استجابة الحزن عند الأطفال

يبدي معظم الناس استجابة الحزن كرد فعل نتيجة التعرض لحدث صادم أو فقدان شخص عزيز، ويعدّ الحزن رد فعل طبيعي يمر به جميع الأشخاص بمختلف أعمارهم، وتظهر أنواع نموذجية من الأفكار والمشاعر والسلوكيات، وإن كان ذلك بنمط وشدة تختلف وتتطور بمرور الوقت.

ويختلف الأطفال عن الكبار في طريقة تعبيرهم عن الحزن، وقد نشعر بأنهم غير مهتمين أولا يدركون ذلك، لذلك في هذا المقال سنلقي الضوء على مفهوم استجابة الحزن عند الأطفال، كيف يحزن الأطفال؟ والمراحل التي يمر بها الحزن، والفرق بين الصغار والكبار في الحزن، وردود الفعل العاطفية للوفاة عند الأطفال، وما استراتيجيات التعامل مع حزن الأطفال؟

تعريف استجابة الحزن عند الأطفال:

عرفت (السراج، 2011) نقلاً عنJudithA. Cohen. Mannrion and Esther : استجابة الحزن بأنها فقدان الطفل لشخص عزيز بشكل مفاجئ غير متوقع ويرتبط هذا الفقدان بالرعب والعنف أو عندما يتعرض لتفاصيل مصورة مثل: الدم وأجزاء الجسم المقطعة للشخص أو أن يكون هو أول من رأى جثة الشخص العزيز، فربما يطور حالة تسمى حزن الطفولة الصادم.

كيف يحزن الأطفال؟

يختلف رد فعل الطفل تجاه وفاة أحد أفراد أسرته تبعاً لعمره وتجارب حياته السابقة. الأطفال مختلفون، ويمكن تطبيق الأمثلة التالية على الاستجابات المرتبطة بالعمر على الأطفال من مختلف الأعمار والقدرة الفكرية.

غالباً ما لا يفهم الأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات أن الموت دائم وقد يسألون عما إذا كان الشخص الذي مات قد عاد. قد يظهرون سلوكيات أخرى مثل التشبث بمقدم الرعاية أو إظهار بعض السلوكيات التراجعية مثل تبليل الفراش. هذه السلوكيات شائعة جداً وستتوقف عادةً بعد مرور فترة زمنية معينة.

يبدأ الأطفال الأكبر سناً الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً في فهم أن الموت إلى الأبد (على الرغم من أن بعض الأطفال في سن 6 سنوات سيظلون يعانون من هذا المفهوم) وقد يقلقون من موت أفراد الأسرة والأصدقاء المحبوبين الآخرين. قد يبدؤون في طرح المزيد من الأسئلة ويرغبون في فهم ما حدث. قد يظهرون حزنهم من خلال الغضب ويعانون من آلام جسدية.

يدرك المراهقون الصغار من سن 12 عاماً تقريباً أن الموت لا رجعة فيه ويحدث للجميع، بما في ذلك أنفسهم، وغالباً ما يهتمون بفهم سبب حدوث الأشياء، وتختلف ردود أفعالهم ويمكن أن تشمل اللامبالاة والغضب والحزن الشديد وضعف التركيز.

تذكر أنه لا توجد طريقة “صحيحة” للحزن، ولا توجد مراحل محددة يجب أن تظهر فيها مشاعر أو سلوكيات مختلفة، ستختلف ردود أفعال الأطفال بشكل كبير اعتماداً على سنهم، وقدرتهم الفكرية، وعلاقتهم بالشخص الذي مات، وكيف يستجيب أفراد الأسرة الآخرون، والثقافة والمجتمع الذي يعيشون فيه. (منظمة اليونسف).

مراحل الحزن:

لقد قدمت الطبيبة كوبلر راس ما يسمى بنموذج دورة الحزن أو ما يعرف (بمراحل الحزن الخمس) ويوضح هذا النموذج الخط الزمني للحزن من حيث الطريقة التي يتعامل بها الأفراد مع حزن الفقد وتتمثل هذه المراحل في الإنكار، والغضب، والمساومة، والاكتئاب، والقبول.

وهي استراتيجيات للتكيف عند معظم الأفراد الذين مروا بصدمات عاطفية مثل وفاة أحد الأفراد المقربين.

المرحلة الأولى الإنكار: وهي بداية الصدمة ومواجهتها وجها لوجه.

حيث يرفض الشخص تقبل واقع الفقد ويتعامل مع الصدمة وكأنها لم تحدث بالفعل.

المرحلة الثانية الغضب: عندما تبدأ كل مشاعر النكران بالظهور ويستيقظ عقل المتعرض للصدمة فينتقل إلى المرحلة التالية، وهي الغضب الممزوج بالحزن وفيها يبدأ الفرد في إلقاء اللوم على نفسه أو على الأشياء أو على الآخرين.

