استجابة الحزن عند الأطفال
ابتسام كوربلال
مارس 5, 2023
3 دقائق
ابتسام كوربلال
مارس 5, 2023
3 دقائق
يبدي معظم الناس استجابة الحزن كرد فعل نتيجة التعرض لحدث صادم أو فقدان شخص عزيز، ويعدّ الحزن رد فعل طبيعي يمر به جميع الأشخاص بمختلف أعمارهم، وتظهر أنواع نموذجية من الأفكار والمشاعر والسلوكيات، وإن كان ذلك بنمط وشدة تختلف وتتطور بمرور الوقت.
ويختلف الأطفال عن الكبار في طريقة تعبيرهم عن الحزن، وقد نشعر بأنهم غير مهتمين أولا يدركون ذلك، لذلك في هذا المقال سنلقي الضوء على مفهوم استجابة الحزن عند الأطفال، كيف يحزن الأطفال؟ والمراحل التي يمر بها الحزن، والفرق بين الصغار والكبار في الحزن، وردود الفعل العاطفية للوفاة عند الأطفال، وما استراتيجيات التعامل مع حزن الأطفال؟
عرفت (السراج، 2011) نقلاً عنJudithA. Cohen. Mannrion and Esther : استجابة الحزن بأنها فقدان الطفل لشخص عزيز بشكل مفاجئ غير متوقع ويرتبط هذا الفقدان بالرعب والعنف أو عندما يتعرض لتفاصيل مصورة مثل: الدم وأجزاء الجسم المقطعة للشخص أو أن يكون هو أول من رأى جثة الشخص العزيز، فربما يطور حالة تسمى حزن الطفولة الصادم.
يختلف رد فعل الطفل تجاه وفاة أحد أفراد أسرته تبعاً لعمره وتجارب حياته السابقة. الأطفال مختلفون، ويمكن تطبيق الأمثلة التالية على الاستجابات المرتبطة بالعمر على الأطفال من مختلف الأعمار والقدرة الفكرية.
غالباً ما لا يفهم الأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات أن الموت دائم وقد يسألون عما إذا كان الشخص الذي مات قد عاد. قد يظهرون سلوكيات أخرى مثل التشبث بمقدم الرعاية أو إظهار بعض السلوكيات التراجعية مثل تبليل الفراش. هذه السلوكيات شائعة جداً وستتوقف عادةً بعد مرور فترة زمنية معينة.
يبدأ الأطفال الأكبر سناً الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً في فهم أن الموت إلى الأبد (على الرغم من أن بعض الأطفال في سن 6 سنوات سيظلون يعانون من هذا المفهوم) وقد يقلقون من موت أفراد الأسرة والأصدقاء المحبوبين الآخرين. قد يبدؤون في طرح المزيد من الأسئلة ويرغبون في فهم ما حدث. قد يظهرون حزنهم من خلال الغضب ويعانون من آلام جسدية.
يدرك المراهقون الصغار من سن 12 عاماً تقريباً أن الموت لا رجعة فيه ويحدث للجميع، بما في ذلك أنفسهم، وغالباً ما يهتمون بفهم سبب حدوث الأشياء، وتختلف ردود أفعالهم ويمكن أن تشمل اللامبالاة والغضب والحزن الشديد وضعف التركيز.
تذكر أنه لا توجد طريقة “صحيحة” للحزن، ولا توجد مراحل محددة يجب أن تظهر فيها مشاعر أو سلوكيات مختلفة، ستختلف ردود أفعال الأطفال بشكل كبير اعتماداً على سنهم، وقدرتهم الفكرية، وعلاقتهم بالشخص الذي مات، وكيف يستجيب أفراد الأسرة الآخرون، والثقافة والمجتمع الذي يعيشون فيه. (منظمة اليونسف).
لقد قدمت الطبيبة كوبلر راس ما يسمى بنموذج دورة الحزن أو ما يعرف (بمراحل الحزن الخمس) ويوضح هذا النموذج الخط الزمني للحزن من حيث الطريقة التي يتعامل بها الأفراد مع حزن الفقد وتتمثل هذه المراحل في الإنكار، والغضب، والمساومة، والاكتئاب، والقبول.
وهي استراتيجيات للتكيف عند معظم الأفراد الذين مروا بصدمات عاطفية مثل وفاة أحد الأفراد المقربين.
المرحلة الأولى الإنكار: وهي بداية الصدمة ومواجهتها وجها لوجه.
حيث يرفض الشخص تقبل واقع الفقد ويتعامل مع الصدمة وكأنها لم تحدث بالفعل.
المرحلة الثانية الغضب: عندما تبدأ كل مشاعر النكران بالظهور ويستيقظ عقل المتعرض للصدمة فينتقل إلى المرحلة التالية، وهي الغضب الممزوج بالحزن وفيها يبدأ الفرد في إلقاء اللوم على نفسه أو على الأشياء أو على الآخرين.
المرحلة الثالثة المساومة: بعد مرحلة الغضب تبدأ مرحلة المساومة والتمني وتعد هذه المرحلة شكلاً من أشكال الهدنة المؤقتة، وغالباً ما يصاحب الفرد الشعور بالذنب والرغبة في المساومة.
المرحلة الرابعة الاكتئاب: وهي أولى مراحل الاعتراف بالواقع، فبعد انتهاء مرحلة الإنكار والغضب، والاقتناع بفشل مرحلة المساومة، يبدأ الفرد بالاعتراف بحدوث الصدمة وقبول واقعه الجديد.
ويعد الاكتئاب استجابة طبيعية عند الفقد وإحدى الخطوات الضرورية لإتمام عملية الشفاء.
المرحلة الخامسة القبول: بعد الخروج من حالة الاكتئاب تبدأ المرحلة الأخيرة وهي العودة للاستقرار النفسي والذهني وقبول الواقع والتعايش مع الصدمة بشكل صحي.
ويعد نموذج دورة الحزن أكثر اعتماداً وانتشاراً مراحل الحزن وهو أيضاً مفيد لفهم ردود الفعل الشخصية والعاطفية تجاه الفقد بغض النظر عن أسباب الوفاة. (الحضري، 2019).
إن إنكار الموت على المدى الطويل أو تجنب الحزن هو أمر غير صحي للأطفال وقد يعاود الظهور لاحقاً بمشاكل أكثر خطورة، فقد أوصى موقع الصحة النفسية الأمريكية ببعض النصائح لمساعدة الطفل للتغلب على الفقد والخسارة:
وفي صدد ذلك أشار(Lancia, 2021) إلى أهمية الرسم والكتابة في مساعدة الطفل على التعبير عن حزهم تجاه المتوفى مما يساعدهم على التعافي.
أخيراً على الرغم من أن الأطفال لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم بالحزن لكن هذا لا يعني أن نتجاهلهم بل يجب أن نقدم لهم الدعم ونشجعهم على التعبير عن مشاعرهم، فنحن لا نستطيع منع أطفالنا من الحزن لكن يمكننا مساعدتهم على التأقلم بطرق صحية.