد سوزا في كتابه كيف يتعلم الدماغ، من المهم بناء جسر من المعرفة السابقة إلى المعرفة الجديدة حتى يتمكن الطلاب من المشاركة في هذه المهمة الجديدة ونقلها إلى الذاكرة العاملة.

2. الإدراك:

بعد أن يدخل الطلاب مرحلة الوعي، يستمر المعلم في القيام بمعظم العمل حول المفهوم الجديد، ولكنه يبدأ في دعوة الطلاب للتفاعل بشكل أكبر؛ مثل مناقشتهم حول موضوع الدرس، أو جعل الطلاب يساعدون المعلم في خطوات حل مسألة رياضية.

في هذه المرحلة يتفاعل الدماغ مع المعلومات الموجودة في الذاكرة العاملة، وضع في اعتبارك أن الذاكرة العاملة يمكنها الاحتفاظ فقط ببضع أجزاء من المعلومات في كل مرة، وإذا لاحظت بأن الطلاب بدؤوا بالتشتت، فهذا مؤشر أنك قدمت كماً كبيراً من المعلومات؛ فعندما تحافظ على تركيز المحتوى الذي تقدمه وتوفر للطلاب وقتاً لمعالجة المفهوم وممارسته ستظل أدمغتهم في حالة تركيز.

3. عمل الطالب بمساعدة الآخرين:

الآن يمكن للطلاب ممارسة المفهوم الجديد بدعم من الآخرين، مثل العمل في مجموعة صغيرة مع الطلاب الآخرين، أو العمل مع قرين لديه مهارة أكبر، أو العمل مع المعلم والبدء في ممارسة المهام والتحدث عنها خطوة بخطوة. يستخدم الطلاب العمليات المعرفية لمساعدتهم على تحديد ما يعرفونه والتفكير في المجالات التي لا يزالون يحتاجون فيها إلى الدعم أو التدخل.

4. عمل الطالب مع دعم قليل:

في هذه المرحلة يتم منح الطلاب فرصاً متعددة لممارسة المهام وقد أصبحوا الآن مستعدين لتولي المزيد من العمل بمفردهم مع دعم قليل، فعلى سبيل المثال قد يقرأ الطالب بشكل مستقل ويكتب ملخصاً حول أحداث القصة مستخدماً نموذجاً يقدمه المعلم.

في هذه المرحلة يكون الدماغ قد تلقى تكراراً للمفهوم الذي يتم تدريسه وبطرق مختلفة، وهذا يسمح للمعلومات الموجودة في الذاكرة العاملة بتقوية المسارات اللازمة لاستدعاء المفهوم بسرعة وبشكل تلقائي.

ضع في اعتبارك إعادة الطلاب معاً من أجل التفكير في التعلم أو مشاركته، بحيث تستمر هذه المسارات في التعزيز ويظل المحتوى مناسباً.

5. المهام المستقلة:

في هذه المرحلة الأخيرة من النقل التدريجي للمسؤولية، وفيها يتم منح الطلاب الأدوات والوقت ليكونوا قادرين على الحصول على معلومات جديدة ويكونون مستعدين لإظهار وتطبيق ما تعلموه. يمكن أن يشمل ذلك إجراء تقييم أو إنشاء عرض تقديمي أو تعليم شخص آخر ما تعلموه أو ببساطة أداء المهمة بشكل مستقل.

المهم في هذه المرحلة أن الطالب قد امتلك السيطرة على المهمة الموكلة له، والدماغ قادر على استرجاع المعلومات بسرعة لتطبيقها في مسارات مواقف جديدة.

من المهم أن تضع في اعتبارك أيضاً أنه بينما يعمل الطلاب خلال المراحل السابقة لزيادة استقلاليتهم، لا يفترض أن تسير المراحل في اتجاه واحد فقط؛ فقد يحتاج الطلاب، وغالباً ما يحتاجون، إلى التنقل ذهاباً وإياباً بين المستويات أثناء تطويرهم للكفاءة حول إحدى المهارات أو المفاهيم.

المراجع:

وسوم

عن الكاتب

مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

مركز بحثي يختص بالعلوم التربوية والنفسية، والاستشارات الاجتماعية والتنموية، في جوانبها النظرية والتطبيقية، ويعنى باحتياجات المجتمع سواء داخل سورية أو في بلدان اللجوء

اقرأ لـ مركز مداد للدراسات والبحوث التربوية

اقرأ ايضاً عن استراتيجية التدريس

اقرأ ايضاً عن تعليم