المرحلة الثالثة المساومة: بعد مرحلة الغضب تبدأ مرحلة المساومة والتمني وتعد هذه المرحلة شكلاً من أشكال الهدنة المؤقتة، وغالباً ما يصاحب الفرد الشعور بالذنب والرغبة في المساومة.

المرحلة الرابعة الاكتئاب: وهي أولى مراحل الاعتراف بالواقع، فبعد انتهاء مرحلة الإنكار والغضب، والاقتناع بفشل مرحلة المساومة، يبدأ الفرد بالاعتراف بحدوث الصدمة وقبول واقعه الجديد.

ويعد الاكتئاب استجابة طبيعية عند الفقد وإحدى الخطوات الضرورية لإتمام عملية الشفاء.

المرحلة الخامسة القبول: بعد الخروج من حالة الاكتئاب تبدأ المرحلة الأخيرة وهي العودة للاستقرار النفسي والذهني وقبول الواقع والتعايش مع الصدمة بشكل صحي.

ويعد نموذج دورة الحزن أكثر اعتماداً وانتشاراً مراحل الحزن وهو أيضاً مفيد لفهم ردود الفعل الشخصية والعاطفية تجاه الفقد بغض النظر عن أسباب الوفاة. (الحضري، 2019).

الفرق بين حزن الأطفال وحزن الكبار:

  1. يتعارض النمو المعرفي غير الناضج لدى الأطفال مع فهمهم بشأن حتمية الموت.
  2. الأطفال لديهم قدرة محدودة على تحمل الألم العاطفي.
  3. الأطفال لديهم قدرة محدودة على التعبير عن مشاعرهم.
  4. الأطفال قادرون على التعبير عن مشاعرهم عن طريق العلاج باللعب.
  5. قد تحدث مشاعر الخسارة الحادة لدى الأطفال على شكل طفرات على مدى سنوات عديدة.
  6. الأطفال لديهم حساسية بشأن الاختلاف عن أقرانهم، فالموت في أسرهم يجعلهم يشعرون بالاختلاف وعدم الارتياح، لذلك قد لا يرغبون في الاعتراف بالموت. (Webb, 2011, (p.17

ردود الفعل العاطفية الشائعة للوفاة بين الأطفال:

  1. اللامبالاة.
  2. الانطواء العاطفي.
  3. العجز والشعور بالذنب والندم وخفض احترام الذات.
  4. الغضب والتهيج ونفاذ الصبر.
  5. الحزن والاكتئاب والخوف وعدم الأمان والقلق.
  6. فرط الحساسية، والاضطرابات العاطفية.
  7. الشوق، والوحدة، والعزلة، والغيرة. Emswiler, 2009, P.27) )

استراتيجيات التعامل مع حزن الأطفال:

إن إنكار الموت على المدى الطويل أو تجنب الحزن هو أمر غير صحي للأطفال وقد يعاود الظهور لاحقاً بمشاكل أكثر خطورة، فقد أوصى موقع الصحة النفسية الأمريكية ببعض النصائح لمساعدة الطفل للتغلب على الفقد والخسارة:

  1. أجب عن أسئلتهم حول الموت ببساطة وصدق، وقدم فقط التفاصيل التي يمكنهم استيعابها.
  2. امنحهم فرصة للتحدث عن مخاوفهم والتحقق من صحة مشاعرهم، قدم تعبيراً بسيطاً عن الحزن وخذ وقتاً في الاستماع إليهم.
  3. قد يستغرق التعافي من الفقد وقتاً طويلاً فكن صبوراً في التعامل معهم.
  4. قدم لهم الطمأنينة.
  5. اجعل نفسك متاحاً للتحدث، فالأطفال قد يحزنون بشكل دوري، فذكرى الوفاة قد توقظ الحزن لديهم من جديد.
  6. حافظ على روتين منتظم قدر الإمكان قد يحزن الأطفال على السلوك المتغير للعائلة والأصدقاء وعلى البيئة التي كانت موجودة قبل الوفاة.

وفي صدد ذلك أشار(Lancia, 2021)   إلى أهمية الرسم والكتابة في مساعدة الطفل على التعبير عن حزهم تجاه المتوفى مما يساعدهم على التعافي.

أخيراً على الرغم من أن الأطفال لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم بالحزن لكن هذا لا يعني أن نتجاهلهم بل يجب أن نقدم لهم الدعم ونشجعهم على التعبير عن مشاعرهم، فنحن لا نستطيع منع أطفالنا من الحزن لكن يمكننا مساعدتهم على التأقلم بطرق صحية.

المراجع:

  • Wmswiler.Mary Ann, James p. Emswiler. (2009). GUIDING YOUR CHILD THROUGH GRIEF. Random House Pubishing Group.
  • Webb, Nancy Boyd. (2011). Helping Bereaved Children. Guilfford Press.

وسوم

عن الكاتب

ابتسام كوربلال

اقرأ لـ ابتسام كوربلال

اقرأ ايضاً عن الصحة النفسية

اقرأ ايضاً عن علم النفس